تعالت الأصوات الإسرائيلية
التي تؤكد أن تل أبيب في طريقها لأن تصبح الولاية رقم 51 للولايات المتحدة، خاصة
بعد الزيارات التي قام بها مسؤولو إدارة الرئيس دونالد
ترامب، بمن فيهم جنرالات
هيئة الأركان المشتركة، إلى جانب بدأ عمل مقر التنسيق المدني العسكري المشرتك
للإشراف على الاتفاق في
غزة.
وقال خبير الشؤون الأمنية
في موقع "
زمان إسرائيل" أرييه أغوزي: "هذه الخطوات ضرورية لتطبيق
الاتفاق، لكن التدقيق قليلا سيوصلنا لنفس النتيجة، وهي أن ترامب وإدارته لا يثقون
برئيس الوزراء بنيامين
نتنياهو، ولا عجب، لأن هجومه على قطر، وتصريحات كبار
وزرائه، وعدم تحمله مسؤولية فشل هجوم أكتوبر 2023، أوضح للإدارة الأمريكية ما هو
معروف لدى الجمهور الإسرائيلي، وهو أن هذه الحكومة لا تتصرف من منطلق اعتبارات
الأمن القومي، بل من منطلق اعتبارات الائتلاف الحاكم، أو بكلمات أبسط، بقاء
نتنياهو".
وأضاف في مقال ترجمته
"
عربي21" أن "ترامب رجل أعمال ماهر، يعرف كيفية اكتشاف الشخص الذي
يُزعم أنه لديه اتفاق، لكنه لا ينوي الاحتفاظ به، ولهذا سارع لإرسال كبار مسؤولي
إدارته، وجنرال كبير مع فريق من العسكريين، كي يجلسون في المقر الرئيسي على حدود
غزة، ويديرون كل ما يحدث فيها، لأنه سرعان ما أدرك أنه بدون إشراف وثيق، بما في
ذلك تحليق طائراته بدون طيار فوق غزة، فإن نتنياهو قد لا يفي بالاتفاق، لأن
المتطرفين في الحكومة يريدون حربًا أخرى".
وأوضح أنه "بدءًا من
أكتوبر الحالي، باتت "إسرائيل" محمية للولايات المتحدة، التي تُحوّل
إليها كل عام 3.8 مليار دولار من أجل المشتريات العسكرية، وشاركت بتطوير صواريخ
آرو، وساعدتها بمواجهة السلاح النووي الإيراني، ومنذ أكتوبر 2023، أرسلت طائرات
شحن محملة بالذخيرة، لكن الآن أصبح الأمر رسميًا، فـ"إسرائيل" هي
الولاية رقم 51 للولايات المتحدة الأمريكية".
وأكد أنه "قد يبدو
الأمر فظيعا، لكن مع مثل هذه الحكومة يعد خلاصا عظيما، أن يقوم شخص بالغ مسؤول
بمراقبة كل تصرفات الحكومة، التي يرأسها زعيم خائف لا يهتم إلا بمستقبله السياسي،
ووزراء لا يمتلك معظمهم المهارات اللازمة للعمل كحراس أمن في موقف السيارات، مما
يدفعنا للتساؤل: كيف انتهى بنا الأمر في مثل هذا الوضع الرهيب؟".
اظهار أخبار متعلقة
وأشار أن "هناك
تفسيرات كثيرة، ولكن عندما ترى موقف "منتخبي الشعب" تجاه عائلات
المختطفين، وعدم اعتراف وزير القضاء ياريف ليفين برئيس المحكمة العليا يتسحاق
عميت، والقوانين الوهمية التي يحاول الائتلاف سنّها، والتصريحات غير المسؤولة
لوزراء متطرفين مثل وزير المالية بتسلئيل سموتريش ووزير الأمن القومي إيتمار بن
غفير، تقول إن كل هذه السلوكيات تتعارض مع منطق دولة تصنف في أسفل الترتيب
العالمي، وهكذا بتنا نفهم الوضع الذي تدهورت إليه الدولة".
وأضاف أن "كل هذا حدث
بشكل رئيسي بسبب السياسيين، الذين تم انتخاب معظمهم بسبب عدم ملاءمتهم للمنصب، رغم
أنهم يواجهون تحديات أمنية وسياسية هائلة، ولذلك فهم البيت الأبيض هذا الوضع
الإشكالي بسرعة كبيرة، ولذلك قرر السيطرة الكاملة على كل ما يحدث داخل إسرائيل،
لأنه بات يدرك أيضاً أنه لا توجد معارضة حقيقية فيها، وفي هذه الحالة، لا عجب أن
يريد الأمريكيون السيطرة على الأمور".
وأوضح أن "إدارة ترامب
تعمل بسرعة، فبعد الهجوم الغبي الفاشل على حماس في قطر، تم توقيع تحالف دفاعي
بينها وبين الولايات المتحدة، أما الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، كاره الصهاينة
المعروف، يتلقى عناقاً دافئاً من ترامب، ويبدو أن هذه البداية فقط، حيث تعمل
الولايات المتحدة على السيطرة على الوضع، كجزء من فسيفساء كبيرة خطط لها الأخير،
الذي يريد أن يذكره التاريخ باعتباره باني شرق أوسط جديد".
وأكد أن "تل أبيب لم
تفهم ذلك بعد، لأن عددا من أعضاء الائتلاف، من الوزراء وأعضاء الكنيست، يواصلون
التعبير عن أنفسهم في الأيام الأخيرة بطريقة تضرّ بكل مصلحة للدولة، حتى أن أوريت
شتروك وزيرة الاستيطان تريد إقامة مستوطنات في غزة، ووعد وزير الأمن القومي إيتمار
بن غفير، بإقامة مركز للشرطة على ساحل غزة، وتحدث آخرون عن ضم الضفة الغربية".
يمكن القول إن هذه القناعة
تتزايد في أوساط الساسة الإسرائيليين، الذين يعتقدون أن أياً من أحلام الوزراء
اليمينيين قد لا تتحقق، لأن الدولة تخضع الآن لسيطرة أقوى من واشنطن، ولم تعد
لديها حكومة، وأي حديث عنها يعني أنها حكومة على الورق، لأنها لا تعمل وفق مصالح
الدولة، ومن الآن فصاعدا، كل شيء في يد ترامب وإدارته.