شنت وزيرة الخارجية في حكومة الظل
البريطانية، بريتي باتيل، هجومًا حادًا على اتفاقية التجارة الجديدة التي وقعتها
حكومة حزب العمال مع الاتحاد الأوروبي، معتبرة أنها تُقوّض السيادة البريطانية
وتُعيد لندن تدريجيًا إلى كنف المؤسسات الأوروبية.
هذا السجال الحاد يأتي في توقيت سياسي بالغ
الحساسية، مع اقتراب انتخابات برلمانية محتملة، وتزايد الحديث عن اقتراب حسم ملف
جبل طارق، ما يضفي مزيدًا من التوتر على مشهد سياسي لم يبرأ بعد من جراح خروج
بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
بريتي باتيل: "باعوا صيادينا...
ويخونون جبل طارق"
في سلسلة مقابلات صباحية، نقلتها صحيفة
"الغارديان"، وجّهت باتيل انتقادات لاذعة إلى حكومة كير ستارمر، ووصفت
الاتفاق الجديد بأنه "صفقة إذعان"، مشيرة إلى عودة ضمنية إلى محكمة
العدل الأوروبية و"بيع حقوق الصيد" بموجب اتفاق مدته 12 عامًا.
كما فتحت النار على تعامل الحكومة مع ملف
جبل طارق، محذّرة من تنازلات سيادية محتملة، وقالت: "لا ينبغي لنا
أبدًا أن نثق بكير ستارمر.. كلما تفاوض حزب العمال، خسرت بريطانيا. إنه يخوننا في
البريكست، في جزر تشاغوس، والآن في جبل طارق".
حكومة حزب العمال: "الاستقرار أهم من
الشعبوية"
من جانبها، دافعت وزيرة الصناعة سارة جونز
عن الاتفاق، مشيرة إلى أنه يوفّر "استقرارًا طويل الأمد" لقطاع الصيد،
ويُبقي على وصول دائم إلى الأسواق الأوروبية، دون تغيير في مستويات النفاذ إلى
المياه البريطانية.
كما أكدت أن الاتفاق يمنع البيروقراطية
المرهقة، ويحمي المنتجات البحرية البريطانية من الخسائر التجارية.
في السياق ذاته، قال الوزير الاسكتلندي إيان
موراي إن الاتفاقية تمنح "اليقين والاستقرار" لقطاع الصيد لمدة 12
عامًا، رافضًا انتقادات اتحاد الصيادين الاسكتلندي الذي وصف الاتفاق بـ"العرض
المرعب"، مضيفًا:
"لن تُصادر
سفينة تابعة للاتحاد الأوروبي سمكة واحدة من المياه الاسكتلندية. هذا اتفاق يعزز
مكاسب 2019".
اظهار أخبار متعلقة
جبل طارق يعود إلى الطاولة: القلق من
تنازلات سيادية
يتزامن هذا
الجدل مع تسريبات قوية حول
اقتراب المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي من التوصل لاتفاق دائم بشأن وضع جبل
طارق، الإقليم البريطاني المتنازع عليه مع إسبانيا، والذي ظلّ في حالة قانونية
رمادية منذ البريكست.
الاتفاق المتوقع ـ بحسب ما رشح ـ قد يتضمن
ترتيبات أمنية أو حدودية مشتركة مع إسبانيا، وربما إشرافًا أمنيًا جزئيًا في مطار
جبل طارق. وهو ما يُنظر إليه داخل الأوساط السيادية المحافظة كتنازل خطير عن
السيادة البريطانية.
يمثل هذا الملف رمزًا سياديًا حساسًا في
الخطاب السياسي البريطاني، ما دفع شخصيات كباتيل لاتهام حزب العمال بـ"خيانة
جيوسياسية"، تربط بين تنازلات الصيد، والتقارب مع محكمة العدل الأوروبية،
و"الاستعداد لتسليم جبل طارق".
استقرار مقابل سيادة
تعكس هذه المعركة الخطابية جوهر الصراع
البريطاني الحالي بين خطّين متوازيين:
خط الحكومة الذي يسعى لإعادة بناء علاقات
تجارية مستقرة مع الاتحاد الأوروبي دون إثارة قطيعة سياسية شاملة.
وخط المعارضة المحافظة الذي لا يزال يعتبر
أن أي تقارب أوروبي هو "ارتداد" عن البريكست، وتهديد مباشر للسيادة
البريطانية.
وبينما ترى الحكومة أن الاتفاقية الجديدة
توفر يقينًا اقتصاديا لقطاع الصيد وتسهّل التبادل التجاري، يُصوّرها المحافظون على
أنها جزء من "خسارة باردة" تتسلل عبر أبواب ثانوية كجبل طارق والمحاكم
الأوروبية.
النتيجة، يبدو أن معركة ما بعد البريكست لم
تنتهِ، بل إنها الآن تُخاض بأدوات جديدة، في ساحات الصيد، والجغرافيا، والقانون
الدولي.
اظهار أخبار متعلقة