ملفات وتقارير

"عربي21" توثّق يوميات المشاركين في أسطول الصمود العالمي المتجه لغزة

منذ آذار/ مارس الماضي، تغلق دولة الاحتلال الإسرائيلي جميع المعابر- عربي21
منذ آذار/ مارس الماضي، تغلق دولة الاحتلال الإسرائيلي جميع المعابر- عربي21
"مررنا بيومين عصيبين في عرض البحر، بسبب عاصفة قوية أرغمتنا على التوقف"، يقول عضو هيئة تسيير أسطول الصمود المغاربي، أيوب حبراوي، مضيفا: "سمحت لنا السلطات الإيطالية بالرسو على مينائها، خلال اليومين الثالث والرابع، لكننا الآن نبحر مجدّدا، نحو غزة، عبر المياه الدولية".

رغم التحديات المناخية والمخاوف الأمنية، يؤكد أيوب في حديث خاص لـ"عربي21" أنّ: "الطاقم لم يفقد عزيمته"، مردفا: "داخل السفينة، نمضي يومياتنا بشكل جماعي. ننظّم المهام، نناقش، نتدرّب، ونفكّر في كل السيناريوهات المحتملة".

اكتمل الأسطول العالمي -الذي يضم ما يناهز 50 سفينة- بعد انضمام جميع السفن الإيطالية وتلك القادمة من تونس، وتجمعها على سواحل الجزيرة الإيطالية. وأكّد عضو إدارة الأسطول، تياغو افيلا، أنّ: "العمل جار للوصول بأقصى سرعة ممكنة نحو غزة".

تفاصيل خاصة..
في كل صباح، ومع أول خيوط الفجر، يبدأ روتين يومي دقيق على متن السّفن المُتجّهة لكسر الحصار على غزة: توزيع المهام، تنظيف القوارب، فحص المعدات، وتنسيق عمليات الحراسة الليلية. 

تقول الحقوقية المغربية، خديجة الرياضي، من على متن السفينة المسمّاة بـ"قدس": "الحياة على السفينة تحوّلت إلى ورشة عمل دائمة، حيث لا وقت للفراغ؛ نُرتب الأمتعة، نُجهّز المؤونة، ونتشارك المهام بقلوب مفتوحة".

أما عن الغذاء، فيكشف حبراوي لـ"عربي21" واقعا شديد الحرص: "نتناول وجبات قليلة جدا، كي نحافظ على ما لدينا من موارد. نحن نعرف أنّنا في مهمة إنسانية، وما نعانيه لا يساوي شيئا أمام معاناة أطفال ونساء غزة، الذين يُجَوَّعون يوميا، جرّاء الحصار الإسرائيلي".

وعلى متن سفن أسطول الصمود، التي تحمل أسماء مختلفة لعدد من النشطاء والمتضامنين، وعشرات من الشخصيات العامة والنواب والأطباء ورموز المجتمع من عدّة دول.

وهذه أول مرة يبحر فيها هذا العدد من السفن، معا، نحو قطاع غزة، المحاصر من الاحتلال الإسرائيلي منذ 18 عاما. 


نقطة الالتقاء: مالطا
الأسطول يظم نحو 50 سفينة. بينها السفن المغاربية: "علاء الدين"، "دير ياسين"، "صمود"، "فلوريدا"، و"عمر المختار" التي تم تحويلها مؤخرا إلى عيادة طبية عائمة. وقرّرت اللجنة المنظمة للأسطول التقاء جميع السفن قرب المياه المالطية، قبل أن تنطلق جماعيا نحو غزة.

ورغم الإصرار على التقدّم، لم يكن بالإمكان تجاهل جُملة من الصعوبات الجمّة. حيث أكد أيوب حبراوي أنّ: "هناك أسماء ستعود، بينهم مغاربة من على سفينة علاء الدين، خلال اليومين القادمين، وذلك بسبب صعوبات الجو، خاصة أنّ ما عشناه من تحدّيات داخل البحر، لا يساوي شيئ أمام ما يمكن أن نُواجهه خلال اليومين القادمين، بين اليونان وليبيا".


"ما عشناه داخل البحر قاسٍ، لكن الأيام القادمة قد تكون أشد"، يؤكّد أيوب في حديثه لـ"عربي21"، مبرزا: "لكننا مستعدّون لكل الاحتمالات، والرسالة واضحة: هذه ليست نزهة بحرية، بل رفض للإبادة الجارية ضد غزة".


طائرات تحوم..
رغم صعوبة الإبحار نحو قطاع غزة المحاصر، يبقى التهديد الأمني حاضرا كل لحظة. أحد أعضاء الطاقم، فضّل عدم الكشف عن اسمه، يروي لـ"عربي21": "رصدنا طائرات مسيّرة مجهولة تحوم فوقنا في أكثر من ليلة. يُشتبه في أنها إسرائيلية".

"نفعّل لجان الحراسة ليلا، ونتناوب على المراقبة"، مبرزا في الوقت ذاته، عبر اتّصال هاتفي مُتقطّع جرّاء ضعف الشبكة: "كل مُشارك هنا، يحمل في ذهنه صورة مافي مرمرة، ويعرف أن استهدافنا وارد؛ غير أنّنا لا نتراجع. نحن نحمل الدواء والماء، لا السلاح".

وفيما يتّفق المتحدّثين لـ"عربي21"، من قلب عدّة سفن مشاركة ضمن أسطول الصمود العالمي، على جُملة: "نحن لسنا أبطالا، بس أشخاص لهم ضمير حي، يهدفون لكسر الحصار على كامل القطاع، الذي يتجرّع مرارة عدوان الاحتلال الإسرائيلي على مدار العامين"، يؤكدون أيضا على: "ضرورة الاستمرار في الحديث عنهم، لكي لا يستفرد بهم الاحتلال الإسرائيلي". 


ورغم التنوع الثقافي والديني للمشاركين، إلا أن الوحدة والتعاون تظلّ هي سيدة الموقف. فكل سفينة قد تحوّلت إلى مساحة للتضامن الإنساني، يختلط فيها العربي بالآسيوي، والأوروبي بالأفريقي، والمسيحي بالمسلم واللاديني، والكل يتفق على نقطة واحدة: "غزة يجب أن تعيش".


إيطاليا... ساحة التواطؤ؟
في مشهد صادم، كشفت البرلمانية الإيطالية، إيدا كارمينا، أنّ: "طائرات إسرائيلية مُسيّرة قد انطلقت من صقلية لشن هجمات على سفن الأسطول، خاصة "فاميلي" و"ألما" قبالة السواحل التونسية".

البرلمانية قالت: "لا يمكن أن تكون صقلية قاعدة لشنّ هجمات على مبادرات إنسانية. هذا تواطؤ غير مقبول"، وعلى الرغم من نفي وزارة الدفاع الإيطالية ما أوردته الصحافية، إلّا أن المشاركين في أسطول الصمود العالمي، يحثّون عبر عدّة مقاطع فيديو، الشعوب الحرّة، على الاستمرار في دعمهم والحديث عنهم، مع عدم إزاحة العين عن العدوان الأهوج المستمر على غزة.


أيّ دعم دولي؟
وزراء خارجية كل من قطر، بنغلاديش، البرازيل، كولومبيا، إندونيسيا، إيرلندا، ليبيا، ماليزيا، المالديف، المكسيك، باكستان، سلطنة عُمان، سلوفينيا، جنوب أفريقيا، إسبانيا وتركيا، أعربوا عن قلقهم بخصوص سلامة "أسطول الصمود العالمي"، باعتباره: "مبادرة مدنية تهدف إلى إيصال المساعدات الإنسانية لقطاع غزة، وزيادة الوعي بالاحتياجات الإنسانية للشعب الفلسطيني".

وأشار الوزراء، عبر بيان مشترك، اطّلعت "عربي21" على نسخة منه، إلى أنّ: حكوماتهم تشاطر المبادرة أهداف السلام وتقديم المساعدات الإنسانية، مؤكدين التزامهم بالقانون الدولي، بما في ذلك القانون الدولي الإنساني. بينما دعوا جميع الأطراف إلى الامتناع عن أي أعمال غير قانونية أو عنف ضد الأسطول، واحترام القوانين الدولية المعمول بها.

اظهار أخبار متعلقة


وأكد البيان أن أي انتهاك للقانون الدولي وحقوق الإنسان للمشاركين في الأسطول، بما في ذلك الاعتداء على السفن في المياه الدولية أو الاحتجاز غير القانوني، سيؤدي إلى مساءلة المسؤولين.

تجدر الإشارة إلى أنّه منذ آذار/ مارس الماضي، تغلق دولة الاحتلال الإسرائيلي جميع المعابر المؤدّية إلى غزة، مانعة دخول أي مساعدات إنسانية، بينما تستمر في ارتكاب جرائم حرب إبادة، حسب توصيف محكمة العدل الدولية. ومع تكدّس الشاحنات على الحدود، اختار المشاركين في "أسطول الصمود العالمي" أن يعبروا البحر، ويحملوا معهم رسالة شعوب لا تقبل أن تبقى صامتة.
التعليقات (0)

خبر عاجل