ملفات وتقارير

لماذا يسعى ترامب لاستعادة "باغرام" أكبر قاعدة جوية في أفغانستان؟

سي أن أن: ترامب يضغط على مسؤولي الأمن القومي لاستعادة قاعدة باغرام من طالبان- The Cradle
سي أن أن: ترامب يضغط على مسؤولي الأمن القومي لاستعادة قاعدة باغرام من طالبان- The Cradle
أعادت تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن نيته استعادة قاعدة باغرام الجوية في أفغانستان، الجدل بشأن الوجود العسكري الأمريكي في آسيا الوسطى، بعد سنوات من الانسحاب الكامل عام 2021، حيث حذر مسؤولون أمريكيون حاليون وسابقون، من أن مثل هذه الخطوة قد تُفسر على أنها "إعادة غزو" لأفغانستان، وقد تتطلب نشر أكثر من 10 آلاف جندي بالإضافة إلى دفاعات جوية متطورة، ما يجعل تنفيذها على الأرض "صعبًا للغاية".

اظهار أخبار متعلقة


وقال مسؤول أمريكي، لوكالة رويترز، إنه لا يوجد "تخطيط نشط" حالياً لاستعادة القاعدة، وإن أي تحرك كهذا سيستوجب عمليات لوجيستية معقدة وكلفة مرتفعة لإعادة إصلاح البنية التحتية للقاعدة، إضافة إلى تأمين محيطها ضد التهديدات، وأضاف: "لا أرى كيف يمكن أن يحدث ذلك بشكل واقعي"، مشيراً إلى أن القاعدة ستكون جيبًا أميركيًا معزولًا في بلد غير ساحلي.


وخلال حديثه للصحفيين الخميس في لندن، قال ترامب: "نريد استعادة تلك القاعدة"، مشيرًا إلى موقعها الاستراتيجي القريب من الصين، وأضاف: "هي على بعد ساعة من المكان الذي تصنع فيه الصين أسلحتها النووية"، في إشارة إلى إمكانية استخدامها ضمن استراتيجية أوسع لمواجهة التمدد العسكري الصيني، وهو ادعاء كان قد كرره في آذار/ مارس الماضي، مشيرا إلى أن الولايات المتحدة "أعطت طالبان القاعدة إياها دون مقابل.


وأضاف ترامب، قائلا: "قد يكون هذا خبرًا عاجلًا، نحن نحاول استعادة باغرام وهي أكبر القواعد الجوية في العالم، لأنهم بحاجة إلى مساعدات منا"، فيما لم يوضح كيف سيعيد السيطرة عليها، وما هي الإجراءات التي سيتخذها، بحسب صحيفة واشنطن بوست.

وقال ثلاثة أشخاص لشبكة "سي أن أن"، إن الرئيس الأمريكي ترامب، يضغط سرًا على مسؤولي الأمن القومي التابعين له منذ أشهر لإيجاد طريقة لاستعادة قاعدة باغرام من طالبان، حيث يعتقد ترامب أن القاعدة ضرورية لعدة أسباب، منها مراقبة الصين، والوصول إلى العناصر الأرضية النادرة والتعدين في أفغانستان، وإنشاء مركز لمكافحة الإرهاب، رغم أنه سبق ونددت منظمة العفو الدولية من استخدام أمريكا قاعدة باغرام كمركز تعذيب للمعتقلين في مستودعاتها.

في المقابل أكّدت كابول أنها لا ترحب بأي اتفاق من هذا القبيل، وقال المسؤول في وزارة الخارجية الأفغانية ذاكر جلالي في منشور على منصة "إكس": "أفغانستان والولايات المتحدة بحاجة إلى التعاون معاً، من دون أن تحتفظ الولايات المتحدة بأي وجود عسكري على أي جزء من أفغانستان"، ورُفض هذا الاحتمال تماماً خلال محادثات الدوحة والاتفاق، وأضاف أن البلدين يمكنهما إقامة علاقات اقتصادية وسياسية على أساس الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة.


أما وزير الخارجية في حكومة طالبان، أمير خان متقي، فقد كان رده أكثر حدة، حيث نشر على منصة "أكس"، تصريح جاء فيه:" من هُزم في أفغانستان لن يجرؤ على العودة مرة أخرى".


وفي ردٍّ على صحيفة واشنطن بوست، رفض ذبيح الله مجاهد، المتحدث باسم حكومة طالبان، التعليق على تصريحات ترامب، وقال: "لقد سبق أن أوضحنا موقفنا"، مضيفًا أن "هذا سيكون تكرارًا"، في إشارة إلى الغزو الأمريكي لأفغانستان وما تبعه من تطورات.

لماذا باغرام مهمة؟
تقع قاعدة باغرام، أكبر قاعدة جوية في أفعانستان، على مسافة 50 كيلومتراً من العاصمة كابول، وتعتبر حيوية لضمان أمن العاصمة وذات أهمية استراتيجية كبرى للسيطرة على شمال أفغانستان بالكامل، وأقيمت القاعدة الشاسعة خلال الحرب الباردة، وشيّدها في ذلك الحين الأمريكيون لحليفهم الأفغاني لمساعدته على حماية نفسه بوجه الاتحاد السوفياتي إلى الشمال.


وتعاقبت عدة جهات على السيطرة على القاعدة منذ بنائها وعلى مدى عقود من النزاعات التي عصفت بأفغانستان، فمن تلك القاعدة وضعت خطط الاتحاد السوفياتي لاحتلال أفغانستان بعد اجتياح البلد عام 1979، وقام الجيش الأحمر بتوسيعها.

وبعد انسحاب القوات السوفياتية عام 1989، سيطرت الحكومة الأفغانية المدعومة من موسكو على القاعدة، لكنها وقعت لاحقاً في قبضة طالبان خلال صعود الحركة إلى السلطة في منتصف التسعينات، قبل أن تعود تحت السيطرة الأمريكية عقب هجمات 11 أيلول/ سبتمبر 2001، واجتياح الولايات المتحدة للبلاد على رأس تحالف عسكري، حيث أوت ما يزيد عن 30 ألف جندي ومدني أمريكي ومن قوات الحلف الأطلسي خلال ذروة العمليات العسكرية في عام 2011.

اظهار أخبار متعلقة


ما علاقة الصين ودعوة ترامب؟
في آذار/ مارس الماضي، قال ترامب إنه كان يخطط للاحتفاظ بقاعدة باغرام "ليس بسبب أفغانستان بل بسبب الصين، قبل أن يجدد دعوته الخميس الماضي والذي أكد بأن للقاعدة، موقع مهم، قائلا إن أحد أسباب استعادتها هو أنها "تبعد ساعة عن المكان الذي تصنع فيه الصين أسلحتها النووية"، ولطالما كرر ترامب أن الصين أنشأت وجوداً في القاعدة، التي تقع شمالي العاصمة كابول رغم نفي طالبان هذا الادعاء.


وفي تحقيق أجرته الـ"بي بي سي"، تضمن فحص 30 صورة التقطتها الأقمار الصناعية من أواخر عام 2020 إلى 2025، وجد نشاطاً محدوداً جداً في القاعدة منذ عودة طالبان، دون العثور على أي دليل يدعم وجود الصين في القاعدة، وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الصينية، الجمعة، إن بلاده "تحترم وحدة أراضي أفغانستان وسيادتها"، مضيفاً أن "مستقبل أفغانستان يجب أن يكون في يد الشعب الأفغاني".

رغم مزاياها.. مخاطر القاعدة أكبر
رغم اعتبار ، قلّل مسؤول دفاعي أمريكي كبير سابق من الفرضية التي طرحها ترامب بشأن كون القاعدة عنصرًا حيويًا في مواجهة الصين، مؤكدًا أن "المخاطر تفوق المزايا"، ومشككًا بوجود جدوى عسكرية مباشرة.

ويرى خبراء أمنيون أن أي تموضع عسكري جديد سيفتح القاعدة أمام تهديدات خارجية، أبرزها الصواريخ المتقدمة من إيران، التي سبق أن استهدفت قاعدة العديد الأميركية في قطر في حزيران/يونيو الماضي، ردًا على هجمات استهدفت مواقع نووية إيرانية.

اظهار أخبار متعلقة


انسحاب وُصف بـ "الغبي جدًا"يأتي تصريح ترامب في توقيت تشهد فيه وزارة الدفاع الأميركية الـ"البنتاغون"، مراجعة داخلية للانسحاب من أفغانستان، وسط انتقادات لطريقة تنفيذ الانسحاب في 2021، وفي وقت سابق من هذا الشهر، قال إن إدارة بايدن "غبية للغاية" لسحبها القوات الأمريكية من القاعدة، مؤكداً أنه كانت لديه "خطة للإبقاء على قوة صغيرة" هناك، رغم أن اتفاق شباط/فبراير 2020 نص على انسحاب شامل.
وفي العقدين الأخيرين، تلقت القاعدة زيارات عديدة من الرؤساء الأمريكيين، حيث زار جورج دبليو بوش وباراك أوباما ودونالد ترامب قاعدة باغرام خلال فترة ولايتهم، ووعدوا بالنصر ومستقبل أفضل لأفغانستان.

تواصل محدود .. بلا اعتراف
ورغم عدم وجود علاقات دبلوماسية رسمية بين واشنطن و"طالبان"، يجري الجانبان محادثات متقطعة، خصوصاً في ملفات الرهائن. ففي آذار/مارس الماضي، أفرجت طالبان عن سائح أميركي احتُجز لأكثر من عامين، فيما التقى مؤخرًا مبعوثا ترامب السابقان آدم بولر وزلماي خليل زاد بوزير الخارجية في حكومة طالبان أمير خان متقي، لبحث ملفات متعلقة بالمواطنين الأميركيين المحتجزين.
التعليقات (0)

خبر عاجل