صحافة إسرائيلية

أزمة نفسية تضرب جيش الاحتلال.. رقم غير مسبوق لحالات الانتحار

موجة انتحار غير مسبوقة بين الجنود الإسرائيليين.. 15 حالة في 2025 مقابل 21 خلال كل عام 2024 - جيتي
موجة انتحار غير مسبوقة بين الجنود الإسرائيليين.. 15 حالة في 2025 مقابل 21 خلال كل عام 2024 - جيتي
فيما تستمر حرب الإبادة الإسرائيلية على قطاع غزة للشهر الثاني والعشرين على التوالي، تتزايد الأثمان البشرية داخل المؤسسة العسكرية الإسرائيلية، ليس فقط في أعداد القتلى في الميدان، بل أيضاً في صفوف من عادوا إلى قواعدهم مثقلين بصدماتٍ نفسية دفعت بعضهم إلى إنهاء حياتهم بأيديهم والانتحار.

فقد كشفت تقارير عبرية عن تصاعد حاد في حالات الانتحار بين جنود الاحتلال، منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023، حتى تجاوز العدد الموثق 43 حالة انتحار، وهو رقم غير مسبوق في تاريخ جيش الاحتلال الإسرائيلي الحديث، ويعكس أزمة متفاقمة تهدد البنية البشرية للمؤسسة العسكرية.

وبحسب تقرير نشره موقع "i24NEWS"، استناداً إلى بحث مشترك بين جامعة تل أبيب وجيش الاحتلال، فإن نحو 12% من الجنود يعانون من اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD)، فيما تتواصل محاولات التعتيم الرسمي على حجم الظاهرة.


4 حالات انتحار خلال أسبوعين.. وتكتم رسمي
وفي مؤشر على تسارع الأزمة، سُجلت 4 حالات انتحار في أقل من أسبوعين فقط، اثنتان منها في صفوف الخدمة النظامية، واثنتان في صفوف جنود الاحتياط الذين شاركوا مباشرة في الحرب. وكان آخرها انتحار جندي من لواء "النحال" داخل إحدى القواعد في شمال فلسطين المحتلة.

وفي مؤتمر صحفي عقد أمس الخميس، رفض المتحدث باسم جيش الاحتلال، إيفي دوفرين، الكشف عن الإحصائيات الرسمية لحالات الانتحار خلال عام 2025، مكتفياً بالقول: "كل جندي عزيز علينا، لكن لا يمكن نشر كل شيء أمام الجمهور".

وفي السياق ذاته، نقلت إذاعة الجيش عن قسم القوى البشرية رفضه الإفصاح عن الأرقام الحقيقية للمنتحرين، في وقت طالب فيه 9 أعضاء من لجنة الخارجية والأمن في الكنيست بعقد جلسة طارئة لمناقشة الظاهرة المتصاعدة.

تفشي الصدمة والقلق والانعزال
كما كشفت منظمة "إران" للصحة النفسية في الاحتلال الإسرائيلي عن تلقيها أكثر من 6 آلاف اتصال من جنود يعانون من ضائقات نفسية شديدة منذ بدء الحرب، حيث أظهرت البيانات أن 28% من المكالمات تتعلق بصدمة أو قلق حاد، بينما عبّر نحو ثلث المتصلين عن شعور عميق بالوحدة.

وأشارت المديرة المهنية في المنظمة، الدكتورة شيري دانييلز، إلى أن الكثير من الجنود يجدون صعوبة في طلب الدعم النفسي أو الاعتراف بحاجة إلى مساعدة، ما يزيد من تعقيد الأزمة.

من جهتها، أفادت وزارة الأمن بأن نحو 15 ألف جندي يتلقون متابعة طبية مستمرة، 35% منهم يعانون من أعراض نفسية ناتجة عن مشاركتهم في العمليات العسكرية الجارية، أو بفعل مشاهد القتل والدمار المرافقة للحرب.

اظهار أخبار متعلقة


أرقام صادمة ومؤشرات مقلقة
وفقاً لمعطيات جيش الاحتلال الإسرائيلي، فقد شهد عام 2023 تسجيل 17 حالة انتحار، بينما ارتفع العدد في عام 2024 إلى 21 حالة. ومنذ مطلع عام 2025 وحتى الآن، انتحر 14 جندياً على الأقل، وسط تقديرات غير رسمية تشير إلى أن الأرقام الفعلية قد تكون أعلى.

وكانت صحيفة "هآرتس" العبرية قد نشرت تحقيقاً أشارت فيه إلى تصاعد "غير مسبوق" في حالات الانتحار منذ اندلاع الحرب، محذّرة من تداعيات هذه الأزمة النفسية على جهوزية الجيش وقدرته على الصمود في مواجهة حرب استنزاف طويلة الأمد.

ومع ارتفاع عدد قتلى الجيش المعلن إلى 893 عسكرياً، وإصابة أكثر من 6 الاف و99 آخرين، تتزايد التساؤلات داخل الاحتلال الإسرائيلي حول مدى جهوزية الجنود للعودة إلى الخدمة، وحول قدرة المؤسسة العسكرية على احتواء موجة الانهيار النفسي في صفوفها.

الثمن البشري يتجاوز القتلى في الميدان
تؤكد المعطيات المتداولة أن ما يدفعه جيش الاحتلال من "ضريبة بشرية" لا يقتصر على القتلى في المعارك، بل يمتد إلى الجنود العائدين من ساحات القتال محملين بذكريات الموت والدمار. 

وأحد أبرز الأمثلة كان جندي الاحتياط٬ دانيال إدري، الذي فقد صديقيه في السابع من تشرين الأول/أكتوبر، وانتحر مؤخراً عن عمر 24 عاماً، كما تم العثور على جندي آخر ميتاً دون الكشف عن اسمه.

وتعكس هذه القصص، بحسب مراقبين، حجم الكلفة النفسية التي يدفعها الجيش في ظل حرب لم تنتهِ بعد، بل تبدو مرشحة للاستمرار في ظل تعثر الأهداف الإسرائيلية، وتصاعد مقاومة الفصائل الفلسطينية، واستمرار الاستنزاف الميداني والمعنوي.

مع تجاوز عدد الشهداء الفلسطينيين في قطاع غزة حاجز 197 ألف شهيد وجريح، بينهم آلاف الأطفال والنساء، وتحول أكثر من مليون فلسطيني إلى لاجئين داخل وطنهم، يتضح أن الكلفة النفسية للحرب لا تقف عند حدود الضحايا، بل تمتد لتُصيب عمق المجتمع الإسرائيلي، وتحديداً مؤسسته العسكرية.

اظهار أخبار متعلقة


التعليقات (0)

خبر عاجل