"أنا
مقتنعٌ تماما بأنني على صواب، رغم شكي في أني سأحيا حتى تثبت الأيام أني كنت على حق،
فهؤلاء الذين سيبدأون هذه الحركة لن يعيشوا لرؤية نهايتها المجيدة، بيد أن في خَلقِها
ما يكفي من الفخر والسعادة ونوع من الحرية الروحانية".
ما سبق
هي فقرة وردت في كتاب "الدولة اليهودية" الذي خطه
هرتزل مؤسس الحركة
الصهيونية،
والذي لخصتُه عام 2017 ونشر على حلقات في مدونات الجزيرة، ليعلم من لم يعلم، كمية الحقد
المتدفق من حروف الطغاة وقلوبهم.
يؤكد "هرتزل"
أن فكرته لا بد أن تجد من يتبناها ويعمل على تنفيذها، ولو بعد حين، وهي إقامة حلم
إسرائيل
الكبرى من النيل إلى الفرات، ومرورا بكل قادة الاحتلال، فقد قام كل واحد منهم بما سمحت
له الظروف في سبيل تحقيق ذلك الحلم، حتى وصل قطار الحلم إلى قاطرة
نتنياهو، الذي ظهر
مؤخرا ومعه خريطة، وكأنه معلم جغرافيا في مدرسة ابتدائية. وهذه الجملة ليست استهزاء
بما يفعل، بقدر ما أقصد بها أنه يمارس المهمة وفق (بالمثال يتضح المقال).
ما يقوله نتنياهو الآن لا يأتي به من شجرة لا أصل لها، بل هو ينطق كلاما رضعه من نبع هرتزل؛ لأن نتنياهو لمن لا يعرف، هو ليس رجل سياسة فقط، بل هو صاحب مؤلفات
ما يقوله
نتنياهو الآن لا يأتي به من شجرة لا أصل لها، بل هو ينطق كلاما رضعه من نبع هرتزل؛
لأن نتنياهو لمن لا يعرف، هو ليس رجل سياسة فقط، بل هو صاحب مؤلفات، فقد كتب "مكانة
تحت الشمس" و"محاربة التطرف"، ويسير في مساره السياسي منطلقا من عقيدة
توراتية لتنفيذ مخططات إقامة حلم إسرائيل الكبرى لجمع شتات اليهود فيها.
نتنياهو
من خلال ما كَتبه في كُتبه وما قاله وما يفعله ولا زال يطرحه، يؤكد بلا أدنى شك أنه
الوريث الشرعي الحقيقي لهرتزل فيما يتعلق بتحقيق رؤية إسرائيل الكبرى، وحينما يتحدث
نتنياهو عن رؤية إسرائيل الكبرى لا يقولها مجرد مناورة، بل يقصد أنه ماض في هذا الأمر،
وكأنه يرد على "هرتزل" عمليا حين قال: "يتوقف على اليهود أنفسهم أن
يبقى هذا الكتيب السياسي مجرد خيال سياسي، وإذا كان الجيل الحالي بهذا القدر من الفتور
بحيث يعجز عن فهم هذا الكتيب على النحو الصحيح، فسينهض في المستقبل جيلٌ أفضل وأحسن
يستطيع فهمه".
والملفت
للانتباه أن نتنياهو ذكر الدول التي سيأخذها إما كلها مثل الأردن ولبنان وسوريا، أو
جزء منها مثل مصر، وكأنه يقول: "هذه خطتي إما تساعدوني بصمتكم عني أو تذهبوا لبيوتكم"،
وهذا يؤكد ما جاء في كتاب "هرتزل.
نتنياهو ذكر الدول التي سيأخذها إما كلها مثل الأردن ولبنان وسوريا، أو جزء منها مثل مصر، وكأنه يقول: "هذه خطتي إما تساعدوني بصمتكم عني أو تذهبوا لبيوتكم"، وهذا يؤكد ما جاء في كتاب "هرتزل
يذكر المفكر
الفرنسي المسلم "روجيه جارودي" في كتابه" فلسطين ارض الرسالات"
عن "موشيه دايان" قوله: "إن أباءنا قد بلغوا الحدود التي اعترف لنا
بها التقسيم وقد بلغ جيلنا حدود 1949، والآن لقد نجح جيل حرب الأيام الستة في بلوغ
السويس والأردن ومرتفعات الجولان. إن الأمر لم ينته، فلنا وراء خطوط وقف إطلاق النار
الحالية حدود جديدة ولسوف تمتد هذه الحدود فيما رواء الأردن وربما إلى لبنان، وربما
إلى سوريا الوسطى أيضا".
إن حديث
نتنياهو عن رغبته في التهام دول عربية لتحقيق مشروعه الصهيوني، يذكرنا بما كتبه الشاعر
أحمد مطر في ذات قصيدة: "إذا تركت أخاك تأكله الذئاب.. فاعلم بأنك يا أخاه ستُسطاب".
وربما نتنياهو يطبق ما توقعه أحمد مطر، فقد التهم العدو غزة والضفة ولبنان، وها هو
الآن يمضي دون رادع يردعه، وسيأكل الذين تركوا أخاهم تأكله الذئاب.
أختمُ:
من يقرأ كتاب "الدولة اليهودية" وغيره من كتب قادة ومفكري الحركة الصهيونية
يدرك أنهم يُسخّرون كل شيء لتحقيق أهدافهم بكل الطرق، بغض النظر عن الأخلاق أو القانون
أو الإنسانية، كل هدفهم هو إقامة دولة لهم في فلسطين وفق ما يدعون أنه جاء في توراتهم
المُحرفة، فهل قرأ حكامنا العرب ما كتبه الصهاينة؟ ولنفترض أنهم قرأوا، هل استعدوا
لما جاء في الكتب؟
facebook.com/mostafa201311