سياسة عربية

رغم نفيها رسميا.. ماذا وراء "شائعات" توزيع السلاح غرب العراق؟

أعادوا ترديد ذات الشائعات حتى أن أحدهم صرّح علنا.. -إكس
أعادوا ترديد ذات الشائعات حتى أن أحدهم صرّح علنا.. -إكس
منذ أكثر من أسبوع، ترّوج وسائل إعلام عراقية وشخصيات محسوبة على مجموعات قريبة من إيران، ما وصف بـ"معلومات تزعم فيها بتهريب سلاح إلى المناطق ذات الغالبية السنية في غرب العراق، عبر الأراضي السورية، وأن جهات سياسية سنية تقف خلف ذلك".

وعلى الرغم من نفي الجهات الرسمية العراقية، في وزارتي الدفاع والداخلية لتلك المعلومات جملة وتفصلا، غير أنّ الأمر قد تجاوز وسائل الإعلام، إلى نواب في البرلمان، أعادوا ترديد ذات الشائعات، حتى أن أحدهم صرّح علنا بأنهم "لا يثقون بالشريك السني في الملف الأمني".

"صراع شيعي"
بخصوص أسباب إطلاق مثل هذه الشائعات وتوقيتها، قال المحلل السياسي العراقي، غانم العابد، لـ"عربي21" إنّ: "ما يحصل هو تعمية على الصراعات السياسية الشيعية الداخلية، التي اشتدت في الآونة الأخيرة، رغم أنها لاتزال حتى الآن في بدايتها".

وأوضح العابد أنّ: "اشتداد الصراع السياسي داخل البيت الشيعي، خاصة بعد تغريدة شبل الزيدي، التي تحدّث فيها عن تورط نوري المالكي، رئيس الوزراء الأسبق، في سقوط الموصل بيد تنظيم الدولة، ثم ظهور وثائق تثبت تورط الأخير بهروب السجناء من سجن أبو غريب".

ونشر الزيدي تدوينة على موقع التواصل الاجتماعي "إكس" في 21 تموز/ يوليو الماضي، شنّ فيها هجوما حادا على المالكي، واتهمه بالتسبب في سقوط مدينة الموصل بيد تنظيم الدولة، وكذلك التسبب بجريمة سبايكر التي قتل فيها نحو 700 جندي عراقي على يد التنظيم خلال عام 2014.

وأوضح العابد أنّ: "بعض الأطراف من المليشيات لديها مبدأ، هو أن الحرب المذهبية هي أقل ثمنا من حدوث صراع شيعي- شيعي، يؤدي إلى خسارة كرسي الحكم، لذلك جاء موضوع تهريب الأسلحة إلى مناطق غرب العراق رغم نفي الوزارات الأمنية ذلك بشكل رسمي".

ولفت الخبير العراقي إلى أنّ: "هذه الأطراف لديها جيوش إلكترونية كثيرة على مواقع التواصل الاجتماعي، تحاول في الوقت الحالي بث فتنة مذهبية في البلاد".

وتابع: "الصراع لايزال في بدايته، لكن ومع الضغوطات الأمريكية لحل الحشد الشعبي وسحب السلاح المنفلت، واقتراب الانتخابات البرلمانية واحتدام التنافس، كيف سيكون الحال؟ لهذا فإن المستقبل مظلم في ظل هذا الصراع باعتبار أن أطراف السلطة هي من تتصارع فيما بينها".

وشدّد العابد على أنّ: "مثل هذه الحملات هي للتعمية على الخلافات الشيعية الداخلية، وليس لها علاقة باستفزاز الشارع الشيعي للخروج إلى الانتخابات، خصوصا أن أكثر التضررين من السلطة الشيعية هي المحافظات ذات الغالبية الشيعية نفسها".

وبيّن الخبير العراقي أنه: "في الوقت الذي تشهد فيه المدن السنية نهضة عمرانية بعد الحروب التي شهدتها وخصوصا الموصل، نجد أن مدن الشيعة تفتقر إلى المدارس والخدمات وحتى ماء الشرب، رغم عدم تعرضها للإرهاب، لكن هذا كله بسبب فساد الطبقة السياسية".

اظهار أخبار متعلقة


"محاولة للتمدد"
على صعيد آخر، رأى الباحث العراقي في السياسات الإستراتيجية، كاظم ياور، أنه "منذ عام 2003 لا يوجد هناك استقرار سياسي في الدولة العراقية، لذلك هناك خشية لدى الأطراف الماسكة للسلطة في البلاد، خصوصا تلك القريبة من الفصائل داخل الإطار التنسيقي".

وأضاف ياور لـ"عربي21" أنّ: "هذه الأطراف تشعر دائما  أنها في خطر وثمة مخاطر تحيط بالعملية السياسية رغم أنهم هم من يدير الدولة والمقدرات الأمنية والسياسية والاقتصادية بيدهم، لذلك فإن انتشار مثل الشائعات في مرحلة الانتخابات هي لاحتواء المخاطر سواء كانت حقيقة أو وهمية".

وتابع: "تحاول هذه الجهات المسيطرة على السلطة إيجاد نوع من الذرائع، ولاسيما الحديث عن تهريب سلاح إلى مدن غرب العراق، وذلك من أجل تمدّدها وبقائها في هذه المدن التي هي ليست بحاجة لتواجد قوات دخلت لأسباب طارئة، عندما كان تنظيم الدولة متواجدا".

ولفت إلى أنه: "لا وجود لهذا التنظيم اليوم ولا يفرض سيطرته على هذه المدن والمحافظات، بالتالي بقاء هذه الفصائل ليس لها سند قانوني ولا سياسي ولا حتى بيئة اجتماعية تريد بقاءها، لذلك فإن شائعات تهريب السلاح تأتي ضمن صناعة وهمية للأحداث من أجل إبقاء الحالة الطارئة قائمة هناك".

وأكد ياور أنّ: "بقاء الحالة الطارئة في تلك المدن يعني أن هذه الفصائل هي من تستولي على المقدرات المالية، لأن لديها مكاتب اقتصادية تعمل ليل نهار، وبالتالي تسيطر على المقدرات السياسية كونها تستفيد من الانتخابات بترشيح أشخاص قريبين والضغط على الناخبين بقوة السلاح والمال".

وشدّد الباحث أنّ: "هذه الجهات تريد كسب الأصوات من هذه المحافظات التي ليس لهم فيها أي قواعد شعبية حتى تنتخبهم، لكن بضغط بالسلاح والتهديد المالي والمصالح الاقتصادية، تتمكن من دفع بعض الأفراد إلى قبة البرلمان، وهم بالتالي يحسبون على أطراف لا تمثل تلك المحافظات".

اظهار أخبار متعلقة


وخلال مقابلة تلفزيونية الأسبوع الماضي، اتّهم النائب عن كتلة "عصائب أهل الحق" البرلمانية، علي تركي، قوى سياسية سنية بعينها بالوقوف وراء عمليات "تهريب السلاح" إلى مدن غرب العراق، زاعما أنها "معجبة بالتجربة (الجولانية) السورية وتريد تطبيقها في البلاد".

وردا عمّا إذا كان لدى القوى الشيعية ثقة بالشريك السني، أجاب النائب علي تركي، أنه "لا توجد لدينا ثقة بهم في القضايا الأمنية"، متّهما في الوقت ذاته زعيم حزب السيادة (السني) خميس الخنجر، بالتسبب في مجازر سابقة بحق العراقيين إبّان اجتياح تنظيم الدولة للبلاد عام 2014.
التعليقات (0)

خبر عاجل