تناول مقال لصحيفة "معاريف" العبرية، التحول الرقمي في هذا الوقت ودور الخوارزميات بتوجيه الآراء من خلال وجود ساحة تواصل موازية وأكثر هدوءا، تقوم على الاتصالات اللاسلكية بين الأفراد، حيث ينجح هواة الراديو في مدّ جسور عابرة للحدود، وأحيانا سابقة على السياسات الرسمية.
ويقول الكاتب ديفيد بن بيست في مقاله، إن كثيرين يجهلون حجم التأثير السياسي والإنساني لهواة الاتصالات اللاسلكية حول العالم، مستعيدا نماذج من ستينيات وسبعينيات القرن الماضي، حين كان القانون يمنع هواة الراديو في دولة الاحتلال من التواصل مع الدول العربية، باستثناء حالة واحدة لافتة تمثلت في ملك الأردن الراحل الحسين بن طلال، الذي كان يحمل رمز النداء الإذاعي "JY1".
وأوضح الكاتب، أن الملك حسين، المعروف بشغفه بالاتصالات اللاسلكية، كان يدير محطة راديو من القصر الملكي وأحيانا من لندن، وأقام علاقات غير مألوفة مع هواة راديو إسرائيليين، لم تقتصر على تبادل التحيات، بل امتدت إلى حوارات ودّية مطولة، في مشهد عد استثنائيا في تلك المرحلة.
وبعد توقيع معاهدة السلام، دعا الملك هؤلاء الهواة إلى زيارة عمّان، وقدم لهم هدايا تذكارية.
ويرى الكاتب أن ما يُعرف بـ"الدبلوماسية الإذاعية" لم يختفِ، بل ما زال حاضرًا حتى اليوم، مستشهدا بتواصله الشخصي مع اللواء محمد أرمو، قائد جهاز المخابرات في
المغرب والمسؤول عن الأمن الشخصي للملك، والذي وجّه له دعوة لزيارة البلاد.
ويؤكد أن عالم الراديو، حتى في بيئات أمنية واستخباراتية شديدة الحساسية، يتيح قنوات تواصل قائمة على الثقة، بعيدًا عن الحسابات السياسية المباشرة.
ويشير إلى أن هذا الانفتاح لا يقتصر على دول بعينها، إذ يجيب هواة راديو من
إيران أحيانًا على نداءات تواصل من إسرائيليين، في تذكير بأن العلاقات قد تتجاوز الصراعات الرسمية.
وبصفته رئيسًا لجمعية الاتصالات اللاسلكية الإسرائيلية، يقول إنه لمس هذا النمط من الدبلوماسية عن قرب، مستعرضًا تجربة استضافته وزوجته في
الإمارات على مأدبة عشاء رسمية بدعوة من الشيخ عبد الله القاسمي، رئيس جمعية الاتصالات اللاسلكية ونجل حاكم الشارقة، بحضور وزراء وشخصيات بارزة، حيث تحوّل التواصل اللاسلكي إلى علاقة ودية مباشرة.
وفي سياق آخر، يروي الكاتب كيف قاد تواصل لاسلكي مع هاو من سيراليون إلى دعوة رسمية لزيارة دولة الاحتلال الإسرائيلي ولقاء رئيسها، بالتنسيق مع وزارة الخارجية، وأسفر ذلك عن إنشاء أول وحدة لغسيل الكلى في سيراليون، في مشروع اعتبره نموذجا للتأثير الإنساني والدبلوماسي الذي يمكن أن ينشأ خارج القنوات الرسمية التقليدية.
ويذكر أن المستشار الألماني فريدريش ميرتس يُعدّ من هواة الراديو، في مثال إضافي على اتساع هذه الشبكة التي تضم رجال دولة وأمن وعلماء ومواطنين عاديين.
كما يسلط الضوء على الدور الحيوي لهواة الاتصالات اللاسلكية في إنقاذ الأرواح خلال الكوارث الطبيعية، مثل الزلازل والتسونامي والأعاصير، عندما تنهار شبكات الاتصال التقليدية، مشيرا إلى تجارب موثقة في المكسيك واليابان وإعصار كاترينا.
ويؤكد الكاتب أن هذا الدور حظي باعتراف رسمي في حكومة الاحتلال، حيث يعترف الكنيست بهواة الراديو كمشغلي شبكات طوارئ، ويتيح لهم قانون خاص تركيب هوائيات ومحطات في منازلهم دون قيود تنظيمية مشددة، في إقرار بأهميتهم الوطنية.