في
مثل هذه الأيام قبل عشرين عاما، فاجأ أريئيل
شارون رئيس حكومة
الاحتلال،
الإسرائيليين جميعا بإعلانه فك الارتباط عن
غزة، والانسحاب منها، حتى أن كبار
ضباط هيئة الأركان العامة للجيش، لم يكونوا يعرفون ما يعنيه، وعندما أوضح أنه
سيخلي جميع المستوطنات، لم يتبقَّ سوى المضي قدما في مرحلة التخطيط، واليوم بعد
مرور عقدين من الزمن على الخطة، تجد دولة الاحتلال نفسها في شرك من الإشكاليات
المتلاحقة.
وكشف غيورا
آيلاند، الرئيس الأسبق لمجلس الأمن القومي، أنني "مثل كثيرين غيري، حضرت مؤتمر هرتسليا في نهاية عام 2003، عندما فاجأ شارون الدولة بأسرها بإعلانه الانفصال
عن غزة، كنت آنذاك رئيسًا لدائرة التخطيط في الجيش، ومثل العديد من زملائي في
هيئة الأركان، بمن فيهم رئيسها موشيه يعلون، لم نعرف نوايا شارون تجاه غزة، وبعد
شهرين، في كانون الثاني/ يناير 2004، أصبحت رئيسا لمجلس الأمن القومي، وتناول أول اجتماع عمل
لي مع شارون بشكل رئيسي قضية الانسحاب".
وأضاف
في
مقال نشره موقع ويللا، وترجمته "عربي21" أنني "طلبتُ مهلة شهرين لدراسة جميع الاحتمالات المتاحة لنا، وافق شارون، وبعد
أسبوعين أذهل الجميع بقوله إن فك الارتباط يعني إخلاء جميع المستوطنات من غزة، وبالتالي
فكل ما تبقى لي هو التخطيط لكيفية تنفيذ ما تم تحديده بالفعل، واليوم بعد مرور كل
هذه السنوات يمكن لي استخلاص جملة من الأخطاء الإشكالية".
وأوضح
أن "الخطأ الأول يتمثل في أنه عندما أعلن شارون عن خطة فك الارتباط، نشأ خلاف
حاد بين الاسرائيليين، وتمثل السؤال الوحيد تقريبًا في: هل أنت مع أم ضد، مما كشف
عن حجم الفشل والمغالطة، لأنه عند تقييم وضع استراتيجي، يجب ألا نقتصر أبدا على
خيارين فقط، إما أو، بل يجب أن يكون السؤال الصحيح دائمًا هو ما هو الشيء الصحيح
الذي يجب فعله، مع محاولة توسيع نطاق الخيارات بالكامل، مع أنه في 2004، كان
بإمكاننا الحصول على عدة خيارات، بعضها أفضل من الخيارين الوحيدين: مع أو ضد".
وأشار إلى أن "الخطأ الثاني يرتبط في أنه حين أعلن شارون عن رغبته في إخلاء غزة بأكملها،
كانت هناك كتلتان استيطانيتان في القطاع: غوش قطيف وثلاث مستوطنات على الحدود
الشمالية، وثلاثة أخرى معزولة: نتساريم، كفار داروم، وموراج، ولو أعلنت إسرائيل استعداده لإخلائها فقط، مع قائمة مطالب في المقابل كتوسيع ممر فيلادلفيا، من 50 مترا إلى 400 متر، لاستعد المجتمع الدولي للامتثال".
وأكد
أن "الخطأ الثالث يتمثل في أن إسرائيل أنجزت الانسحاب في أغسطس 2005، وكل ما
تبقى في يدها هو محور فيلادلفيا الحدودي بين غزة ومصر، وهو ممر ضيق للغاية عرضه 50
مترا، وكان واضحا أن السيطرة عليه يمكنها من منع، أو الحدّ من، تهريب الأسلحة من مصر
إلى غزة".
وأشار
أن "الفكرة المحورية لفك الارتباط لم تكن فقط الانسحاب من غزة، بل الأهم من
ذلك، إعفاء إسرائيل من المسؤولية عما يحدث فيها، بحيث يكون التنقل من غزة إلى مصر،
والعودة ممكنة، دون سيطرته، وفي النهاية، تمكن وزير الحرب شاؤول موفاز من إقناع شارون،
بأنه من الأفضل مغادرة محور فيلادلفيا".
وأوضح
أنه "كان من الضروري أن تبادر إسرائيل لنقاش في مجلس الأمن لإصدار قرار رسمي
يقضي بإنهاء الاحتلال لغزة مع اكتمال خطة فك الارتباط، لكن شارون لم يهتم لهذه
الخطوة، ولم يبادر إليها، لذلك دفعت إسرائيل اليوم ثمنا باهظا لعدم الاعتراف الدولي
بأنه في 6 أكتوبر 2023، لم يكن له أي مسؤولية أو التزام تجاه غزة".