سياسة دولية

أربعة من بين كل عشرة بريطانيين مستعدون لإنهاء صداقتهم بسبب اختلاف الرأي بشأن غزة

أكدت وزيرة التنمية البريطانية جيني تشابمان أن الوضع في فلسطين مأساوي فاقمتها القيود الإسرائيلية – عربي21
أكدت وزيرة التنمية البريطانية جيني تشابمان أن الوضع في فلسطين مأساوي فاقمتها القيود الإسرائيلية – عربي21
كشفه استطلاع جديد أن أربعة من كل عشرة بريطانيين قد يفكرون في إنهاء علاقاتهم الشخصية بسبب اختلاف المواقف من حرب الإبادة في قطاع غزة، ووجد بحث أجرته مؤسسة "مور إن كومون يو كى" البحثية أن 43 بالمئة من مؤيدي فلسطين مستعدون لإنهاء صداقتهم مع شخص يدعم "إسرائيل".

وبحسب صحيفة "الإندبندنت"، فإن الاستطلاع الذي أجراه المركز يشمل نحو ألفي شخص، وأظهر أن التعاطف الشعبي تجاه فلسطين تصاعد بشكل ملحوظ خلال العامين الماضيين منذ العدوان الإسرائيلي الواسع على غزة عقب أحداث 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، وأن النقاش حول القضية الفلسطينية لم يعد سياسيًا فحسب، بل أصبح جزءًا من الهوية الاجتماعية للأفراد.

اظهار أخبار متعلقة


وقال 43 بالمئة من المتعاطفين مع فلسطين إنهم قد ينهون صداقة مع شخص يتبنى مواقف داعمة لـ"إسرائيل" على منصات التواصل، كما عبّر 46 بالمئة من المتعاطفين مع دولة الاحتلال عن استعداد مماثل تجاه من ينشرون محتوى مؤيدًا لفلسطين، ورغم هذا، يشير الاستطلاع إلى أن غالبيّة البريطانيين ترى القضية أعقد من اختزالها في "معسكرين"، وأن كثيرين يعتبرون أن الظلم يمكن أن "يصيب المدنيين في الجانبين، ما يجعلهم مترددين في إعلان مواقف واضحة".

ومع ذلك، تبرز حقيقة ثابتة بحسب الصحيفة البريطانية مفادها، أن القضية الفلسطينية أصبحت محورًا رئيسيًا في النقاش البريطاني العام، وتشغل حيزًا لم تبلغه أي قضية دولية أخرى في السنوات الأخيرة، فمن الشوارع إلى العلاقات الشخصية، لم تعد القضية محصورة في المسيرات الضخمة التي تملأ شوارع لندن ومدن أخرى أسبوعيًا، بل امتد أثرها إلى المجال الشخصي، فثلاثة أرباع المشاركين قالوا إنهم لا يشعرون بالراحة للحديث عن العدوان على غزة على وسائل التواصل، فيما قال نحو 30 بالمئة إنهم يترددون حتى في طرحها مع أصدقائهم، ويعكس هذا التحول أن فلسطين، بما تمثله من رمزية سياسية وإنسانية، أصبحت اختبارًا للعلاقات الاجتماعية، ومرآة للانتماءات الأخلاقية في نظر كثيرين.

وتشهد بريطانيا مسيرات حاشدة أسبوعيًا، وموجات مقاطعة واسعة لمنتجات وشركات مرتبطة بـ"إسرائيل"، وعودة قوية لحركة التضامن مع فلسطين، وفي المقابل، يرى 67 بالمئة من المشاركين أن بعض الاحتجاجات بات "مُعطِّلًا إلى حدّ يجب منعه"، بحسب الاستطلاع، ويقول الباحثون إن هذا يعود إلى كثافة المظاهرات واستمراريتها، لا إلى فقدان التأييد الشعبي للقضية، إذ تكشف أرقام أخرى ارتفاعًا واضحًا في التعاطف مع الفلسطينيين مقارنة بالسنوات السابقة.

وتراجع التعاطف مع "إسرائيل" إلى 14بالمئة، بينما ارتفع التأييد لفلسطين إلى 26 بالمئة، وهو تحول ملحوظ في اتجاهات الرأي العام البريطاني، بالتزامن مع تصاعد القلق داخل المجتمعات المسلمة واليهودية، حيث بيّن الاستطلاع أن التوتر الديني ازداد بعد الهجوم على كنيس في مانشستر الشهر الماضي، وقال 44 بالمئة من المشاركين إن البلاد أصبحت "غير آمنة لليهود"، فيما قال 37 بالمئة إنها "غير آمنة للمسلمين".

اظهار أخبار متعلقة


ويحذر لوك ترايل، مدير (More in Common UK)، من أن الاستقطاب المرتبط بغزة أدى إلى تراجع الثقة في الإعلام البريطاني والسياسة والمؤسسات، ويقول إن أصحاب المواقف المتشددة باتوا يبتعدون عن الإعلام التقليدي، معتمدين على منصات مغلقة عبر الإنترنت، ما يعمّق الانقسام ويقوض القدرة على الاحتكام إلى “وقائع مشتركة”.

وأضاف أن "القضية الفلسطينية تحولت إلى معيار لاختبار النوايا. فالبعض يفترض أن دعم فلسطين نابع من كراهية اليهود، بينما يظن آخرون أن دعم إسرائيل مرتبط بمعاداة المسلمين"، غير أن مراقبين يرون أن هذا النوع من الخطاب يُستخدم لتخفيف أثر التأييد الشعبي الواسع لفلسطين، ولإعادة صياغة مشاهد الاحتجاج المليونية في بريطانيا وكأنها تعبير عن خصومة دينية أو كراهية لليهود.

وبحسبهم، فإن الزجّ بمصطلحات الكراهيَة في وصف هذه الحركة الشعبية يطمس حقيقة موجة التعاطف المتصاعدة مع المدنيين الفلسطينيين وضحايا الحرب على غزة، ويُبعد النقاش عن جوهره الأساسي والذي يتمثل بـ"رفض العدوان، والمطالبة بوقف إطلاق النار واحترام حقوق الإنسان، كما تجد نتائج الاستطلاع أن فلسطين لم تعد قضية تخص شريحة سياسية محددة أو مجموعات ناشطة فحسب، بل أصبحت قضية شعبية بامتياز داخل المملكة المتحدة.
التعليقات (0)