بدأت الولايات المتحدة، اليوم الخميس، تنفيذ
أمر تنفيذي وقّعه الرئيس الأمريكي دونالد
ترامب بفرض تعرفات جمركية جديدة على
واردات عشرات الدول، في تصعيد جديد ضمن ما بات يُعرف بـ"حرب ترامب التجارية
الثانية"، والتي تستهدف تحقيق ما يصفه البيت الأبيض بـ"العدالة
الاقتصادية" بينما تُنذر بتوترات تجارية دولية واسعة.
وتشمل الإجراءات الجديدة رفع الرسوم من نسبة
10% إلى ما بين 15% و41% على سلع قادمة من اقتصادات كبرى مثل الاتحاد الأوروبي،
اليابان، وكوريا الجنوبية، وصولًا إلى دول كالهند وسوريا وميانمار ولاوس، مع
استثناءات محدودة لقطاعات حساسة مثل الأدوية، السيارات، والرقائق الإلكترونية.
وكتب ترامب على منصته "تروث
سوشال" فور دخول القرار حيّز التنفيذ منتصف الليل: "مليارات الدولارات
جراء التعرفات تتدفق الآن إلى الولايات المتحدة الأمريكية!"، معتبرًا أن هذه
السياسة تُعيد التوازن في العلاقات التجارية الدولية وتخدم الاقتصاد الوطني.
ويبرز من بين أكثر القرارات إثارة للجدل،
فرض رسوم إضافية بنسبة 25% على الواردات الهندية، ستُرفع إلى 50% خلال ثلاثة
أسابيع، في سياق ما اعتبره ترامب ردًا على استمرار نيودلهي في استيراد النفط
الروسي رغم العقوبات الغربية. كما شملت التعرفات الجديدة زيادات ضخمة على السلع
البرازيلية، بدعوى "انتهاك القيم الديمقراطية" على خلفية محاكمة الرئيس
السابق جايير بولسونارو، حليف ترامب.
وعلى الرغم من الإعفاءات لبعض المنتجات
والقطاعات، إلا أن التأثير الاقتصادي المحلي والعالمي بدأ يثير القلق. فقد حذّرت
منظمات اقتصادية أمريكية من أن التعرفات الجديدة ستنعكس سلبًا على الشركات الصغيرة
والمستهلكين، عبر
ارتفاع الأسعار وزيادة التضخم. فيما رجّح خبير التجارة الدولية
بجامعة جورجتاون، مارك بوش، أن تضطر الشركات إلى تحميل المستهلكين الأمريكيين
العبء الأكبر، مع تراجع المخزونات وارتفاع تكاليف الاستيراد.
وفيما تستمر بعض ملفات التفاوض عالقة، مثل
ملف السيارات اليابانية والواردات الأوروبية، تؤكد واشنطن أن الرسوم الحالية قابلة
للتصعيد أو التعديل بحسب "سلوك الدول" تجاه المصالح التجارية والأمنية
للولايات المتحدة، مما يجعل الأسواق في حالة ترقب دائم، ويهدد بنشوء سلسلة نزاعات
أمام المحاكم الدولية والمحلية، خاصة مع تصاعد الجدل حول دستورية استخدام ترامب
لصلاحيات الطوارئ الاقتصادية لفرض هذه الرسوم.
وفي ظل اقتراب موعد انتخابات التجديد
النصفي، يسعى الرئيس الأمريكي لترسيخ صورة "الزعيم الحازم" اقتصاديًا،
حتى وإن كلف ذلك فتح جبهات متزامنة ضد الحلفاء والخصوم، على حد سواء.
بين الاندفاع السياسي والأثر الاقتصادي،
يبدو أن التعرفات الجمركية الجديدة تمثل أكثر من مجرد سياسة تجارية، بل اختبارًا
فعليًا لاستقرار الاقتصاد العالمي في عهد متقلّب لا تزال فيه الشعوب تدفع ثمن
الحروب التجارية والدبلوماسية.
اظهار أخبار متعلقة