تضمنت قائمة
الشروط التي تقدمت بها إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من الإدارة السورية
الجديدة لتخفيف العقوبات الاقتصادية عنها، إخراج الحركات والفصائل
الفلسطينية،
المرتبطة بإيران، من
سوريا. وأوردت تقارير سورية أخبار اعتقال قياديين من حركة
الجهاد الإسلامي بتهمة التخابر مع إيران، الأمر الذي تم تفسيره على أنه بداية حملة
على الحركات الفلسطينية المتواجدة في دمشق والتي يزيد عددها عن عشرة
فصائل، يتبنى
أغلبها خط
المقاومة الذي قادته إيران في العقد الأخير.
تثبت الوقائع
أنه بعد سيطرة إدارة
الشرع على سوريا، انفرطت أغلب هياكل الفصائل الفلسطينية التي
تعاونت مع إيران، واختفى أغلب قياداتها وكوادرها، ولا سيما الجبهة الشعبية
"القيادة العامة"، والصاعقة، وفتح الانتفاضة، بالإضافة إلى تشكيلات ظهرت
أثناء الثورة السورية، ولم يبق من هذه الأجسام سوى الشخصيات والأفراد العاملين في
السياسة وإدارة شؤون اللاجئين الفلسطينيين في سوريا، في ظل ملاحقة إدارة الشرع لكل
التشكيلات التي كانت حليفة لنظام الأسد، ومطالبة المجتمع الفلسطيني في سوريا بإلقاء
القبض على تلك القيادات التي نكّلت بالفلسطينيين والسوريين في مرحلة الثورة على
بشار الأسد.
المرحلة القادمة قد تشهد مزيدا من الاعتقالات لبعض القيادات الفصائلية الفلسطينية في دمشق، ما دامت هذه القيادات بالأصل موضوعة على قائمة المطلوبين بحسب تعاونهم مع نظام الأسد. وقد اختفت في سوريا، ومنذ لحظة سقوط النظام، جميع الرموز العسكرية الفلسطينية مثل معسكرات التدريب والهياكل العسكرية للفصائل، ولا يتوقع عودتها
ومنذ استيلاء
حافظ الأسد على السلطة في سوريا، في بداية سبعينيات القرن الماضي، خرجت الساحة
السورية من جبهات المقاومة الفلسطينية المسلحة ضد إسرائيل، وظلت الساحة السورية في
أحسن الأحوال ساحة تدريب لبعض الكوادر الفلسطينية القادمة من الأراضي المحتلة، ولا
سيما المنضوين ضمن الفصائل التي لها علاقات جيدة مع دمشق في تلك المرحلة، في إطار
سعي حافظ الأسد إلى هندسة المقاومة الفلسطينية لتوظيفها في خدمة سياساته الإقليمية
والظهور بمظهر المتحكم بتفاعلات ومسارات أهم قضية إقليمية وعالمية.
أما الإدارة
السورية الجديدة، فمن الواضح أنها تسير في طريق قطع العلاقات مع فصائل المقاومة
الفلسطينية، وهي تعترف بعنوان فلسطيني واحد هو السلطة الفلسطينية، من دون أن يؤثر
ذلك على حقوق الفلسطينيين في سوريا، ومن ثم استحالة أن تكون سوريا ساحة عمل
للفصائل التي تتبنى نهج المقاومة ضد إسرائيل لأسباب عدّة:
أولا: حاجة
إدارة الشرع للاعتراف الدولي وإزالة العقوبات الاقتصادية، ما سيدفع هذه الإدارة للابتعاد
عن كل القضايا الإشكالية التي قد تعيق تحقيق هذه الأولويات بالنسبة للإدارة
السورية الجديدة. وليس خافيا أن الشرع، وبعض مسؤولي إدارته، أعلنوا أنهم ليسوا في
صدد دخول صراعات مع إسرائيل التي استعادت سيطرتها على قمّة جبل الشيخ، واحتلت
شريطا واسعا من مناطق جنوب سوريا، وستبقى إدارة الشرع لسنوات قادمة تكافح من أجل
الحصول على الاعتراف الدولي وإزالة العقوبات، ما دامت إدارة ترامب تدرك مدى أهمية
هذه الأوراق في تطويع النظام الحاكم في دمشق.
ثانيا: تسعى
إدارة الشرع إلى الاندماج في البيئة العربية والتكيّف مع توجهاتها الإقليمية
والدولية، ما يعني أنها ستنخرط في الخط المعادي لسياسات إيران وحلفائها في
المنطقة، ما يزيد من عمق الهوّة مع الفصائل الفلسطينية التي اتبعت النهج الإيراني
في المقاومة.
ستتوجه إدارة الشرع إلى تبني النهج العربي في التعامل مع القضية الفلسطينية، من خلال تركيز العلاقات مع سلطة رام الله المعترف بها دوليا، وعدم المساس بالنشاطات المجتمعية والإغاثية الفلسطينية في سوريا، والمتوقع أن تكون تحت إشراف السفارة الفلسطينية
ثالثا: ضعف
أوراق سوريا بعد تدمير قدرتها العسكرية واستنزاف طاقاتها إلى أبعد الحدود، يفرض
على إدارة الشرع تبني مقاربات تصالحية مع البيئتين الإقليمية والدولية، والابتعاد
عن كل ما هو إشكالي، لسد الذرائع وتقليل المخاطر.
رابعا: عدم
حاجة القضية الفلسطينية في المرحلة المقبلة لهذا النمط من العمل من خارج الساحات،
بعد انهيار "حلف المقاومة"، وخروج الساحة اللبنانية من حسابات الفصائل
الفلسطينية، والتطورات الحاصلة في اليمن، كل ذلك يثبت بالبرهان أن المساعدة
العسكرية لفلسطين من خارج الحدود ستكون تكاليفها أكبر من جدواها، وهذا يعني نهاية
نمط الساحات الخارجية بعد أن ثبت أنه غير مجد وغير مؤثر في الصراع مع إسرائيل.
على ذلك، فإن
المرحلة القادمة قد تشهد مزيدا من الاعتقالات لبعض القيادات الفصائلية الفلسطينية
في دمشق، ما دامت هذه القيادات بالأصل موضوعة على قائمة المطلوبين بحسب تعاونهم مع
نظام الأسد. وقد اختفت في سوريا، ومنذ لحظة سقوط النظام، جميع الرموز العسكرية
الفلسطينية مثل معسكرات التدريب والهياكل العسكرية للفصائل، ولا يتوقع عودتها تحت
أي ظرف في المرحلة المقبلة.
في المقابل،
ستتوجه إدارة الشرع إلى تبني النهج العربي في التعامل مع القضية الفلسطينية، من
خلال تركيز العلاقات مع سلطة رام الله المعترف بها دوليا، وعدم المساس بالنشاطات
المجتمعية والإغاثية الفلسطينية في سوريا، والمتوقع أن تكون تحت إشراف السفارة
الفلسطينية في دمشق.
x.com/ghazidahman1