في
الوقت الذي يشكو فيه الاسرائيليون من حالة العزلة الدولية التي تحيط بهم بسبب
جرائمهم ضد الفلسطينيين في
غزة، فإنهم يعتبرون أن العديد من يهود العالم خارج دولة
الاحتلال يرون أن مصالحهم الحيوية تجبرهم على التخلي فعلياً عنها، وعدم التمسك بها،
خاصة يهود الولايات المتحدة الذين سيضطرون للاختيار بين ثلاث بدائل لا تبدو جيدة
بالنسبة لدولة الاحتلال.
وذكر البروفيسور
آفي بارئيلي الكاتب في صحيفة "إسرائيل اليوم" أن "ما يمكن وصفه بـ"العالم
اليهودي" يُظهِر علامات الانكسار في مواجهة الأزمة التي يعيشها اليوم، على
غرار الهزيمة المؤكدة التي شهدتها إسرائيل في الحرب الأخيرة على غزة، وحتى
أكثر خطورة، لأننا شهدنا خلال عامي الحرب انتشارا لظاهرة جديدة من معاداة يهود
العالم لدولة إسرائيل ذاتها، مما يتطلب تفسيراً لهذا التطور الخطير".
وأضاف
في
مقال ترجمته "عربي21" أنه "في
استطلاع للرأي اعتقد 61% من اليهود الأمريكيين أن إسرائيل مذنبة بارتكاب
جرائم حرب في غزة، كما أن هناك عددا من الأساتذة اليهود، وبعضهم صهيوني أو
إسرائيلي صريح، يميلون للإعجاب بالموجة المعادية للسامية التي تجتاح جامعاتهم،
وباتت كيانات يهودية مثل رابطة مكافحة التشهير، والعديد من المنظمات
اليهودية، تخضع لسيطرة التقدميين الذين يحجبون التواطؤ العميق في الهجمات المعادية
للسامية على اليهود وإسرائيل".
اظهار أخبار متعلقة
وتساءل الكاتب "كيف يمكن تفسير سقوط قسم كبير من الصهاينة الأمريكيين إلى هذا المستوى
المتدني، بعد أن دعم صهاينة الشتات إسرائيل، وشاركوا في بنائها، لكنهم اليوم
لا يرون فيها وطنًا للعودة إليه، بل لا يريدون الاستناد إليها، ويفضلون الاندماج
دون انفصال في المواطنة الوطنية الأمريكية، ويبدو أن التماهي مع إسرائيل لم
يعد يساعدهم على الاندماج، بل يُقوّضه".
وأشار إلى أن "أحد الأسباب في تخلي يهود العالم عن إسرائيل استيلاء من يمكن وصفه
بـ"التيار التقدمي" على الليبرالية في الولايات المتحدة، ويحقنها بمعاداة
إسرائيل تحت ستار معاداة الصهيونية، ولذلك، فإن مصالحهم الحيوية، في نظر العديد
من اليهود، تجبرهم على التخلي فعلياً عن إسرائيل، وعدم التمسك بها، مما يجعلنا في
منتصف عملية لا نعرف نهايتها".
وختم
بارئيلي بالقول إن "اليهود الأميركيين سيضطرون إلى الاختيار بين ثلاث طرق: الاندماج
نهائياً في الولايات المتحدة، والتخلي عن الحياة المجتمعية اليهودية، أو الانسحاب
من هذه الحياة الأمريكية بأسلوب أرثوذكسي متطرف، أو الهجرة إلى إسرائيل، وهذا خيار
لا يبدو أن له الأفضلية بنظرهم حتى الآن".
من
الشواهد التي تزيد إحباط الاسرائيليين من مواقف يهود العالم من دولة الاحتلال، أنه
في المظاهرات اليهودية العديدة في جامعات الولايات المتحدة خلال عامي الحرب على
غزة، ترددت مرارا وتكرارا أقوال "من البحر إلى النهر"، أي تدمير "إسرائيل"،
وتبني الرواية الفلسطينية القائمة على الظلم الذي يرتكبه الاحتلال الإسرائيلي،
وعندما يشاهد اليهود الأمريكيون التقارير الإخبارية يصرون على اعتبار "إسرائيل"
مذنبة تماما.