عرقلت جماعة إسرائيلية متطرفة، الجمعة، مرور شاحنات محملة بالمساعدات الإنسانية كانت في طريقها إلى قطاع
غزة عبر معبر كرم أبو سالم، في أحدث تحرك لمنع الإمدادات عن القطاع المحاصر.
وقالت مجموعة تُطلق على نفسها اسم "الأمر 9"، في منشور على منصة "إكس"٬ إن عناصرها "يعطلون حاليا مرور شاحنات
المساعدات" المتجهة نحو غزة، بزعم أن حركة "حماس" "تنتهك اتفاق وقف إطلاق النار وترفض إعادة الرهائن"، مضيفة: "لن تمر أي شاحنة مساعدات حتى عودة آخر قتيل".
ويأتي هذا التطور بعد أيام من دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ في 10 تشرين الأول/ أكتوبر الجاري، بين "حماس" والاحتلال الإسرائيلي، بموجب خطة طرحها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
ووفق بيانات رسمية وأممية، فإن الحرب التي وصفتها الأمم المتحدة بـ"الإبادة"، والتي بدأت في 8 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، خلفت 67 ألفا و967 شهيدا و170 ألفا و179 جريحا، غالبيتهم من الأطفال والنساء، إلى جانب مجاعة أودت بحياة 463 فلسطينيا، بينهم 157 طفلا. وقدرت الأمم المتحدة تكلفة إعادة إعمار القطاع بنحو 70 مليار دولار.
وفي المقابل، نفت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة "حماس"، المزاعم الإسرائيلية بشأن رفض إعادة الجثامين، مؤكدة في بيان الأربعاء الماضي أنها "تبذل جهدا كبيرا لإغلاق ملف جثامين الأسرى المتبقية"، موضحة أنها "بحاجة إلى معدات وتقنيات خاصة للبحث تحت الأنقاض وانتشال ما تبقى من جثامين الأسرى الإسرائيليين".
وفي اليوم نفسه، قال ترامب إن "حماس تبحث بالتأكيد عن جثث الأسرى الإسرائيليين المتبقين في قطاع غزة، وبعضها مدفون منذ وقت طويل أو تحت الأنقاض"، مضيفا أن "الأمر سيسير بشكل جيد".
ومنذ الاثنين الماضي، أطلقت "حماس" 20 أسيرا إسرائيليا من الأحياء، وسلمت جثامين 10 من بين 28، معظمهم إسرائيليون.
ونشرت جماعة "الأمر 9" مقاطع فيديو تظهر عناصرها وهم يعيقون مرور شاحنات المساعدات على الطرق المؤدية إلى معبر كرم أبو سالم الذي تسيطر عليه سلطات الاحتلال.
وبحسب صحيفة "تايمز أوف إسرائيل"، فإن المجموعة المتطرفة تشكلت بعد اندلاع الحرب على غزة، وسبق أن نفذت أنشطة مشابهة تمثلت في قطع الطرق المؤدية إلى المعابر وتنظيم احتجاجات قربها، بل ونهب وتخريب شحنات المساعدات في بعض الحالات.
اظهار أخبار متعلقة
أصل الحركة ونشأتها
تأسست "حركة الأمر 9" تحت شعار "لا مساعدات حتى يعود آخر المخطوفين"، بمبادرة من ريعوت ويوسف بن حاييم، وهما مستوطنان يعيشان في مستوطنة نتيفوت بالنقب.
وتعود فكرة تأسيس الحركة إلى تظاهرة جرت عند معبر كرم أبو سالم في 11 كانون الثاني/ يناير 2024، احتجاجا على مرور شاحنات المساعدات إلى غزة. وسُجل أول نشاط فعلي للحركة في اليوم السابق، حين نشرت ريعوت بن حاييم منشورا تعرب فيه عن استهجانها لاستمرار إرسال المساعدات، داعية إلى التظاهر عند المعبر.
وفي مقابلة مع صحيفة "معاريف" بتاريخ 10 آذار/ مارس 2024، روت بن حاييم تفاصيل التأسيس قائلة:
"أوقفت الشرطة المتظاهرين من أهالي المخطوفين وهم في طريقهم إلى كرم أبو سالم. حينما رأينا الشاحنات على طول الحدود وقفنا هناك، ثم أوقفناها. عندها أدركت أنا وزوجي – وهو خريج مدرسة دينية – أننا لا نستطيع القيام بذلك بمفردنا، وبدأنا في تجنيد الأشخاص منذ أسبوعين".
واستمدت الحركة اسمها من مصطلح "أمر تساف 9"، وهو أمر عسكري يشير إلى التجنيد الفوري لجنود الاحتياط في جيش الاحتلال الإسرائيلي. وأوضحت بن حاييم أن العديد من الجنود المسرحين حديثا بعد القتال في غزة انضموا إلى الحركة، "ومن هنا جاء اسمها".
وأكد أحد نشطائها، ديفيد هولتزمان، في تصريح سابق:"نحن الأشخاص الذين خرجوا من القتال في غزة، ونعمل على إيقاف الشاحنات بأجسادنا. هذا ليس حدثاً سياسياً، ولا توجد دولة في العالم تقدم الإمدادات لعدوها".
اظهار أخبار متعلقة
رفع العقوبات
وفي 14 حزيران/ يونيو 2024، عقدت الحركة اجتماعها الأول في مستوطنة مفسيرت تسيون، ناقش فيه النشطاء أهدافهم واستراتيجية استخدام
حصار الشاحنات كوسيلة ضغط من أجل إطلاق سراح المخطوفين.
لكن بعد مواجهات عنيفة بين عناصر الحركة والشرطة الإسرائيلية قرب مفرق كوخاف هشاحر، جمدت الحركة أنشطتها مؤقتا.
وفي وقت لاحق من العام ذاته، فرضت الولايات المتحدة عقوبات على الحركة بسبب أعمالها التي تعرقل المساعدات الإنسانية، قبل أن ترفعها بعد وصول ترامب للحكم مطلع عام 2025.