"لا
تنسوا
غزة"، "سنواصل إيصال الحقيقية"، "كلنا بمعية الله"،
"سنكمل رسالتنا"، مثل هذه العبارات وغيرها كانت بمثابة رسائل
أخيرة، وثّقها الصحفيون الغزّيون قبل استشهادهم، لتتحول كلماتهم إلى وصايا حيّة تفضح
الجريمة وتخلّد الحقيقة.
ضمن مقطع مصوّر، رصدت "عربي21" أبرز ما قاله الصحفيون الشهداء خلال تغطياتهم الميدانية لحرب الإبادة الجماعية التي يشنّها الاحتلال الإسرائيلي على كامل قطاع غزة المحاصر.
وأكد العديد من الصحفيين الشهداء، خلال فترة تغطيتهم لعدوان الاحتلال الأهوج، أنّ ما يرتدونه من دروع
وخوذ للدلالة على عملهم الإعلامي، هي مجرد شعارات لم ولن تحميهم أبدًا من رصاص جيش
الاحتلال.
كان الصحفيين قيد تغطيتهم للحرب التي انتُهكت فيها كافة القوانين والمواثيق الدولية المرتبطة بحقوق الإنسان، على وعي بأنّهم أيضا ضحايا وأهداف مُستباحة للقتل على يد آلة الحرب
الإسرائيلية التي لطالما عملت على إطفاء مصابيح الكلمة الحرة.
في السياق نفسه، أبرز
صحفيو غزة
الشهداء السابقون، والأحياء الحاليون، أنهم كانوا وسيواصلون المشوار ونقل الصورة
والكلمة رغم عدوان الاحتلال الإسرائيلي المستمر عليهم، ونيّته المبيتة باستهدافهم؛ كما أنّ بعضهم قبل الاستشهاد قد ظهر عبر مقاطع فيديو، وهو يردّد أغنية "سوف نبقى هنا"، في إشارة إلى الاستمرار في تأدية الرّسالة على الرغم من المأساة الجارية.
الصحفيون
أكدوا أنّ: محاولات قتلهم ليست خطأ عابرا، بل جريمة مقصودة، ومحاولة يائسة من احتلال
مأزوم لإسكات الصوت وحجب الصورة وخنق الرواية، فهذه حرب إسرائيلية على الحقيقة،
حربٌ على كل مَن حمل كاميرا أو قلما لينقل ويكتب بالدم قصة شعب يُباد أمام عيون
العالم، ويظن الاحتلال أنه بإقصاء العيون سيحجب النور، لكنه لا يدرك أن الحقيقة
صارت أوضح من أن تُدفن، وأن صوت الميدان مهما خُنق سيبقى مجلجلا في الوجدان.
وبالتزامن مع
مرور شهر على اغتيال مراسلي الجزيرة أنس الشريف ومحمد قريقع و4 من زملائهما، أعلنت
منظمة العفو الدولية، عن تنظيم وقفة احتجاجية رسمية في العاصمة البريطانية لندن، تكريما
للصحفيين الشهداء في قطاع غزة، تضمنت إضاءة أكثر من 240 شمعة، في إشارة إلى عدد
الصحفيين الذين قتلتهم دولة الاحتلال الإسرائيلي خلال حرب الإبادة الجماعية التي تشنّها على القطاع
منذ نحو عامين، وهي الفترة الأكثر دموية على الإطلاق للصحفيين، وفق وصف المنظمة
الدولية.
وردًا على
مساع دولة الاحتلال الإسرائيلي في تشويه سمعة الصحفيين في غزة لتبرير قنلهم، قالت الرئيسة التنفيذية
للجنة حماية الصحفيين، جودي غينسبرغ، إنّ ذلك "نمط متكرر من إسرائيل، ليس فقط
في الحرب الحالية بل على مدى العقود السابقة، تقتل القوات الإسرائيلية صحفيا، ثم
تقول بعد ذلك إنه إرهابي، لكنها لا تقدم أدلة لدعم هذه الادّعاءات".
اظهار أخبار متعلقة
وفي شهادة حيه
لإحدى أشهر مراسلي الحروب عن غزة، كتبت الصحفية والحقوقية الأمريكية "جانين
دي جيوفاني" على حسابها بموقع التواصل الاجتماعي "إكس"، قائلة:" غطّيتُ 18 حربا على مدى 35
عاما، تعرَّضتُ لإطلاق النار، وللاختطاف، والتهديد، لقد خسرتُ أصدقاء من سراييفو
إلى سوريا، ظننتُ أنني رأيتُ أسوأ ما في الإنسانية، كنتُ مخطئة، لا شيء يُقارَن
بغزة، ولا بالتواطؤ الذي يسمح بحدوث ذلك".
ومنذ بدء الإبادة الجماعية بغزة، يتعمد جيش الاحتلال الإسرائيلي استهداف القطاعات الحيوية والعاملين في المجال الإنساني، من مستشفيات
وطواقم طبية وصحفية ورجال دفاع مدني، رغم المطالبات الحقوقية الدولية والأوروبية
المتكررة بتحييدهم عن الاستهداف.
وارتفعت حصيلة الضحايا إلى 64 ألفا و756 شهيدًا مع وصول 38 شهيدًا و200 إصابة إلى مستشفيات القطاع في آخر 24 ساعة، وحصيلة شهداء التجويع وسوء التغذية ارتفعت إلى 413 شهيدًا بينهم 143 في آخر 24 ساعة، بحسب وزارة الصحة في غزة.