يلحظ المتابع عبر وسائل التواصل الاجتماعي والفضائيات إصرار
أهل 
غزة على 
الصمود والثبات وعدم الرحيل، وكأن حال لسانهم يقول عهد الله ما نرحل..
وعلى الرغم من سقوط عشرات آلاف الشهداء والجرحى والمغيبين؛ فضلا عن تدمير آلة
الحرب 
الإسرائيلية المصنعة غربيا لغالبية الأبنية والمنازل فوق رؤوس ساكنيها في
قطاع غزة منذ بدء العدوان الإسرائيلي في تشرين الأول/ أكتوبر من عام 2023، استطاع أهالي غزة من خلال صمودهم
وثباتهم ورفضهم لفكرة الاقتلاع والترحيل؛ الوصل إلى إفشال المخطط الإسرائيلي- الأمريكي،
الرامي إلى دفع الغزيين خارج وطنهم باتجاه شبه جزيرة سيناء المصرية.
غزاة عابرون
مرّ على قطاع غزة عديد 
الاحتلالات عبر التاريخ؛ بيد أن الاحتلال
الإسرائيلي ومجازره ضد أهل غزة، التي ما زلنا نشهد فصولها على مدار الساعة رغم
الاتفاق على وقف إطلاق النار، كان الأشرس والأكثر همجية وفاشية وتقتيلا للأطفال
والشيوخ والنساء، جنبا إلى جنب مع سياسة تدمير ممنهجة للبيوت على رؤوس ساكنيها.
الاحتلال الإسرائيلي ومجازره ضد أهل غزة، التي ما زلنا نشهد فصولها على مدار الساعة رغم الاتفاق على وقف إطلاق النار، كان الأشرس والأكثر همجية وفاشية وتقتيلا للأطفال والشيوخ والنساء، جنبا إلى جنب مع سياسة تدمير ممنهجة للبيوت على رؤوس ساكنيها
والثابت أن قطاع غزة صمد أمام رياح احتلالية عاتية في
التاريخ، وبصمود أهله ومقاومتهم رحل المحتلون وبقيت غزة هاشم -كما أسماها العرب-
شامخة. وتاريخ مدينة غزة كما كل فلسطين؛ تاريخ مجيد حفظته ووعته الأجيال المتلاحقة،
وعندما احتل الجيش البريطاني فلسطين في عام 1920 بدأت مرحلة أخرى وبنمط احتلالي خاص،
لكنه من نوع آخر، فقد فرض البريطانيون قوانين الطوارئ على أهالي المدن والمناطق الفلسطينية
المختلفة، ومن بينهم الغزيون، وتعتبر تلك القوانين أكثر عنصرية في التاريخ المعاصر.
وعلى الرغم من الانسحاب الإسرائيلي وتفكيك المستوطنات الصهيونية
من قطاع غزة في عام 2005 بعد احتلال مديد وبفعل مقاومة وكفاح أهلها، إلا أن الجيش الإسرائيلي
جعل منه سجنا كبيرا لأكثر من 2.3 مليون فلسطيني في نهاية العام الجاري 2025، وباتوا
عرضة لعملية تقتيل واغتيال وتدمير مبرمجة بين فينة وأخرى.
كبير بأهله
رغم صغر مساحة قطاع غزة التي لا تتعدى 364 كيلومترا مربعا
وهشاشة بنيته التحتية، يبقى صمود الغزيين كابوسا مزعجا للاحتلال الإسرائيلي، حيث لا
تكاد تمر سنوات قليلة دون حملة عسكرية إسرائيلية شرسة على القطاع؛ تودي بأرواح المئات،
وتدمر بنيته التحتية، ناهيك عن حصار اقتصادي مديد وخانق. لكن في مقابل ذلك وفي
متابعة بسيطة لأخبار العدوان الإسرائيلي والمجازر التي ترتكب على مدار الساعة، لم يمنع
الجرح العميق من رفع الغزيين وخاصة النساء شارة النصر والتحدي؛ وخاصة خلال العامين
الأخيرين.
أنشئت غزة على تل يرتفع زهاء 45 مترا فوق سطح البحر، وقد
تطور عمران المدينة أسفل التل من نواحي الشمال، والشرق والجنوب، ولم يمتد باتجاه الغرب
إلا أخيرا، فأصبح موضعها الطبوغرافي يتألف من: الموضع القديم، ويشغله جزء من حي الدرج،
وجزء من حي الزيتون. وكذلك مواضع التوسع في جهات الشرق والشمال والجنوب من التل، وتضم
أحياء الشجاعية والتفاح، وجزءا من حي الزيتون. وتتميز تلك المواضع بانبساط أرضها التي
ترتفع حوالي 35 مترا عن سطح البحر، جنوبي شرق المدينة، إضافة إلى موضع الامتداد نحو
الغرب، ويتألف من كثبان رملية غرست الأشجار في بعض أجزائها لصد زحف الرمال، وأصبح اليوم
يعرف بغزة الجديدة أو حي الرمال.
وبشكل عام يوجد في غزة خمسة أحياء رئيسة هي: الدرج، والزيتون،
والتفاح، والشجاعية بقسميها الجديدة والتركماني، وقد امتدت غزة الجديدة على الرمال
الممتدة من تل السكن على حدود المدينة القديمة إلى ساحل البحر المتوسط من الغرب.
كانت مدينة غزة قاعدة اللواء الجنوبي في فلسطين إبان الاحتلال
البريطاني (1920-1948)، وأصبحت عاصمة قطاع غزة منذ النكبة الكبرى في الخامس عشر من
أيار/ مايو 1948. أقام فيها الحاكم الإداري العام لقطاع غزة خلال الفترة بين عامي
1948 و1967، وقد ضمت مختلف الدوائر الرسمية. وفي الخامس من حزيران/ يونيو 1967 احتل
الجيش الإسرائيلي قطاع غزة وأخضعه لحكم السلطات الإسرائيلية، بعد أن بقي القطاع تحت
الإدارة المصرية منذ عام 1948 وحتى التاريخ المذكور. وقبل ذلك وفي عام 1948 أنشئت إسرائيل
على القسم الأكبر من مساحة فلسطين التاريخية، ونجا قطاع غزة من الاحتلال ليبقى تحت
الإدارة المصرية حتى تاريخ احتلاله من قبل الجيش الاسرائيلي في الخامس من حزيران
/يونيو من عام 67، وبفعل المقاومة الفلسطينية انسحبت إسرائيل من قطاع غزة عام 2005.
كافة الدلائل تشي بقدرة الغزيين على الصمود رغم التضحيات الكبيرة لجهة إفشال مخططات العصابة المنفلتة إسرائيل، والقدرة على إعادة بناء ما دمره الاحتلال
مواطنون ولاجئون
استقبل قطاع غزة عددا كبيرا من اللاجئين الفلسطينيين إثر
النكبة الكبرى عام 1948، ومع التزايد الكبير لسكان القطاع ارتفع مجموعهم ليصل إلى نحو
2.3 مليون فلسطيني خلال نهاية العام الجاري 2025، منهم أكثر من 76 في المائة من اللاجئين
الذين ينحدرون من بئر السبع ومدينة يافا والمجدل وعسقلان.
ويشكل أطفال قطاع غزة 53 في المائة من سكانه، ومرد ذلك
إلى ارتفاع معدلات الخصوبة الكلية للمرأة الغزية وتاليا ارتفاع معدل المواليد
السنوي. وكنتيجة مباشرة لمعدل النمو الطبيعي المرتفع سيتضاعف سكان القطاع الصامد بعد
عشرين سنة، أي أن مجموع سكانه سيصل إلى 4.6 مليون فلسطيني بحلول عام 2045.
لم تكن المجزرة المروعة التي يرتكبها الجيش الإسرائيلي في
قطاع غزة على مدار الساعة؛ سوى محاولة يائسة لإخضاع أهله وفرض الأمر الواقع وتنفيذ
مخطط الترانسفير القديم الجديد باتجاه سيناء المصرية. وكافة الدلائل تشي بقدرة الغزيين
على الصمود رغم التضحيات الكبيرة لجهة إفشال مخططات العصابة المنفلتة إسرائيل،
والقدرة على إعادة بناء ما دمره الاحتلال. وبهذا يقول أهل غزة: عهد الله ما نرحل.