لا
تتوقف الانتقادات الإسرائيلية ضد قرار الحكومة التي تتصرف ضد مصالح الدولة بمواصلة
الزحف نحو أحياء
غزة، رغم أنه ينبغي عليها أن تسعى لإنهاء الحرب بنسخة من خطة
ويتكوف، وليس توسّعها باحتلال غزة، والسيطرة عليها، لأن حسم معضلتها بناء على
اعتبارات سياسية ائتلافية هو انتهاك للميثاق القائم بين الدولة ومواطنيها، وإن
إرسال الجنود للمعركة في غزة، دون مبرر جوهري مستمد من الأمن القومي، أمرٌ فظيع.
وذكر البروفيسور
يديديا شتيرن، رئيس معهد سياسات الشعب اليهودي (JPPI)، أن "الطريق
مفتوحة أمام دراسة موضوعية لمعطيات الحرب في غزة، وتؤدي إلى استنتاج قاطع بأن
إنهاءه هو مصلحة استراتيجية إسرائيلية عليا، لأن سلسلة مزايا استمرارها ضئيلة، ويجب
محو الخيالات المتمثلة بالهجرة "الطوعية"، أو تحويل غزة الفلسطينية إلى
"وطن" يسكنه اليهود، والتوقع بإعادة تثقيف مليوني فلسطيني للعيش بسلام بجانبنا
ليس ممكنًا على الفور نظرًا لإيمانهم الديني المتجذر، والمعاناة التي تعرضوا لها
منا في الحرب، ومصالح الحركة الوطنية الفلسطينية".
وأضاف شتيرن وهو الأستاذ الفخري للقانون بجامعة بار إيلان، في
مقال نشرته صحيفة يديعوت أحرونوت، وترجمته "عربي21" أن "الافتراض الشائع بأن يكون
الاحتلال الكامل
مفيدًا فقط من حيث الردع، يحمل خطأً في التقدير، لأن الردع مسألة وعي مستمد من
تفسير الحقائق، التي تشير أن
نتنياهو هزم المحور الإيراني، على عكس الطريقة التي
عملنا بها في غزة، رغم أننا دمرناها بالفعل، لكن الحكومة هنا تنتهك المصلحة
الوطنية عندما تربط تحديد وعي النصر بمستقبل كتائب حماس المتبقية في غزة".
وأشار إلى أن "هذا يكشف عن مدى قصر النظر لدى الحكومة، والخلط بين التكتيكي
والاستراتيجي، الذي يرهن الإنجازات الهائلة التي راكمناها في الحرب مقابل احتلال
الربع المتبقي من القطاع، رغم أن ذلك لن يردع من لم يرتدع حتى الآن، رغم انطلاق
عملية مركبات جدعون الثانية، لأن العدو، حماس، الضعيف جدًا، تتمتع بمزايا نسبية
واضحة في ساحة المعركة".
وأشار إلى أن "قائمة مساوئ
استمرار الحرب في غزة طويلة جدًا، لليهود، وللدولة، ولكل واحد
منا شخصيًا، فمعاداتنا في الغرب، من أقصى اليمين واليسار، تتراكم منذ زمن طويل،
مما يستدعي توجيه الحرب بحيث لا تحتل مواقف الأطراف المتطرفة مواقع متقدمة في الرأي
العام المركزي حول العالم، فمن كان يصدق أن الجيل الشاب في الحزبين الأمريكيين،
الديمقراطي والجمهوري، سيفضّل الفلسطينيين على الاسرائيليين، وأن الغرب، في معظمه،
سيعترف بدولة فلسطينية، وأن المستشارة الألمانية، المؤيدة لنا، ستفرض حظرًا على
الأسلحة".
اظهار أخبار متعلقة
وحذر من أن "احتلال غزة سيفاقم هذه التوجهات بشكل كبير، وهي تشكل تهديدا استراتيجيا
لمستقبلنا، لأننا نفقد الشرعية بنظر شريحة كبيرة من يهود أمريكا، وهي ركيزة أساسية
للحفاظ على نفوذنا في السياسة الأمريكية، كما أن احتلالًا كاملًا للقطاع، من
المحتمل أن يؤدي لحكم عسكري، سيضع علينا عبئًا اقتصاديًا هائلًا، وقد امتنع وزير
المالية بيتسلئيل سموتريتش، عن تقديم التكلفة التقديرية لحكم عسكري في غزة، رغم أن
التقديرات تشير لمبالغ خيالية تصل عشرات المليارات سنويًا".
وأضاف
أن "الأهم من ذلك، أن الاستراتيجية الوطنية يجب أن تأخذ في الاعتبار الجوانب
الاجتماعية أيضا، فالإسرائيليون ممزقون بسبب الجدل الدائر حول المختطفين، ويرى
الكثيرون أن استمرار الحرب بمثابة تخلٍّ فعلي عنهم، ونحن نتصارع مع مسائل أخلاقية،
حيث يُقتل العشرات من الفلسطينيين غير المنخرطين في القتال يوميًا، بل إن الكثيرين
باتوا يعتقدون أن الحرب مدفوعة باعتبارات ائتلافية حزبية، والخشية أن تتسرب كل هذه
العناصر إلى صفوف الجيش، وتمزقه الخلافات الداخلية".
وختم
بالقول إن "كل هذه المعطيات تشكل ضربة قاصمة للردع الإسرائيلي، مما يؤكد ان الاستمرار
في التوغل في أحياء غزة خطأ يتعارض مع المصلحة الاستراتيجية للدولة".