أثارت الغارة الأمريكية على منشأة فوردو
الإيرانية اهتماما دوليا، حيث استخدمت الولايات المتحدة قنبلة ضخمة لاستهداف المخبأ، فيما يرى الخبراء أن قوة الصخور والخرسانة المسلحة قد تحد من تأثير الانفجار على المنشأة بشكل كامل.
ونشرت صحيفة
"نيويورك
تايمز" تقريرا قالت فيه، إنه بدون الوصول إلى الموقع، قد يستغرق الأمر بعض الوقت
قبل أن يتمكن الخبراء الدوليون من تقييم حجم الأضرار التي لحقت بمنشأو فوردو بدقة،
مع أن تقييما أمريكيا حديثا توصل إلى أن الموقع قد تضرر بشدة.
وأضافت الصحفية أن
إلقاء نظرة على القنبلة المستخدمة وهيكل المنشأة، بالإضافة إلى تقييم جيولوجيا الموقع،
تقدم بعض الأدلة، حيث قد استخدم الأمريكيون قنبلة جي بي يو -57 العملاقة التي أطلقوها
من مقاتلة بي-2 وتزن 30,000 رطلا ومحملة بـ
5,000 رطلا من المتفجرات وتصطدم بالأرض بسرعة تفوق سرعة الصوت تقريبا قبل أن تنفجر،
ورغم قوتها، يقول الخبراء إنه حتى قنبلة مثل جي بي يو-57 ليست قادرة على تدمير هدف
محصن مدفون عميقا في صخور جبل.
وأشارت الصحيفة إلى
أن تقدير تقريبي يظهر أن مقذوفا يزن 30,000 رطلا ويتحرك بسرعة أسرع من سرعة الصوت سيقطع
مسافة تتراوح بين خمسة إلى عشرة أمتار على الأكثر، أي ما يصل إلى حوالي 35 قدما، ويخترق
عدة أنواع معروفة من الصخور، بما في ذلك تلك التي يرجح وجودها في فوردو، كما قال رايان
هيرلي، الأستاذ المشارك في الهندسة الميكانيكية بجامعة جونز هوبكنز والخبير في طبيعة
عمل الصخور في الظروف القاسية.
وتابع التقرير أن معظم
التقديرات تضع عمق فوردو في مكان ما بين 260 و360 قدما، وقد تسمح الشقوق التي خلفها
الانفجار الأول للقنابل اللاحقة بالوصول إلى عمق أكبر، ولكن من الصعب التنبؤ بمدى ذلك.
اظهار أخبار متعلقة
وأضاف التقرير ان هيرلي
وخبراء آخرون يعتقدون أن الحساب الدقيق للأضرار سيظل مستحيلا بدون معالجة حاسوبية متقدمة
وبيانات سرية عن اختبارات في العالم الحقيقي وتقدير السرعة الدقيقة وشكل القنبلة، والمعرفة
الواسعة بهيكل فوردو وجيولوجيا الموقع.
وقالت الصحيفة إن المخططين
للهجوم عندما بحثوا عن مناطق ضعف في بنية فوردو، ركزوا على فتحات التهوية التي تفتح
على سفح الجبل فوق المخبأ، مما يسمح لهم بتجنب محاولة اختراق الصخور الصلبة فوق المنشأة.
وقال مسؤول في وزارة
الدفاع الأمريكية، بحسب التقرير تحدث شريطة عدم الكشف عن
هويته، إن الفتحات الرئيسية لم تكن تتجه للأسفل بشكل مستقيم. بل كانت تتعرج وتدور بشكل
لولبي إلى حد ما في الأعلى، مما يعني أن الطريق إلى المخبأ لم يكن مستقيما حتى النهاية،
ولم يكن الشكل الدقيق لفتحات التهوية واضحا، لكن زواياها تعني أن القنابل ستواجه مزيجا
من الصخور والأنفاق المفتوحة، ولهذا قرر المخططون للضربة أنهم سيحتاجون إلى قنابل متعددة.
وأضاف أن كل من الفتحات
ينفتح على شكل رمح بثلاث شعب في الأعلى، حسب إحاطة البنتاغون في 26 حزيران/يونيو، وفي
كلا الموقعين، كان الهدف هو تفجير كتلة خرسانية، بقنبلة واحدة وإسقاط خمس قنابل أخرى
أسفل الفتحة الرئيسية.
وأشار التقرير إلى
أن الخبراء أشاروا إلى عامل الجيولوجيا في تحديد حجم الدمار، حيث يعتمد الضرر الذي
تتركه قنبلة جي بي يو -57 على الجيولوجيا عند نقطة الارتطام.
وأضاف التقرير أن عدد
الذين استشارتهم صحيفة" نيويورك تايمز" أفادوا أن مسحا إيرانيا لمنطقة فوردو، نشر عام 2020 في مجلة
"جيوبيرسيا"، وهي مجلة أكاديمية تابعة لجامعة طهران، يشير إلى أن الصخور
هناك تتكون في معظمها من" "إغينمبرايت"، وهو نوع من الصخور البركانية.
وقال استاذ علم الجيولوجيا
بجامعة حيفا يتسحاف ماكوفسكي، أن صخور إغينمبرايت "صعبة الحفر". وإن المساكن
القديمة الجوفية في كابادوكيا، وسط تركيا، نحتت في مادة إغينمبرايت، وبعض هذه الهياكل
لها مستويات متعددة، تربط بين الأنفاق ومئات المداخل.
اظهار أخبار متعلقة
وأضاف ماكوفسكي إن
الدرجة الدقيقة أو صلابة، إغينمبرايت حول فوردو غير واضحة، ولكن كما هو الحال في كابادوكيا،
ربما سهلت هذه المادة بناء مخبأ تحت الأرض.
وقال إنه من الناحية
البصرية، يبدو إغينمبرايت حول فوردو لينا نسبيا، ولكن يلزم إجراء دراسة أدق للتأكد،
ومن ذلك وأضاف أن صخور إغينمبرايت قدمت ميزة أخرى للإيرانيين. لأنها مسامية نسبيا،
يمكن أن تعمل على كبح موجات الصدمة المدمرة، مثل تلك الناتجة عن القنابل الأمريكية،
مضيفا أنه بهذه الطريقة، قد يعمل إغينمبرايت مثل "أكياس من الرمل حول الحصون القديمة
والتي وضعت لمنع اختراق الرصاص".
ومن ناحية أخرى أشار
التقرير إلى أن أستاذ الهندسة وخبير المتفجرات في جامعة إلينوي أوربانا-شامبين نيك
غلوماك، قال إنه لا شك في تأثير إغينمبرايت، أو الطف البركاني، في تخفيف الصدمات.
وأضاف: "يعرف
الطف في أوساط خبراء الانفجارات بأنه مادة امتصاص طاقة عالية الكفاءة، بل إنه من أفضلها
على الإطلاق"، وتابع: "تستخدم مواد مسامية كهذه في العديد من التطبيقات للحد
من مساحة الضرر المرتبطة بانفجار مادة شديدة الانفجار".
وأضاف حسب التقرير
أن كل هذا عن الطبيعة والقنابل أما عن عن المنشأة نفسها، فقد قال مسؤول في وزارة الدفاع
الأمريكية إن مجمع فوردو كان يحتوي أيضا على طوابق متعددة، مما أدى إلى زيادة عدد القنابل
التي حسبت الولايات المتحدة أنها بحاجة إليها لتدمير أجهزة الطرد المركزي وغيرها من
المعدات.
وتابع أن هناك احتمال
من حماية المنشأة بطرق أخرى واستخدام كتل خرسانية قوية، وبخاصة أن إيران تعتبر من أكبر
منتجي الخرسانة في العالم، وقد نشر باحثون إيرانيون أبحاثا حول الخرسانة الممزوجة بألياف
فولاذية دقيقة ومواد تقوية أخرى.
وقال أستاذ الهندسة
الإنشائية في جامعة ليهاي، كلاي نايتو، والذي تركز أبحاثه على فعالية الخرسانة المسلحة،
بأنه من خلال تشكيل جسر فوق الشقوق الدقيقة عند تعرض الخرسانة للإجهاد، يمكن للألياف
أن تجعلها أكثر مقاومة للانفجارات أو الصدمات.
وأضاف البروفسور نايتو:
"يمكن أن يضاعف استخدام الألياف قوة الشد مرتين أو ثلاث مرات، ويسمح للشقوق بالبقاء
مستقرة. وهذا يحافظ على تماسك الخرسانة إلى حد كبير".
وتابع بحسب
التقرير أن مدى فاعليتها يعتمد على قوة الانفجار ومزيج الخرسانة المحدد، ومن غير الواضح
ما إذا كان الإيرانيون قد وضعوا هذه المادة في فوردو، لكنه قال إنه أصبح من المعتاد
في الولايات المتحدة رش الخرسانة داخل الأنفاق بألياف فولاذية كطبقة حماية ودعم هيكلي،
وقد تتضمن الأساليب الأكثر تعقيدا استخدام ألواح فولاذية لامتصاص صدمة الانفجار أو
منع شظايا الخرسانة من التطاير عن الجدران وإتلاف المعدات أو إصابة الأفراد.
وأردف أن بعض التدابير
الوقائية المطبقة في فوردو معروفة، وقد وصف مفتشو الوكالة الدولية للطاقة الذرية على
مر السنين غرفا ذات جدران سميكة تفصلها أبواب ثقيلة مقاومة للانفجار.
وطرح التقرير سؤال
مشيرا إلى أنه بعد كل هذا فالسؤال هو عن حجم الضرر الذي تعرضت له منشأة فوردو؟،
حيث يعتمد الكثير على مدى قرب أي من القنابل من المنشأة، ولكن مع وجود العديد من المتغيرات
والكثير من المجهول، قد يكون من الصعب التأكد حقا مما حصل، وقال مسؤول وزارة الدفاع
إن القنابل ربما لم تصل إلى غرف الطرد المركزي نفسها، على الرغم من أن المحللين ما
زالوا يجرون تقييمات مفصلة.
اظهار أخبار متعلقة
وأضاف التقرير أن الهدف
كان استخدام موجات الصدمة والآثار الأخرى للانفجارات لتدمير أجهزة الطرد المركزي، وإذا
لم تصل القنابل إلى المخبأ نفسه، فلا يزال من الممكن أن تسبب الانفجارات أضرارا جسيمة
إذا حدثت خارج مباشرة في داخل فتحة تهوية.
وتابعت الصحفية
أنه في هذه الحالة، سيكون هناك بعض الأضرار الهيكلية في مكان اصطدام موجات الصدمة،
حيث قال أندرو نيكلسون، مدير شركة فايبر للعلوم التطبيقية، وهي شركة مقرها إدنبرة تطور
برامج محاكاة الانفجارات وتدرس آثار الأحمال الشديدة على الهياكل: "وبعد ذلك،
كلما دخلنا الأنفاق الأوسع وأبعد، يكون لها تأثير ضار على المعدات". حتى لو نجحت
قنبلة واحدة أو أكثر في الوصول إلى المخبأ، فقد يظل الضرر، مهما بلغت قوته، محدودا.
وعلق بيتر ماكدونالد،
وهو مدير آخر في شركة فايبر: "أعتقد أنه سيدمر كل شيء بشكل كبير".ولكن على الرغم من الدمار الذي سيلحق بالمعدات جراء انفجار في مساحة محصورة
داخل المخبأ، لكن ماكدونالد لا يتوقع انهيارا كاملا لمنشأة فوردو.
وأضاف التقرير أنه
من المرجح أن يقتصر الضرر الهيكلي على المناطق القريبة من الانفجار.