سادت حالة من التفاؤل بين أسر معتقلين
مصريين، جرّاء إعلان رئاسة الجمهورية، دراسة حالة 8 معتقلين سياسيين، بينهم الناشط علاء عبد الفتاح المعتقل منذ 2019، لإتخاذ قرار بإخلاء سبيلهم، ما اعتبروه: "بارقة أمل تقدموا على إثرها بطلبات عفو عن ذويهم".
وكان رئيس النظام المصري، عبد الفتاح السيسي، قد وجّه الثلاثاء الماضي، النائب العام، ووزارة الداخلية، بدراسة التماس المجلس القومي لحقوق الإنسان (حكومي)، للإفراج عن علاء عبد الفتاح، وسعيد مجلي، وكرم عبد السميع، وولاء جمال، ومحمد عوض، ومحمد عبد الخالق، ومنصور عبد الجابر.
وأحدث الخبر صدى جيدا، فيما دفع نقيب الصحفيين، خالد البلشي، لمطالبة المجلس، والنائب العام، بإخلاء سبيل 19 صحفيا؛ وطالب الحقوقي نجاد البرعي بإغلاق ملف المحبوسين احتياطيا، والإفراج عن الناشط محمد عادل والصحفي أشرف عمر.
وفي السياق نفسه، قدّمت أسر معتقلين، التماسات للمجلس القومي لحقوق الإنسان، بينها إعلان المحامي خالد بدوي، تقديم طلبا للإفراج الصحي عن زوجته الحقوقية هدى عبد المنعم، المعتقلة قبل 7 سنوات وتعاني صحيا، وتقديم عائلة الرياضي أيمن موسى، المحكومة بـ15 عاما، والمعقتل في آب/ أغسطس 2013، بالتماس مماثل.
بدورها، طالبت سلوى رشيد، زوجة الناشط العمالي شادي محمد، بإخلاء سبيله، مشيرة إلى أنّ نبأ دراسة حالة علاء عبد الفتاح قد منح أسر المعتقلين أملا، داعية للإفراج عن معتقلي الرأي والتضامن مع فلسطين.
"تنكيل" يكشف التناقض
وسط ما يحمله التوجيه الرئاسي من آمال في انفراجة بالملف الحقوقي، واحتمال إخلاء سبيل معتقلين، تتزايد إجراءات توصف بكونها "تنكيلا بهم في السجون ومراكز الاحتجاز"، ووفق تقارير حقوقية: "تحولت أحوالهم إلى قطعة من الجحيم، بأوامر من
الرئاسة المصرية، أيضا".
أحدث الوقائع في هذا الإطار، "التهديد المباشر والصريح من ضابط أمن وطني بسجن (بدر 3)، للحقوقي المصري المعتقل منذ العام 2018 والمحكوم بالسجن 15 عاما والممنوع عنه الزيارة لأكثر من 8 سنوات، محمد أبوهريرة، بنقله لسجن (الوادي الجديد)، ثم تصفيته جسديا، وذلك في إطار الضغط عليه لفك إضرابه عن الطعام".
ونقلت "الشبكة المصرية لحقوق الإنسان"، تهديد ضابط الأمن، لأبو هريرة، وقوله إن "لديه تفويضا من رئاسة الجمهورية بعزل جميع المعتقلين عن العالم الخارجي، ومنحه صلاحيات واسعة لاتخاذ إجراءات عقابية لإجبارهم على إنهاء إضرابهم".
مخالفات وضغوط.. ومأزق كبير
أوضح مدير وحدة الرصد والتوثيق بـ"الشبكة"، خالد محمود، أن "استمرار الانتهاكات بحق آلاف المعتقلين بالمخالفة للقوانين لأكثر من 12 عاما، دفعت لتزايد محاولات الانتحار وخاصة بـ(بدر 3)، وإضراب المئات وبينهم كبار سن عن الطعام لأكثر من شهرين، ما يشكل تهديدا مباشرا لحياتهم".
وفي تعليقه على ما وُصف بـ"تناقض" إعلان السلطات المصرية، مراجعة ملفات بعض المعتقلين مع ما يجري من "تنكيل وتهديد للمعتقلين بالسجون"، قال محمود، لـ"عربي21": "هي في مأزق كبير مع استمرار حبس علاء عبد الفتاح غير القانوني، خاصة مع الضغط الخارجي والبريطاني منه، ومع ما ارتكبته من تحايل وتلاعب بالأرقام والتواريخ لاستمرار حبسه، وكأن لسان حال النظام يقول: الورق ورقنا ومن يراجع خلفنا".
الباحث في المنظمة الحقوقية العاملة من لندن، يضيف: "لا نرى تغيرا في سياسة السلطات الأمنية، حيث إنّ انتهاكاتها وتجاوزاتها فاق الوصف، وصارت منهجيتها بارتكاب الانتهاكات هي المعتاد وغير ذلك استثناء"، مؤكدا أن "الاعتقالات مستمرة ومتصاعدة مع إحالة عشرات القضايا لمحاكم الجنايات، ويقابلها إخلاء سبيل عدد بسيط".
اظهار أخبار متعلقة
أهم حالات التناقض
بخصوص أهم الحالات التي يظهر فيها حجم "تناقض السلطات"، يبين أولا، أن "حالة التفاؤل البسيطة كانت تعاطفا مع احتمالات إخلاء سبيل علاء عبدالفتاح، المستحق"، موضحا في المقابل، أنّ: "السجون بها عشرات آلاف المعتقلين المستحقين لإخلاء السبيل، لأنه لا يستوجب حبسهم ثانية واحدة وليس سنوات طويلة، فاقت الحد الأقصى لمدد الحبس الاحتياطي".
ويلفت محمود، إلى أنّ: "أبسط نموذج لذلك ما رصدته الشبكة المصرية عن تهديد أبوهريرة، بالتصفية الجسدية، وتهديد غيره من المعتقلين بمزيد من التنكيل والانتهاكات والحرمان من أبسط حقوق مشروعة".
وأشار إلى "استمرار حبس 6 من أشقاء وأقارب الفنان والإعلامي المعارض من الخارج هشام عبد الله، وقيام جهاز الأمن الوطني المسؤول الأول عن إدارة ملف المعتقلين بتغريبهم لسجون (الوادي الجديد)، و(المنيا شديد الحراسة) بالصعيد، في خطوة انتقامية".
الداخل مفقود والخارج مفقود
في حديثه لـ"عربي21"، كشف محامي حقوقي مصري، عن جانب آخر من أزمة المعتقلين، موضحا أنه "حتى من يخرج منهم بقرار إخلاء سبيل أو انتهاء فترة محكوميته أو بعد حدوث عجز له يصبح في عداد الموتى، مؤكدا أن المقولة الشهيرة: (الداخل مفقود والخارج مولود)، لا تنطبق عليهم".
ويلفت إلى "وفاة، أحد المعتقلين السابقين بأمراض خطيرة"، موضحا أنه "اُعتقل مدة 6 شهور ثم أُخلي سبيله ونتيجة للضغط النفسي وتركه بيته والخوف من الاعتقال مجددا ظهرت عليه علامات مرضية خطيرة، تفاقمت بعد اعتقاله ثانية لفترة قصيرة حيث خرج محملا بعجز في ذراع وقدم وصعوبة بالنطق، أقعدته عن العمل، حتى تكاثرت عليه الأمراض ومات قبل أيام".
وبيّن حالة المعتقل ثاني، موضحا أنه "جرى حبسه 12 عاما، وتعرض لجميع أنواع الانتهاكات من إخفاء قسري وتعذيب بدني وحبس انفرادي، ليجري إخلاء سبيله بعد انتهاء محكوميته، وبعدما تأكد الأمن الوطني أنه غير قادر على التحرك إلا بمساعدة آخرين، ليبقى حبيس بيته منتظرا الموت، وكأنه لم يغادر المعتقل"، وفق وصفه.
اظهار أخبار متعلقة
شكاوى التنكيل لا تتوقف
في حين يواجه أكثر من 50 معتقلا أغلبهم من قيادات جماعة الإخوان المسلمين في "سجن بدر 3"، الموت، مع دخول إضرابهم عن الطعام شهره الثاني، دعا الدبلوماسي المصري المعتقل منذ 2013، والمضرب عن الطعام، رفاعة الطهطاوي، عبر رسالة مسرّبة بـ"تشكيل لجنة لتقصي الحقائق برئاسة الدكتور محمد البرادعي"، في مطلب لم ترد عليه السلطات.
أيضا، نقل "مركز الشهاب لحقوق الإنسان" رسالة استغاثة من معتقلي سجن "وادي النطرون 440"، تكشف حجم الانتهاكات الممنهجة وسوء أوضاعهم الصحية والمعيشية.
إلى ذلك، تتصاعد شكاوي أسر المعتقلين والمخاوف على حياتهم بشكل يومي، والتي عبرت عنها أسرهم، وبينهم المحامي، خالد بدوي، وزوجة الدكتور محمد البلتاجي، وغيرهما، عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
وطالب حقوقيون بإخلاء سبيل المحامي، إبراهيم متولي، المعتقل قبل 8 أعوام من مطار
القاهرة 10 أيلول/ سبتمبر 2017، بينما كان بطريقه إلى "المفوضية السامية لحقوق الإنسان" بجنيف، لعرض قضايا "الاختفاء القسري" والتي تعرض لها نجله.
كذلك، طالب نشطاء بالحرية للمعتقلة، علا القرضاوي، وزوجها حسام خلف، مع مرور أكثر من 8 سنوات على اعتقالهما، كما دعا مركز "الشهاب لحقوق الإنسان"، لإخلاء سبيل الصحفي، أحمد صبري (35 عاما)، وزوجته أسماء عبد الرحمن (33 عاما)، المعتقلين منذ عامين في سجني "أبوزعبل" و"العاشر من رمضان".
وفي أحدث قرارات الاعتقال، أوقفت السلطات الأمنية بالإسكندرية "شمال غرب"، الخميس، المتحدث باسم الأهالي الرافضين لقرار حكومي بالتهجير القسري لأهالي منطقة طوسون، لإنشاء أحد الطرق، عبد الله محمد، وإخفائه قسريا.
واعتقل الناشط السيناوي، سعيد عتيق، فيما تعرّض للإخفاء مدة 10 أيام، والحبس على ذمة التحقيقات، إثر منشور عبر مواقع التواصل الاجتماعي ينتقد فيه تصاعد نفوذ رجل الأعمال إبراهيم العرجاني في سيناء، وعلاقته بدولة الإمارات.
وتواصل السلطات المصرية، ما يوصف بـ"جريمة الإخفاء القسري" بحق آلاف المعتقلين، فيما تظل حالة البرلماني السابق والناشط والطبيب المختفي منذ 7 سنوات، مصطفى النجار، الأشهر، والتي عبرت عنها شقيقته إيمان، بإطلاق هاشتاغ "#مصطفى_النجار_فين".
ومؤخرا، تكرّرت بشكل مثير، مخاوف المصريين، اعتداءات قوات الأمن عليهم واعتقالهم بالمخالفة للقانون؛ فيما كشفت مقاطع مصورة عن امتداد "الظاهرة" لتشمل الاعتداء على أطفال قصر، بينهم زياد إسماعيل (14 عاما) بمدينة العريش، في جريمة تستوجب لمرتكبها السجن المشدد من (3- 10) وفقا للمواد (241–242) من قانون العقوبات.
وإزاء تلك الانتهاكات دعت 23 منظمة حقوقية مصرية ودولية، الخميس، الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، للامتناع عن التصويت لصالح مصر في الانتخابات المقبلة لـ"مجلس حقوق الإنسان" لدورة (2026–2028)، متهمة حكومة القاهرة باستغلال عضويتها بالمجلس للإفلات من المساءلة عما ترتكبه من انتهاكات حقوقية.