أكدت منظمة شعاع لحقوق الإنسان أن
الجزائر
تشهد منذ سبتمبر 2025 موجة قمع ممنهج تستهدف النشطاء السياسيين والصحفيين
والمدافعين عن حقوق الإنسان، في سياق يعيد إلى الأذهان أخطاء الماضي ويكشف عن مسار
خطير نحو دولة بوليسية تُصادر
الحريات وتُفرغ الفضاء العام من أي صوت معارض.
وأوضحت المنظمة، في
بيان لها اليوم أرسلت
نسخة منه لـ "عربي21"، أن هذا التصعيد يمثل
سياسة متعمدة تهدف إلى خنق
ما تبقى من فضاء مدني وتجريم أي نشاط مستقل.
وأشارت المنظمة إلى أن من أبرز ضحايا القمع
اعتقال فتحي غراس، المنسق الوطني للحركة الديمقراطية الاجتماعية، إثر مداهمة منزله
من طرف عناصر أمن بالزي المدني، ووضعه تحت الرقابة القضائية بتهم فضفاضة مثل
"إهانة هيئة نظامية" و"نشر أخبار كاذبة تهدد النظام العام"،
في ما يوضح تحوّل القضاء إلى أداة انتقام سياسي بدل حامٍ للحقوق والحريات.
كما ذكرت شعاع أن الصحفي والناشط عبد الكريم
زغيلش تلقى حكمًا بالسجن سنة وغرامة مالية في قسنطينة استنادًا إلى منشور قديم على
فيسبوك يعود لعام 2019، ضمن محاكمة تمت في يوم واحد، في فضيحة قضائية تؤكد استهداف
المعارضين عبر القضاء بدل أن يكون منصفًا ومستقلاً.
وحسب المنظمة، تشمل حصيلة سبتمبر أكثر من 15
حالة اعتقال واستدعاء، مع إيداع ناشط واحد السجن المؤقت بتهمة
"الإرهاب"، ووضع ستة آخرين تحت الرقابة القضائية، إلى جانب ملاحقات
عبثية بحق آخرين، في ما يبدو كسياسة دولة ممنهجة لإسكات كل الأصوات الحرة وتفريغ
الساحة السياسية من أي معارضة.
وحذرت منظمة شعاع من أن استمرار هذا القمع
يشكل تكرارًا لأحداث 5 أكتوبر 1988، حين خرج آلاف الجزائريين للمطالبة بالحرية
والعدالة، فواجهتهم رصاصات الأجهزة الأمنية، ما أسفر عن سقوط المئات وترك جراحًا
عميقة في الذاكرة الوطنية.
وطالبت منظمة شعاع لحقوق الإنسان بـ: الإفراج الفوري وغير
المشروط عن جميع معتقلي الرأي، إسقاط التهم الملفقة، وعلى رأسها المادة 87 مكرر، إنهاء
هيمنة الأجهزة الأمنية على الحياة السياسية وضمان استقلال القضاء، إعادة فتح
الفضاء المدني والسياسي والإعلامي أمام جميع الفاعلين، وتمكينهم من العمل بحرية
دون تضييق أو ملاحقة.
يذكر أن الجزائر شهدت يوم 5 أكتوبر 1988
احتجاجات واسعة في مختلف الولايات، خرج خلالها متظاهرون للتعبير عن مطالب اجتماعية
وسياسية. تدخلت قوات الجيش والأمن لفض هذه الاحتجاجات، ما أسفر عن سقوط قتلى
وجرحى. ووفق الإحصاءات الرسمية، بلغ عدد القتلى 169 شخصاً، بينما تشير مصادر
المعارضة إلى أن العدد قد يصل إلى نحو 500 قتيل، إلى جانب آلاف المفقودين قسراً.
اظهار أخبار متعلقة