تتواصل حالة تراجع تأييد الأمريكيين لدولة
الاحتلال، وفقًا لآخر استطلاعات الرأي التي تجريها كبرى المؤسسات البحثية، التي تكشف أن غالبية الرأي العام الأمريكي يعارض استمرار الحرب على
غزة، كما تتزايد معارضة سياسات رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، مما يعني أن نسبة تأييد للاحتلال في أدنى مستوياتها على الإطلاق، ونسبة تأييد الفلسطينيين في أعلى مستوياتها على الإطلاق، وهو ما يقلق الاحتلال.
وذكر آرييه شافيت الكاتب في صحيفة يديعوت أحرونوت، أنه "لمدة ثلاثين عاما، أتابع التحالف الأمريكي الإسرائيلي عن كثب، وشهدتُ عن كثب فترات الصعود والهبوط، كانت هناك أوقات عصيبة، عندما كسرنا عظام الفلسطينيين في الانتفاضة الأولى، واستولينا على مدن الضفة الغربية في الانتفاضة الثانية، وقصفنا لبنان، كانت هناك أيام صعبة، عندما هاجمنا غزة في الحروب الماضية، وفرضنا حصارًا عليها، وسمحنا للمتطرفين اليهود بالانتشار في الضفة الغربية".
وأضاف في
مقال ترجمته "عربي21"، "خلال رحلاتي عبر أمريكا الشمالية لسنوات، سمعت انتقادات لاذعة من اليهود وغير اليهود، لم يعجبهم المشروع الاستيطاني، ولم يعجبهم حكم الحاخامات، وكانوا قلقين بشأن تآكل القيم الليبرالية التي تقوم عليها الشراكة بيننا وبينهم، لكني لم أسمع قط، أبدا، ما سمعته هنا في الأيام الأخيرة، ومفادها أن الاسرائيليين فقدوا الدعم الأمريكي، وهم أفضل أصدقائنا، وهو ما أخبرني به اليهود والصهاينة الكبار، وكذلك المسيحيون المحبون للاحتلال، وهم يعلنون أننا خسرنا أمريكا".
وأشار أن "الخسارة هذه المرة ستكون قاتلة، لأنها قد تكون نهائية، إذا لم يكن هناك تغيير فوري في سياسة إسرائيل، فقد يصبح هذا الضرر لا رجعة فيه، ومن أجل تحقيق نصر كامل مزعوم في غزة، فقد نخسر أمريكا تمامًا، ولذلك فإنني أشعر بالالتزام بإرسال برقية مذعورة إلى الإسرائيليين، ومفاده إبلاغهم عن الانهيار السياسي غير المسبوق الذي يحدث حاليًا داخل حليفنا العظيم والوحيد".
وأوضح أن "تأكيد هذه الخسارة يمكن قراءتها من خلال البيانات التي تكشفها استطلاعات الرأي التي أجرتها مؤسسة غالوب، حيث لا يزال 32 بالمئة فقط من الأمريكيين يؤيدون الحرب الإسرائيلية على حماس، بينما يعارضها 60 بالمئة ويعارض 52 بالمئة نتنياهو، ويدعمه 29% فقط، ومعدل الدعم الأساسي لإسرائيل في أدنى مستوياته على الإطلاق، ومعدل الدعم الأساسي للفلسطينيين في أعلى مستوياته على الإطلاق".
اظهار ألبوم ليست
وأشار إلى أن "المشكلة تظهر أكثر خطورة عندما يتم تقسيم البيانات حسب الجيل، حيث يدعم 9% فقط من الأمريكيين الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و34 عامًا هذه الحرب على غزة، وبشكل عام فإن الغالبية العظمى من الشباب الأمريكيين لا يحبوننا نحن الاسرائيليين، ولا يفهموننا، وعلى عكس آبائهم، لا يتماهون معنا، أما بين الليبراليين الذين تتراوح أعمارهم بين 20 و30 عامًا، فإن وضعنا مروّع، حتى أنه بين الإنجيليين الذين تتراوح أعمارهم بين 20 و30 عامًا، فإن وضعنا يزداد سوءا".
وأكد "أننا على طريق ذي اتجاه واحد سيؤدي بنا بالتأكيد إلى الهاوية، لكن هناك أشياء لا يمكن الشعور بها بين الإسرائيليين، لأنه يستحيل ملاحظة أن حرب غزة أصبحت بمثابة فيتنام جديدة في الإعلام الأمريكي، وأن إسرائيل أصبحت جنوب إفريقيا الجديدة، وتحول الاهتمام من الرهائن الإسرائيليين إلى الأطفال الفلسطينيين الجائعين، وباتت نسبة كبيرة من الأمريكيين ينظرون للاحتلال بأنه دولة إبادة جماعية، وهكذا لم يتبقَّ لنا سوى القليل من الوقت، لأن استمرار الحرب في غزة سيكون إشكاليًا للغاية، وتصعيدها سيكون له عواقب وخيمة".
وأضاف أن "إسقاط حماس أمر مهم للإسرائيليين، لكن مصلحتنا مع أمريكا أهم وأكثر إلحاحًا، صحيح أننا قبل 15 عامًا، حذرنا من تسونامي سياسي، لكنه لم يأتِ، واليوم حلّ ترامب محل أوباما، وحل ترامب محل بايدن، وكسب لنا ترامب الوقت، وطوال هذه السنوات، تدهور وضعنا في أمريكا الليبرالية الشابة، ورغم أن الموجة الهائلة لم تُغرق السفينة الإسرائيلية بعد، إلا أن المزيد والمزيد من المياه العكرة قد اخترقت مؤخرتها، وما زلنا نعتمد على رحمة الأمريكيين الجمهوريين والأمريكيين الأكبر سنًا".
وحذر أنه "عندما تمتلئ شاشات التلفزيون والصفحات الأولى للصحف بصور مروعة لأطفال جياع في غزة، فإن التسونامي قادم، والسفينة تنقلب، لذلك، لابد من اتخاذ إجراءات فورية وحاسمة لوقف النزيف، وعلى نتنياهو أن يُلقي خطابًا يُعرب فيه عن حزنه العميق لأن أخطاءه تسببت في المجاعة في غزة، والإعلان عن وقف إطلاق نار إنساني من جانب واحد لمدة شهر، تدخل خلاله كميات كبيرة من الغذاء إلى غزة".
وختم بالقول إن "أهداف الحرب في غزة ستتحقق لاحقًا، لكن على الاسرائيليين جميعًا الآن أن يُدركوا أن المعركة هي معركة أمريكا، وإذا لم نُغير مسارنا فورًا، فإن السفينة التي تميل على جانبها ستغرق، وسيُؤدي تسونامي سياسي غير مسبوق إلى هزيمة حرب السابع من أكتوبر".