تؤكد أصوات إسرائيلية متزايدة أن الحرب في قطاع
غزة
أصبحت أداة بقاء لرئيس الحكومة بنيامين
نتنياهو، رغم أنها تعرض الأسرى للخطر،
وهناك فشل حتى اللحظة في تحقيق خطط تهجير الفلسطينيين والعثور على دول لاستقبالهم.
يوسي ميلمان، المعلق الاستخباراتي في موقع "
ويللا"
العبري، ذكر أنه "في الأيام القادمة، ستبدأ حملة غزو غزة، ونُقلت فرق نظامية
إليها، مُعززة بألوية احتياط، وجُنّد الباقون كي يحلّوا محل النظاميين الموجودين
أمام حدود سوريا ولبنان والضفة الغربية، التي تشهد هي الأخرى حالة من الغليان،
والتهديد بالانفجار، وستحتل دبابات ميركافا وناقلات الجند المدرعة ما تبقى من
الطرق الإسفلتية في غزة بسلاسلها، وستقصف المدافع وطائرات سلاح الجو المزيد من
المنازل، وتدمرها، رغم أن الجيش دمّر 70% من مبانيها في حرب عبثية".
الحرب الأكثر حزبية
وأضاف في مقال ترجمته "
عربي21" أن
"وزير الحرب يسرائيل كاتس، سيواصل ببهجة صبيانية، التغريد بأن أبواب الجحيم
قد فُتحت، ونشر صورًا لأبراج شاهقة منهارة، كي تسجل بأنها الحرب الأكثر حزبية في
تاريخ الدولة التي خاضت ثلاث حروب إجبارية ضد جيوش نظامية: 1948، و1967، و1973،
أما الباقية فكانت حروبًا وعمليات ضد قوى غير دولانية، ورغم أنها شهدت اختلاط
الدوافع الحزبية بالاعتبارات الأمنية، لكن هدفها الاستراتيجي تمثل بالتوصل لتسوية
سياسية في نهاية القتال".
وأوضح أن "أي إسرائيلي عاقل يدرك أن حرب غزة،
التي ستُكمل قريبًا عامين من سلوكها المشين، لها هدفان فقط غير ذي صلة، وهو البقاء
الشخصي نتنياهو، واستهداف وجود الشعب الفلسطيني، لأن السياسة الحكومية والائتلافية
من الناحية الرسمية لا تزال تُصرّ على شعارها الدائم، المتمثل بالقضاء على حماس،
وإعادة الرهائن، رغم أن الحركة كقوة عسكرية تم القضاء عليها منذ أكثر من عام،
وربما أكثر، وقُتل 70% من قوتها القتالية، أو أُسروا في السجون الإسرائيلية،
ودُمّرت 100% من الصواريخ، ومعظم ورش العمل ومخازن الأسلحة".
اظهار أخبار متعلقة
وأكد أن "هذه المعطيات تعني أن هذه حرب من أجل
الحرب، ولها أيضًا هدف خفي يتمثل بجعل مليوني فلسطيني من غزة بائسين، وجعل حياتهم
لاإنسانية، وتل أبيب تُحوّلهم إلى "غبار بشري"، على أمل أن يغادرها
الكثيرون، ويهاجرون لدول أخرى، إذن الهدف هو الترحيل، وهذا ما يُردده الوزراء
المتطرفون في الحكومة والكنيست جهرًا منذ السابع من أكتوبر".
وأضاف أن "نتنياهو، المُكثر من التصريحات
المُلتوية أمام الجمهور في الدولة وخارجها، ورغم تحفظاته على الوزراء الذين
يتحدثون عن تدمير غزة، لكن عالمه التاريخي ليس بعيدا عنهم، فهو يُطالب حماس
بـ"استسلام غير مشروط"، وهو موقفٌ استعاره من حلفائه الذين اشترطوا ذلك
لإنهاء الحرب ضد هتلر والإمبراطور هيروهيتو، رغم أنه يُدرك أن الحركة، بما تحمله
من ثقافة الشهداء ستُقاتل حتى الرمق
الأخير، ولن تستسلم، ولو حصل ذلك، فإن متطرفي حكومته سيبدأون ببناء المستوطنات،
وتهجير الفلسطينيين، ومصادرة الأراضي".
وأكد أن "هذه العملية التي أعقبت حرب 1967، ولا
تزال مستمرة حتى اليوم في الضفة الغربية، هي ذاتها الرؤية المُسيحانية للوزيرين
بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير: احتلال، وتهجير، واستيلاء، وضم تدريجي".
وأشار إلى أن "فكرة الترحيل ليست غريبة على
الصهيونية ودولة إسرائيل، فمنذ عام ١٩٤٠، كتب يوسف فايتس، أحد قادة صندوق إسرائيل،
في مذكراته أننا "قمنا بجولة في القرى العربية، وتأملتُ في خطةٍ فكرت فيها
لسنوات وهي إخلاء الأرض لأنفسنا، يجب أن نكون واضحين أنه لا مكان في الأرض للشعبين
معًا، الحل الوحيد هو أرض إسرائيل بدون العرب، لا مجال للتسوية هنا، ترحيل الجميع،
لا يجب ترك قرية واحدة، ولا قبيلة واحدة، بهذه الطريقة فقط، سيتحقق الخلاص بتهجير
العرب الفلسطينيين".
إخفاقات التهجير
وأوضح أنه "في خضم معارك 1948، طُرد ٧٠٠ ألف
فلسطيني، وأشهرهم في اللد والرملة، وهو ما كشفه مؤخرا كتاب جديد، لأول مرة، بعنوان
"السنوات الأولى للموساد 1949-1963"، وألفه أوري روست وشاي راز، وذكر
فيه أن الموساد كلف إسحاق نافون، رئيس الدولة لاحقًا، أُرسل نيابةً عن وزارة
الخارجية، إلى أوروغواي للترويج لفكرة أن اللاجئين الفلسطينيين سيستقرون في بلدان
أمريكا الجنوبية، ولكن بعد فترة وجيزة، أدرك أن الفكرة غير مجدية، ورغم ذلك، لم
يستسلم الموساد، وبعد حرب 1967، عاود الانخراط في محاولة لتشجيع وتمويل هجرة
الفلسطينيين لأمريكا الجنوبية، لكن الخطة فشلت مجددا".
وأضاف أن "اليوم، يُرسل رئيس الموساد ورجاله
مجددًا لدول مختلفة، مثل إثيوبيا وإندونيسيا والصومال وأوغندا، لمحاولة إقناع
قادتها باستيعاب الغزيين، وفقًا لخطة "الهجرة الطوعية" التي أقرها مجلس
الوزراء، وهي فكرة يُفكّر فيها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وإدارته، بالطبع، هذا
لن يحدث، فمصر، التي تخشى من اقتحام الغزيين لحدودها، ودول عربية أخرى أوضحت
بالفعل أنها ستأخذ هذه المحاولات على محمل الجد".