سياسة عربية

حفتر يتحرك تحت الضغط.. من سرّب فيديو تعذيب إبراهيم الدرسي؟

اختفاء النائب إبراهيم الدرسي، وتأكيد تعذيبه في سجون تقع ضمن نفوذ قوات حفتر، والتسريب المدروس للفيديو، كلها مؤشرات على تحول جديد في خريطة الصراع الليبي.. فيسبوك
اختفاء النائب إبراهيم الدرسي، وتأكيد تعذيبه في سجون تقع ضمن نفوذ قوات حفتر، والتسريب المدروس للفيديو، كلها مؤشرات على تحول جديد في خريطة الصراع الليبي.. فيسبوك
عقد المشير خليفة حفتر، قائد قوات القيادة العامة في شرق ليبيا، اجتماعًا عاجلًا صباح اليوم الثلاثاء 20 مايو 2025، مع رئيس جهاز الأمن الداخلي بالمنطقة الشرقية، الفريق أسامة الدرسي، لمتابعة قضية اختطاف وتعذيب عضو مجلس النواب إبراهيم الدرسي.

يأتي هذا التحرك المفاجئ من حفتر بعد أيام من تسريب فيديو صادم أظهر تعرض النائب للاعتقال والتعذيب، في مشاهد أثارت ضجة داخلية ودولية، ودعت البعثة الأممية والنائب العام الليبي إلى الإسراع بالتحقيق وكشف المسؤولين. وقد أكد المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، كريم خان، صحة الفيديو، مما زاد من الضغوط السياسية على قيادة الشرق الليبي.

سياق سياسي وأمني حساس

القضية تأتي في ظرف سياسي وأمني دقيق، حيث تسود انقسامات عميقة بين حكومتي الشرق والغرب، وتنافس محتدم بين الأجهزة الأمنية نفسها. فبينما يترأس أسامة الدرسي جهاز الأمن الداخلي في الشرق، هناك جهاز موازٍ في الغرب يقوده مصطفى الوحيشي المعيّن من حكومة "الوحدة الوطنية" بقيادة عبد الحميد الدبيبة.

ما يزيد الوضع تعقيدًا هو أن إبراهيم الدرسي يُعد مقرّبًا من القيادة العامة، ويُنظر إلى اختفائه على أنه اختراق أمني كبير داخل مناطق سيطرة حفتر، ما دفع الصديق حفتر، رئيس الهيئة الوطنية للمصالحة ونجل المشير، إلى الإقرار بوجود "قصور أمني" لكنه نفى في تصريحات صحفية تورط أبناء حفتر أو المشير نفسه.

لماذا الآن؟ ومن سرب الفيديو؟

في ظل غياب الشفافية، تتزايد التكهنات حول الجهة التي سربت الفيديو في هذا التوقيت الحرج. وتطرح مصادر مطلعة ثلاثة احتمالات رئيسية:

تسريب داخلي من خصوم داخل بنية القيادة الشرقية: هناك من يرى أن أطرافًا من داخل المؤسسة الأمنية قد تكون وراء التسريب، بهدف إحراج حفتر أو تصفية حسابات داخلية في سياق صراع النفوذ.

رسالة من الغرب الليبي: التسريب قد يكون جزءًا من حرب إعلامية تُدار من طرابلس، خاصة في ظل تنامي الانتقادات الغربية والدولية لأداء حكومة الدبيبة، وقد يكون هدفها تحجيم نفوذ حفتر عبر تسليط الضوء على انتهاكات بشرية.

ضغوط دولية وملفات العدالة الدولية: بعض المراقبين يشيرون إلى أن التسريب ربما جاء بدفع خارجي أو بمساعدة جهات دولية بهدف تحريك ملف المحكمة الجنائية الدولية ضد أطراف في الشرق الليبي، مع اقتراب استحقاقات سياسية مفصلية.

اظهار أخبار متعلقة




تحرك استباقي أم محاولة احتواء؟

تعليمات حفتر اليوم بـ "التعامل بحزم وشفافية" تعكس محاولة للظهور في موقف المتجاوب مع القانون والعدالة، لكنها لا تخفي حالة الارتباك داخل الأجهزة الأمنية، خاصة وأن النائب المخطوف من صلب المنظومة السياسية والعسكرية الشرقية.

كما أن التنويه المتكرر بـ«جهود النائب العام» قد يُفهم كرسالة لإعادة ضبط التوازن بين السلطة الأمنية والقضائية، تحت الضغط الشعبي والدولي، وربما تمهيدًا لتقديم أكباش فداء لاحتواء الأزمة.



بداية مواجهة أم نهاية مرحلة؟

اختفاء النائب إبراهيم الدرسي، وتأكيد تعذيبه في سجون تقع ضمن نفوذ قوات حفتر، والتسريب المدروس للفيديو، كلها مؤشرات على تحول جديد في خريطة الصراع الليبي، حيث لم تعد الأدوات العسكرية وحدها كافية للهيمنة، بل أصبحت المعلومات والتسريبات أدوات سياسية فعالة.

تبقى الأسئلة الكبرى معلقة: من يقف وراء هذا الخرق الأمني الصادم؟ هل يستطيع حفتر تطويق الأزمة من دون خسائر سياسية فادحة؟ وهل ستفتح هذه الحادثة باب المحاسبة الحقيقية، أم تكون مجرد جولة أخرى في لعبة النفوذ؟

اظهار أخبار متعلقة


التعليقات (0)

خبر عاجل