ملفات وتقارير

من القهوة إلى النفط.. لعنة الموارد تطارد فنزويلا وتفتح شهية ترامب

كانت الشركات الأمريكية والبريطانية أكبر المستغلين للنفط الفنزويلي حتى أُممت الصناعات النفطية عام 1976- جيتي
يعد إنتاج القهوة وتصديرها إلى الخارج، النشاط التجاري الأساسي في فنزويلا حتى ثلاثينيات القرن الماضي، إذ ركّزت الدولة نشاطها في زراعة وحصاد هذا المشروب العالمي لعقود طويلة، لكن ثورة اكتشاف النفط في العالم، وصلت البلد اللاتيني، وبدلا من أن تصبح رافعة للاقتصاد، ومصدرا للعملة الصعبة، أصبحت وبالا عليه، خصوصا خلال الأسابيع الأخيرة، مع التهديدات والحصار الذي فرضه الرئيس الأمريكي.

وتتواصل التساؤلات حول ما إذا كانت التحركات الأمريكية تمهيدا لعملية عسكرية أو جزءا من سياسة ضغط نفسي وسياسي على كاراكاس، في ظل غياب وضوح حقيقي في استراتيجية إدارة ترامب.


الموارد تفتح شهية ترامب
أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حصارا نفطيا على ناقلات فنزويلا، الأربعاء، لحين إعادة "المسروقات" التي استولت عليها كاراكاس، وبحسب مزاعم ترامب، تشمل نفطا، وأصولا، وأراضي، يستخدمها نظام نيكولاس مادورو في تمويل "الإرهاب" والمخدرات، والاتجار بالبشر بحسب ترامب.

قال ترامب في منشور على صفحته على تروث سوشيال: "فنزويلا محاصرة بالكامل بأكبر أسطول بحري جُمع في تاريخ أمريكا الجنوبية (...) إلى أن يعيدوا إلى الولايات المتحدة كل النفط والأراضي وغيرها من الأصول التي سرقوها منا".

وتابع: "لن نسمح لأي نظام معادٍ بالاستيلاء على نفطنا أو أراضينا أو أي أصول أخرى، والتي يجب إعادتها جميعًا إلى الولايات المتحدة فورًا".

كانت الشركات الأمريكية والبريطانية أكبر المستغلين للنفط الفنزويلي حتى أُممت الصناعات النفطية عام 1976، في عهد الرئيس كارلوس آندريه بيريز، واستمر التأميم حتى يومنا هذا.

لم يفتح النفط وحده شهية الرئيس الأمريكي، بل إن مخزونات هائلة من المعادن الثمينة والمهمة، كانت سببا واضحا في الحملة التي يشنها ترامب على فنزويلا، بهدف الحصول على موطئ قدم في البلاد الغنية بالموارد.


أهم المعادن والثروات في فنزويلا
يبرز الاحتياطي النفطي كأحد أهم المواد في فنزويلا، والتي تسبح على بحر هائل هو الأكبر عالميا من حيث المخزون الاحتياطي، بحسب إحصاءات منظمة أوبك لعام 2025، مع امتلاكها أكثر من 300 مليار برميل بنسبة 19.4% من الاحتياطي العالمي.

تتصدر فنزويلا قائمة الدول التى تمتلك أكبر احتياطيات من الذهب فى أمريكا اللاتينية، بإجمالى 161 طنًا، وفقًا لمجلس الذهب العالمي. رغم أن الأرقام الصادرة من فنزويلا تؤكد أن الرقم أكبر بكثير.

يأتى معظم هذه الاحتياطيات من منطقة أورينوكو للتعدين، وهى منطقة غنية بالموارد الطبيعية وتغطى مساحة تزيد على 111 ألف كيلومتر مربع. تشتهر مناطق مثل كالاو ونهر كويونى بنقاء الذهب المستخرج منها، مما يمنح فنزويلا ميزة تنافسية فى المنطقة.

لدى فنزويلا احتياطيات ضخمة من الغاز الطبيعي وخام الحديد والبوكسيت، الذي يُعد المادة الخام الأساسية في صناعة الألومنيوم، ومعادن أخرى مهمة للصناعات التحويلية.

ووفقاً لوكالة ANI، عرضت فنزويلا احتياطياتها المعدنية مؤخرا أمام الاستثمار الهندي بهدف تطوير صناعة التعدين، والتي تشمل 340 مليون طن من النيكل، و1.6 مليار طن من خام الحديد، و340 مليون طن من البوكسيت، وأكثر من مليار طن من الفحم، و2700 طن من الذهب المعتمد.


ماذا يريد ترامب مع وراء ابتزاز فنزويلا؟
يكشف تحليل السياسات الأمريكية في عهد الرئيس ترامب إلى أن جزءا كبيرا من تحركات البيت الأبيض، مرتبط بشخصية الرئيس نفسه، حيث إن قناعاته الشخصية تغلب على المصالح الاستراتيجية للولايات المتحدة، كما إن حاشيته يجارونه في ذلك، خاصة ماركو روبيو وزير خارجيته. وفق ما يقوله الكاتب مثنى عبد الله في مقال له، والذي يرى أنه لو تم التعامل مع الإدعاءات الأمريكية بمنطقية، فسنجد أنها ليست مُقنعة بما فيه الكفاية. فتهريب المخدرات إلى الولايات المتحدة يأتي بالدرجة الأولى من المكسيك وكولومبيا، اللتين هما من أكبر الموردين لهذه المادة.

ويبدو أن هناك عوامل جيوسياسية هي المُحرك لتوجه ترامب ضد فنزويلا. بحسب عبد الله، فالولايات المتحدة الأمريكية اليوم منخرطة في حرب باردة مع الصين، وهذه الأخيرة لديها علاقات قوية مع فنزويلا، كما هناك ما يشبه التحالف الصيني الروسي في التعامل مع دول أمريكا اللاتينية، كذلك تأتي علاقة فنزويلا وإيران عاملا آخر، ولكن يبدو أن العامل الأهم في هذا التحرك الأمريكي ضد فنزويلا هو المعادن الثمينة. فترامب يرى أنه يجب الحصول على هذه المعادن أينما وُجدت، كي يتخلص من المساومة الصينية في هذا الجانب.