سلطت صحيفة "
لوباريزيان" الفرنسية، الضوء
على
كيمبال ماسك، شقيق إيلون ماسك، والذي ينتمي إلى
الحزب الديمقراطي، ويعد من
المعارضين البارزين لسياسات الرئيس الأمريكي دونالد
ترامب، ويُعرف بدعمه للزراعة
التجديدية ودفاعه عن الغذاء الحقيقي.
وقالت الصحيفة في تقرير ترجمته "
عربي21"،
إن كيمبال ماسك، البالغ من العمر 52 عاماً، يبدو كبطل إحدى الروايات الأمريكية،
بقبعته المثبتة بإحكام على رأسه وقميصه المنقوش، وهو يجسد نسخة عصرية من رعاة
البقر، حيث يجمع بين ريادة الأعمال والأنشطة الخيرية والنشاط المجتمعي وممارسة فن
الطبخ.
وكيمبال هو الشقيق الأصغر لـ إيلون ماسك (يفصله عنه
14 شهراً فقط)، وقد بقي لفترة في ظل أخيه الذي حقق شهرة واسعة كواحد من أبرز رجال
الأعمال في العالم وأكثرهم ثراء.
وبحسب الصحيفة، فقد بات كيمبال ماسك محط اهتمام في
الفترة الحالية بسبب انتقاداته العلنية للرئيس الأمريكي دونالد ترامب. ففي تغريدة
له في حسابه على منصة إكس، كتب كيمبال تعليقا على الرسوم الجمركية التي فرضها
ترامب على دول العالم: "ترامب الرئيس الأمريكي الذي حطم الرقم القياسي في فرض
ضرائب على مر عقود"، مضيفا أن هذه الرسوم ما هي إلا "ضريبة هيكلية
ودائمة على المستهلك".
تتابع الصحيفة أن هذا الموقف ليس مجرد حادثة عابرة،
بل إنه يأتي ضمن سلسلة من الانتقادات التي وجهها كيمبال ماسك لسياسات ترامب، لاسيما
رؤيته القومية للتجارة، والتي يراها كيمبال تهديدًا اقتصاديًا واجتماعيًا وبيئيًا
في آنٍ واحد.
اختلاف وتكامل
وُلد كيمبال ماسك سنة 1972 في بريتوريا بجنوب أفريقيا، ونشأ مع شقيقه إيلون في كنف عائلة من الطبقة المتوسطة العليا، بين أم
تعمل عارضة أزياء وخبيرة تغذية، وأب مهندس. ومنذ صغره، أظهر كيمبال فضولًا شديدًا
وحبًا للعمل، وتميّز بشخصية اجتماعية مقارنة بشقيقه الأكبر.
وتقول الصحيفة إن كيمبال اختار طريقا مختلفا عن
إيلون الذي يُوصف كثيرًا بأنه انطوائي ومهووس بالتكنولوجيا والآلات، حيث إنه نما لديه
شغف مبكر بتطوير العلاقات الإنسانية، وحنين إلى عالم أكثر بساطة وإنسانية، وقد
لخّص الفارق بينه وبين أخيه بعبارة لافتة: "كان إيلون في طفولته كأنه من
المريخ، أما أنا فكنت من الأرض".
تضيف الصحيفة أنه على مرّ السنوات، زاد الاختلاف بين
الشقيقين، رغم أنهما يؤكدان دومًا أنهما يُكملان بعضهما البعض. فبعد أن أنهيا
دراستهما في جامعة كوينز في كندا، أسسا معًا شركة "زيب 2"، وهي شركة
ناشئة متخصصة في برمجيات الخرائط.
اظهار أخبار متعلقة
لكن في سنة 1999، تم بيع الشركة لشركة كومباك مقابل
307 ملايين دولار، ما أتاح لكل منهما تمويل طموحاته الخاصة. أطلق إيلون شركة
"إكس.كوم" التي تحولت لاحقا إلى "باي بال"، بينما اتّجه
كيمبال نحو شغفه الحقيقي عالم الطبخ.
مبادرات اجتماعية
التحق كيمبال ماسك بمدرسة بيتر كومب لفنون الطهي في
نيويورك، قبل أن يفتتح مطعمه "ذا كيتشن" في مدينة بولدر بولاية
كولورادو. يرتكز مفهوم المطعم على دعم سلاسل الإمداد القصيرة وتعزيز التفاعل
المجتمعي، ويرى كيمبال أن تقديم الطعام لا يقتصر على تلبية حاجيات رواد المطعم، بل
يمكن أن يلعب دورًا تعليميًا.
وفي سنة 2011، أطلق مشروع "ليرنينغ
غاردنز"، وهو شبكة من الحدائق التعليمية داخل المدارس، تهدف إلى تعليم
الأطفال أصول الزراعة والتغذية الصحية. وفي وقت لاحق، أسس شركة "سكوير
روتس"، وهي مبادرة للزراعة الحضرية داخل حاويات شحن بحرية.
وترى الصحيفة أن هذه المشاريع تنبع من رؤى ذات طابع
مثالي، لكنها تعكس أيضًا رغبة حقيقية في تحدي نموذج الزراعة الصناعية الأمريكية،
التي يعتبرها كيمبال ماسك ضارة بالصحة وملوثة للبيئة، وقد صرّح سنة 2015 مؤكدًا
هذه القناعة الراسخة:، بأن "الغذاء الحقيقي هو حق أساسي. وكل وجبة هي فعل سياسي".
لكن رسائله المثالية وخطابه المناصر للمساواة لم
يجعله بعيدا عن انتقادات بعض المراقبين الذين أشاروا إلى التناقضات بين ما يروّج
له وبين ثروته كمليونير، حيث يرى منتقدوه أن وراء الشعارات البراقة
والمبادرات التربوية، هناك مستثمر محنّك محاط بفريق علاقات عامة محترف يستثمر في
صورته أمام الجمهور.
اظهار أخبار متعلقة
في هذا الصدد، يقول أحد الصحفيين الأمريكيين
المختصين بريادة الأعمال الاجتماعية: "خلف مظهر راعي البقر المحب للبيئة،
يبقى كيمبال ماسك مستثمرًا مغامرا تقليديًا يمارس الزراعة العضوية كما يمارس البعض
تجارة العقارات".
مواقف سياسية غير ثابتة
على المستوى السياسي، يبرز كيمبال ماسك كوجه مغاير
تمامًا لشقيقه، ففي حين يدعم إيلون الحزب الجمهوري، يُعلن كيمبال بكل وضوح انتماءه
للديمقراطيين، وقد دعم هيلاري كلينتون في الانتخابات الرئاسية سنة 2016، ثم ساند
جو بايدن في حملة 2020.
وفي إحدى المواجهات عبر وسائل التواصل الاجتماعي مع
جيه دي فانس، نائب الرئيس الأمريكي الحالي، عبّر كيمبال عن استيائه بلهجة لاذعة
قائلًا: "الجمهوريون يؤيدون ارتفاع الأسعار"، مضيفا أن "التضخم يطال
الجميع، لكنه يُثقل كاهل الفئات المحرومة أكثر من غيرها".
وتؤكد الصحيفة أن خطابه السياسي لا يتسم بالثبات رغم
نبرته النقدية، فعقب إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن تجميد بعض الرسوم
الجمركية مؤقتا لمدة 90 يوما، لم يتردد كيمبال في توجيه الشكر العلني له عبر حسابه
على منصة إكس، قائلًا: "باسم جميع الأمريكيين والعالم بأسره شكرًا للرئيس ترامب
على هذا التجميد لمدة 90 يومًا. الهدف هو التوصّل إلى نتيجة تفاوضية سليمة تضعنا
جميعًا على طريق النجاح".
وفي حين اعتبر البعض أن تغير الموقف سببه توبيخ من
شقيقه إيلون ماسك، فقد وصف آخرون هذا التغير بالتحول الاستراتيجيً المدفوع بالانتهازية
السياسية.
رؤيتان للمستقبل
أوضحت الصحيفة أن كيمبال ماسك يحظى باحترام ملحوظ
داخل دوائر الابتكار الاجتماعي في الولايات المتحدة، بيد أن شهرته على المستوى
الدولي لا تزال محدودة.
وأضافت أن أوروبا ولا سيما ألمانيا وهولندا تتابع
مشاريعه المبتكرة في مجال الزراعة الحضرية، وفي المقابل تصفه بعض المنظمات غير
الحكومية في جنوب أفريقيا بـأنه "رائد الأعمال المنسلخ عن جذوره"، حيث إنه
يتحدث عن الزراعة المستدامة من دون أن يتطرق للتحديات الزراعية في القارة التي
ينحدر منها.
وترى الصحيفة أن الرؤى المستقبلية المختلفة بين
الشقيقين تعكس إيمانًا مشتركًا بالتقدّم، مضيفة أن العلاقة بينهما تتسم
بالاستقرار، إذ لا يزال كيمبال يشغل مقعدًا في مجلس إدارة شركة تسلا، وهو ما أثار
انتقادات تتعلق بإمكانية تعارض المصالح. وفي سنة 2022، طعن بعض المساهمين في
استمرار وجوده داخل المجلس، مشيرين إلى أنه لا يمكن أن يشكل قوة مضادة لشقيقه، حيث إنه يُعبّر عن دعمه العلني له رغم اختلاف الأيديولوجيات.
وعلى الصعيد الشخصي، فإن كيمبال متزوج من كريستيانا
وايلي، ابنة ملياردير من تكساس، وهو ارتباط عزّز من مكانته في أوساط النخبة
البيئية والمالية، لكنه زاد في الآن ذاته من الانتقادات بشأن امتيازاته الطبقية،
وفقا للصحيفة.