مع
اشتداد التهديدات الاسرائيلية الموجهة لإيران بشأن برنامجها النووي، فإن القناعة
الاسرائيلية تؤكد أن حلّه يبدو بعيد المنال، والوقت ينفد، وبالتالي فإن هذا الوقت
الحرج قد يُجبر
طهران على اتخاذ قرارات مصيرية.
وقالت سيما
شاين، خبيرة في الشؤون الإيرانية بمعهد دراسات الأمن القومي في جامعة تل أبيب،
إنه "بعد مرور ستة أشهر على حرب الأيام الاثني عشر، لم تُحل الأزمة
المحيطة بالبرنامج النووي الإيراني، سواء بين إيران والوكالة الدولية للطاقة
الذرية، أو بينها وبين الولايات المتحدة وإسرائيل، بل إن المأزق يزداد
تعقيدًا، وقد برزت الأزمة بين إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية خلال منتدى
المحافظين الأخير الذي عقدته الوكالة في الفترة في نوفمبر".
وأضافت
في
مقال نشرته القناة 12، وترجمته "عربي21" أن
"المدير العام للوكالة، رافائيل غروسي، شرح الموقف في سلسلة من المقابلات
الإعلامية، قائلاً إن الوكالة أجرت 12 عملية تفتيش في إيران، ولم تشمل أيًا من
المواقع التي تعرضت للقصف، وأن إيران مهتمة بالبقاء طرفًا موقعًا على معاهدة عدم
انتشار الأسلحة النووية، ولم تجد الوكالة، عبر الأقمار الصناعية، أي دليل على
استئناف تخصيب اليورانيوم، ووفقًا له، هناك بعض الأنشطة الإيرانية في محيط المواقع
التي تعرضت للقصف، لكنها لا تشمل التخصيب".
وأكدت شاين أنه "رغم تقييمات غروسي، فإن أنشطة إيرانية تجري في الموقع الذي بُني في
السنوات الأخيرة قرب
نطنز، ما قد يشير إلى نية استخدامه مستقبلاً لتخصيب
اليورانيوم، وفي مجمع أصفهان، في أحد الأنفاق التي قد تُستخدم أيضاً للتخصيب، إذا
ما قررت طهران العودة لذلك".
وأوضحت الكاتبة أنه "في هذا السياق، صدر قرار في منتدى المحافظين، برعاية الدول الأوروبية
الشريكة في جهود التوصل لاتفاق مع إيران: ألمانيا وبريطانيا وفرنسا، بجانب
الولايات المتحدة، ويدعو طهران إلى منح المفتشين حق الوصول الكامل لجميع المنشآت
النووية دون تأخير، كما هو مطلوب منها بصفتها دولة موقعة على معاهدة عدم انتشار
الأسلحة النووية، التي تلزمها بالامتثال لها".
وأشارت إلى أن "الوكالة تطالب إيران بتقديم تقرير مفصل عن المواقع الثلاثة المتضررة،
والسماح للمفتشين بالوصول إليها، وإبلاغ الوكالة بأي نية لبناء موقع نووي جديد، وحاولت
إيران، كعادتها، منع أي قرار ضدها قبل انعقاد المؤتمر، وهددت بالرد، ولم يطل الأمر
حتى أعلنت إلغاء الاتفاقية الموقعة بين وزير خارجيتها والمدير العام للوكالة
الدولية، وكان يفترض أن تسمح هذه الاتفاقية للوكالة باستئناف عمليات التفتيش،
مبدئيًا في المواقع التي لم تتعرض للهجوم خلال الحرب، كما تعهدت إيران بتقديم
تقرير عن حالة المنشآت المتضررة واليورانيوم".
وأكدت
شاين أن "رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية أعلن المُضيّ قدمًا ببرامجها العلمية
والنووية، رغم محاولات منعها، ورغم القرار الصادر في منتدى المحافظين، ورفض إيران
المستمر حتى إجراء مفاوضات مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية بشأن عمليات التفتيش
المستقبلية، فقد صرح مديرها العام بأنه لا يوصي في هذه المرحلة بإحالة القضية لمجلس
الأمن لاعتماد قرار إدانة، ويعكس موقفه أمله في أنه بمرور الوقت، واستنادًا إلى
قرار إيران عدم الانسحاب من معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، رغم دعوات عديدة
داخل إيران للحكومة لاتخاذ هذه الخطوة، سيُمكن التوصل إلى تفاهمات بشأن بدء عمليات
التفتيش في المواقع المتضررة".
وأوضح
أنه "في الوقت نفسه، لا يزال الجمود قائمًا في العلاقات بين طهران وواشنطن
بشأن استئناف المفاوضات حول اتفاق جديد، وتوقفت المفاوضات بينهما عشية الهجوم الإسرائيلي
في 2025، ومنذ ذلك الحين، أعربا مرارًا وتكرارًا عن اهتمام مبدئي باستئناف
المفاوضات، ومع ذلك، لا توجد أي خطوة دبلوماسية عملية بهذا الاتجاه، ويعود ذلك إلى
التباين بين شروط الانفتاح الأمريكية التي يتمثل أهمها في مطلب عدم تخصيب
اليورانيوم، وموقف طهران الذي يُوضح أن التخصيب حقٌ لها بموجب القانون الدولي، ولا
تنوي التخلي عنه".
ولفتت شاين إلى أن "مسألة التفاوض مع الولايات المتحدة كوسيلة لرفع العقوبات عن إيران، لازالت
وسيلة لضمان عدم تعرضها لهجوم جديد، وفي الوقت ذاته قضية خلافية في الساحة
الإيرانية الداخلية، والمواقف السياسية حولها منقسمة ومستقطبة, وتوضح واشنطن أنها
لن تعود للمفاوضات إلا إذا التزمت إيران بالشروط الثلاثة: وقف التخصيب، ووقف تسليح
وكلائها في المنطقة، وفرض قيود على برنامجها الصاروخي، فيما يسعى مسؤولون مُختلفون
من دول الخليج، لإيجاد سبيل للمرونة بين الأطراف، مما يُمهّد الطريق لاستئناف
المفاوضات".
وبينت الكاتبة أنه "في الوقت ذاته، تتزايد الجهود الإيرانية لإنتاج الصواريخ بكميات كبيرة،
مع التركيز على الأضرار التي ألحقتها بإسرائيل، وتُطلق تهديدات من شأنها، في
حال نشوب الصراع القادم، أن تطلق العديد من الصواريخ المتطورة ذات القدرة
التدميرية العالية على إسرائيل، وهذا هو سبب وجود إيران في مأزق لا مخرج واضح
منه، سواء في علاقاتها مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، أو مع الولايات المتحدة".
تؤكد
هذه السطور الاسرائيلية أن الرئيس دونالد ترامب، يعتبر المسار السياسي هو الخيار
المفضل مع إيران، ولا يبدو أنه يُفكّر في أي تحركات عسكرية، لاسيما أنه يرى أن
البرنامج النووي تم تدميره، أما بالنسبة للشركاء الأوروبيين ودول الخليج، فقد
ازداد اهتمامهم باستئناف المفاوضات، وهم يبحثون عن حلول وسط تُسهّل ذلك فيما تُواصل
طهران التريث بانتظار استئناف المفاوضات.