تناول
تقرير لمجلة "إيكونوميست" هجمات
الحوثيين في البحر الأحمر.
وقالت المجلة، إنه
بعد وقف إطلاق النار الذي أعلنته أمريكا في أيار/ مايو الماضي، مع الحوثيين، الميليشيا
المدعومة من إيران المتمركزة في اليمن، أتيحت للاتحاد الأوروبي فرصة للخروج من
الظل العسكري الأمريكي في البحر الأحمر.
وكانت السلطة البحرية للاتحاد تُدير عملية "أسبايدس"،
وهي مهمة "دفاعية بحتة" في البحر الأحمر والمحيط الهندي والخليج،
لاستعادة حركة الشحن البحري عبر المنطقة. انخفض عدد عمليات العبور بشكل حاد منذ
بدء هجمات الحوثيين في تشرين الأول/ أكتوبر 2023، حيث انخفض إجمالي حجمها بنسبة
60 بالمئة، وفق التقرير.
وأضافت أن "أسبايدس" لم توفر حماية تُذكر
عندما هاجم الحوثيون سفينتي "ماجيك سيز" و"إترنيتي سي"، وهما
سفينتان تجاريتان، في أوائل تموز/ يوليو، حوصرتا، وأطلق النار عليهما، وأُغرقتا وكان لا بد من تنسيق عمليات الإنقاذ بواسطة سفن خاصة أو شركات أمنية.
اظهار أخبار متعلقة
وصرح ضابط في
شركة كوزموشيب مانجمنت، مشغلة سفينة إيترنيتي سي، لصحيفة وول ستريت جورنال أنه طلب
المساعدة من أسبايدس، فببساطة، لم تكن للعملية سفن في المنطقة.
ويُعد نقص الموارد جزءا من المشكلة، عندما انطلقت
عملية أسبايدس في شباط/ فبراير 2024، قدّر الأدميرال البحري فاسيليوس غريباريس،
قائدها اليوناني، الحاجة إلى عشر سفن على الأقل، بالإضافة إلى الدعم الجوي. خلال
هجمات الحوثيين الأخيرة، لم يكن لدى أسبايدس سوى فرقاطتين وطائرة هليكوبتر واحدة.
كما تعاني العملية من نقص في السيولة النقدية، حيث
خصص المجلس الأوروبي 17 مليون يورو فقط (19.8 مليون دولار) لتغطية نفقات العام، وقارن هذا بأمريكا، التي أنفقت عشرة أضعاف هذا المبلغ فقط لإعادة تخزين نوع واحد من
الصواريخ خلال عملية حارس الرخاء، التي قادتها في كانون الأول/ ديسمبر الماضي
لمحاربة هجمات الحوثيين في البحر الأحمر.
وأوضحت المجلة، أن الإنفاق المقتصد على عملية أسبايدس يعد جزءا من مشكلة
أكبر بكثير تتمثل في نقص الموارد وقد أدى نفور الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي
لعقود من الإنفاق الدفاعي إلى تركها بدون السفن اللازمة للتعامل مع التهديدات
البحرية.
وتابعت، "لنأخذ حاملات الطائرات مثالا، إذ تسمح أسرابها من الطائرات بتنفيذ مهام
هجومية ودفاعية جوية بسرعة ومرونة أكبر بكثير من الفرقاطات المسلحة بالمدافع
والصواريخ، ويمتلك أعضاء الاتحاد الأوروبي في حلف شمال الأطلسي (الناتو) ثلاث
حاملات طائرات فيما بينهم، بينما تمتلك أمريكا إحدى عشرة".
وأردفت، "بأصول محدودة، تتخبط القوات البحرية الأوروبية في حين
تتضاعف التهديدات البحرية. في العام الماضي، أرسلت فرنسا وإيطاليا حاملات
طائراتهما الرئيسية إلى المحيطين الهندي والهادئ لإظهار عزمهما في مواجهة القوة
البحرية المتنامية للصين، كما يمكن تحويل انتباههما إلى مناطق أخرى".
وفي أيار/ مايو،
أعلن الاتحاد الأوروبي عن إنشاء مركز للإنذار المبكر للأمن البحري في البحر
الأسود، حيث تستهدف روسيا ممرات الشحن الأوكرانية وتنقل النفط بشكل غير مشروع.
كما أن القيود المؤسسية تجعل من الصعب على الاتحاد
الأوروبي الاستجابة السريعة للتهديدات العسكرية. تندرج عمليات مثل
"أسبيدس" ضمن سياسة الأمن والدفاع المشتركة للاتحاد، مما يعني أن
استمرارها يتطلب موافقة بالإجماع من أعضائه السبعة والعشرين بحسب المجلة.
ستؤدي ميزانيات
الدفاع المتنامية للدول الأوروبية في نهاية المطاف إلى زيادة الأصول البحرية. تخطط
فرنسا لحاملة طائرات جديدة، ومن المتوقع أن يبدأ بناؤها في عام 2031.
اظهار أخبار متعلقة
وأوضحت أنه ليس من المقرر
أن تحل هذه الحاملة محل حاملة الطائرات الحالية، شارل ديغول، حتى عام 2038، وحتى
لو بدأت دول أخرى في بناء قواتها البحرية، كما يقول باسيل جيرموند، خبير الدفاع في
جامعة لانكستر، فسوف يستغرق الأمر سنوات أو عقودا قبل أن يتم نشر السفن.
طالما أن البضائع لا تزال تتحرك، فإن البحر الأحمر
ليس من أهم أولويات الاتحاد الأوروبي فبعض السفن تسلك الطريق الأطول بكثير حول
إفريقيا، مما يضيف 20 يوما من السفر وزيادة بنسبة 33 بالمئة في تكاليف الوقود إلى رحلة
ذهاب وعودة من روتردام إلى سنغافورة.
ويخاطر آخرون ببساطة بالطريق المختصر عبر البحر
الأحمر إلى قناة السويس، على الرغم من أن تكلفة التأمين ضد مخاطر الحرب قد ارتفعت
إلى 1 بالمئة، من قيمة السفينة، من 0.2-0.3 بالمئة في الأشهر التي سبقت الهجومين. على أي حال،
لا يزالون يبحرون.
وأشارت المجلة إلى أن زيادة الموارد وحدها لن تحل المشكلة. ستحتاج
حاملات الطائرات إلى سفن مرافقة لحمايتها من الهجمات الصاروخية، وهي لا تضمن
النجاح. ليس من الواضح ما إذا كانت الضربات الجوية الأمريكية على الحوثيين قد حققت
الكثير. قد يتطلب إنهاء هجماتهم على السفن حلا دبلوماسيا عاما.
وعلى أي حال، قد تكون التكاليف الباهظة لم تأت بعد.
ويوضح سلفاتوري ميركوغليانو، المؤرخ البحري بجامعة كامبل في ولاية كارولينا
الشمالية: "لقد قدّم الحوثيون للجميع دليلا عمليا. يمكن تحقيق نتائج غير
متناسبة بموارد ضئيلة للغاية".
وختمت المجلة تقريرها، قائلة "إذا حاولت جماعات أخرى قطع الطرق على نقاط
الاختناق بطريقة مماثلة، فعاجلا أم آجلا، ستحتاج القوات البحرية، بما فيها البحرية
الأوروبية، إلى إظهار قوتها النارية".