تراجع عدد
اللاجئين السوريين في
تركيا إلى 2.5
مليون، وفق أرقام رسمية تركية، وسط توقعات من أنقرة بزيادة في وتيرة العودة
الطوعية للاجئين إلى بلادهم.
وأكد وزير الداخلية التركي علي يرلي كايا أن عدد
اللاجئين السوريين المقيمين في تركيا تراجع إلى 2.5 مليون شخص، بعد عودة نحو 450
ألفاً منذ سقوط نظام الرئيس المخلوع أواخر العام 2024، مشيراً إلى انخفاض أعداد
السوريين بشكل لافت خلال السنوات الثلاث الماضية، عندما كان عدد اللاجئين المسجلين
تحت الحماية المؤقتة 3.5 ملايين في العام 2022.
ومنذ سقوط النظام وصل عدد اللاجئين السوريين الذين
غادروا تركيا إلى قرابة نصف مليون لاجئ، ويرى المحلل السياسي التركي يوسف كاتب
أوغلو، أن هذا الرقم يشكل مؤشراً على رغبة قوية لدى اللاجئين بالعودة إلى بلادهم.
لكن رغم ذلك، يؤكد أن تركيا ليست في وارد إجبار
اللاجئين السوريين على العودة إلى بلادهم، ويقول لـ"
عربي21":
"أعلنت تركيا أن العودة ستكون طوعية وآمنة، وعملت على ذلك من خلال دعم
الحكومة السورية الجديدة، لتمكين عودة اللاجئين، وهذا ما يمكن تلمسه من خلال عودة
نصف مليون لاجئ منذ تغيير السلطة في
سوريا".
اظهار أخبار متعلقة
أما عن بقية اللاجئين السوريين، يؤكد كاتب أوغلو أن "تركيا
تُرحب بوجودهم، وكل من يحمل بطاقة الحماية المؤقتة (الكملك) لن يُجبر على العودة".
وشدد على أن "تركيا لا تعتبر اللاجئين ضمن
الأعباء، وإنما هم قيمة مضافة للمجتمع والاقتصاد التركي، وخاصة أن أعدادا كبيرة
منهم يتقنون اللغة التركية ويعلمون الثقافة التركية، ما يعني أنهم خير سفراء
للبلاد"، وفق رأيه.
السياسة التركية تجاه اللاجئين السوريين
ويتفق مع كاتب أوغلو، المحلل السياسي التركي عبد
الله سليمان أوغلو، في اعتبار أن السياسة التركية تجاه ملف اللجوء السوري ثابتة،
موضحا أن "ارتفاع أعداد اللاجئين السوريين العائدين إلى بلادهم يبقى رهن
الاستقرار في سوريا، ونتوقع زيادة في وتيرة العودة قبيل بدء العام الدراسي
الجديد".
ويضيف سليمان أوغلو لـ"
عربي21" أن "ما
يؤخر عودة كامل السوريين هو عدم توفر المساكن الجاهزة، وقلة فرص العمل في سوريا،
وذلك على الرغم من ارتفاع تكاليف المعيشة في تركيا لجهة ارتفاع الإيجارات والخدمات".
وتابع سليمان أوغلو أنه "كل البلدان التي تشهد
حروباً لا تسجل عودة لكل اللاجئين سريعاً، وتعودنا في تركيا على بقاء لاجئين من
جنسيات مختلفة رغم انتهاء الحرب في بلدانهم".
وأشار إلى حصول أعداد كبيرة من السوريين على الجنسية
التركية، وقال: "بالتالي قد لا يعود بعض هؤلاء إلى سوريا، وقد يعود الآباء
دون الأبناء"، مستدركا: "لكن قطعاً فإن تحسن الوضع الاقتصادي والخدمي في
سوريا، يمهد لعودة عدد كبير من اللاجئين".
اظهار أخبار متعلقة
من جهتها، تشير مدير الوحدة المجتمعية في مركز
"الحوار السوري" كندة حواصلي، إلى غياب خطة لإنهاء وجود اللاجئين
السوريين في تركيا وغيرها من الدول المستضيفة وتحديداً الأوروبية.
وتؤكد حواصلي في حديثها لـ"
عربي21" أنّ الدول
المستضيفة تراقب الوضع في سوريا، لاعتبار سوريا آمنة، الأمر الذي يمكن من إعادة
النظر بوضع اللاجئين، مبينة: "في حالة تركيا، يبدو أن أنقرة ترغب بعودة جزء
من اللاجئين لتخفيف الأعداد لإرضاء الرأي العام الداخلي، أما البقية فوجودهم يصب
في مصلحة تركيا واقتصادها".
وتنوه إلى ما اعتبرته "صدمة في سوق العمل التركية"
في حال عودة كل اللاجئين السوريين إلى بلادهم، وقالت: "تركيا تركت القرار
للرغبة الشخصية للاجئين".
وبسؤالها عن سبب عودة نصف مليون لاجئ منذ سقوط
النظام، وبقاء العدد الأكبر، قالت: "يعود هذا لظروف العائلات السورية، بمعنى
أن العائلات التي تحصل على دخل مالي جيد بقت في تركيا، وكذلك العائلات التي يدرس
أفرادها في المدارس التركية بقيت كذلك".
تأمين المنازل
حواصلي لفتت أيضا إلى محاولة العائلات السورية ادخار
الأموال قبل العودة إلى بلادهم، موضحة أن "العودة تتطلب توفير مسكن في سوريا،
ومع سقوط النظام زاد اليقين لدى السوريين بمستقبل بلادهم، ولذلك باتوا يخططون
لتأمين المنازل، ومن المعلوم أن كلفة الإعمار في سوريا مرتفعة".
ووفق تقارير أممية، ما تزال التحديات الإنسانية
واللوجستية موجودة في سوريا، حيث يواجه العائدون دماراً واسعاً في مساكنهم،
وانهيارا البنى التحتية، وغيابا للخدمات الأساسية من كهرباء ومياه وصحة وتعليم،
بجانب مخلفات الحرب المنتشرة في كثير من المناطق.
ويتوج كل ذلك الخوف من المستقبل، بحيث لا زال الوضع
في سوريا قابلا للانفجار، وخاصة في ظل عدم حسم مصير مناطق سيطرة قوات سوريا
الديمقراطية (قسد) شمالي شرق البلاد، والسويداء جنوباً.