ملفات وتقارير

بوادر أزمة بين بنين وتوغو.. هل تورطت الأخيرة في الانقلاب الفاشل؟

ساهمت فرنسا في إفشال المحاولة الانقلابية عبر دعم مخابراتي ولوجستي بالتنسيق مع نيجيريا- جيتي
خيّم التوتر على العلاقات بين دولتي بنين وتوغو المجاورتين في غرب أفريقيا، وذلك عقب اتهام بنين لجارتها توغو بإيواء قادة المحاولة الانقلابية الفاشلة.

وعرفت بنين الأحد الماضي محاولة انقلابية قادها ضباط عسكريون سيطروا على مبنى التلفزيون الحكومي وبثوا من خلاله بيانا أعلنوا فيه عن تشكيل مجلس عسكري لإدارة البلاد وإغلاق الحدود البرية والبحرية والجوية، وتعليق الدستور، وحل المؤسسات، وتعليق نشاط الأحزاب السياسية.

وأكدت الحكومة في بنين أن الانقلابيين حاولوا اقتحام مقر إقامة الرئيس وخطفه، واحتجزوا ضباطا كبارا أُفرج عنهم لاحقا. لكن الانقلاب سرعان ما تم إفشاله بعد تدخل قوات من سلاح الجو النيجيري، حيث أكد رئيس نيجيريا بولا أحمد تينوبو أنه أمر طائرات مقاتلة تابعة للقوات الجوية النيجيرية بدخول بنين والسيطرة على المجال الجوي للمساعدة في إخراج من سماهم "المتآمرين الانقلابيين من التلفزيون الوطني ومعسكر أعادوا تجميع صفوفهم فيه".

وساهمت فرنسا في إفشال المحاولة الانقلابية عبر دعم مخابراتي ولوجستي بالتنسيق مع نيجيريا، حيث ينظر إلى النظام الحاكم في بنين على أنه الحلف الاستراتيجي الأهم لفرنسا في منطقة غرب أفريقيا بشكل عام، والإطاحة به تعني انهيار الحضور الفرنسي في الغرب الأفريقي.

وقد أجرى الرئيس إيمانويل ماكرون اتصالات في يوم الانقلاب للتنسيق مع رؤساء بنين ونيجيريا وسيراليون، من أجل إفشاله، فيما قال مجلس الشيوخ النيجيري إنه وافق على نشر قوات عسكرية في بنين التي تتقاسم معها نيجيريا حدودا طولها 700 كيلومتر.

أما المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا "إيكواس" فقد دعت إلى التفكير في حالة الديمقراطية في المنطقة وحثت على تعزيز الأمن الجماعي، في ظل تدهور العديد من المؤشرات.

الانقلابيون فروا إلى لُومي
بعد قصف الطيران العسكري للأماكن التي كان يتحصن بها قادة الانقلاب وعلى رأسهم العقيد تيغري باسكال، قرروا مغادرة البلاد، حيث اختفوا عن الأنظار لمدة يومين قبل أن يتم تحديدهم مكانهم في لومي العاصمة التوغولية وبالتحديد في حي "لومي2" حيث يوجد مقر إقامة الرئيس فور نياسينغبي.
وأكد مسؤول في حكومة بنين أن قائد الانقلاب الفاشل طلب اللجوء لتوغو المجاورة، ودعا سلطات لومي إلى تسليمه فوراً.

وفي تهديد واضح قالت حكومة بنين إن التوغو إذا لم تسلم قادة المحاولة الانقلابية الذين فروا إليها فسيُعتبر ذلك دليلا على تورط البلاد في هذه المحاولة الانقلابية.

وتقول بنين إن أربعة من قادة المحاولة الانقلابية بمن فيهم العقيد تيغري باسكال، فروا إلى لومي، وأن تيغري باسكال، نفسه تلقى يوم المحاولة اتصالا من رقم هاتف توغولي، ما اعتبرته السلطات دليلا على احتمال تورط توغو في الانقلاب، وذكرت تقارير إعلامية أن قادة المحاولة الانقلابية طلبوا بالفعل اللجوء في توغو.

صمت توغولي
ورغم تزايد الاتهامات والتصريحات الصادرة المسؤولين في بنين بهذا الخصوص، التزمت توغو الصمت، فلم يصدر أي تعليق رسمي من الرئاسة التوغولية أو وزارة الخارجية، لكن متابعين للشأن الأفريقي يستبعدون أن تقدم توغو على تسليم قادة الانقلاب للحكومة في بنين، ما يعني أن ما يحصل هو بداية فعلية لأزمة دبلوماسية بين البلدين، قد تكون لها تداعيات على منطقة غرب القارة السمراء.

وتشكل محاولة الانقلاب في بنين أحدث تهديد للديمقراطية بغرب أفريقيا التي عرفت خلال السنوات الأخيرة عدة انقلابات عسكرية، حيث يحكم العسكر حاليا في النيجر وبوركينا فاسو ومالي وغينيا، وغينيا بيساو.

وتأتي هذه المحاولة الانقلابية قبل أشهر من الانتخابات الرئاسية في بنين المقررة في أبريل المقبل، والتي يتوقع أن يسلم خلالها الرئيس الحالي الرئاسة للفائز في الانتخابات، التي يرجح أن يفوز بها وزير ماليته روموالد واداغني مرشح الائتلاف الحاكم.

تحد جديد بغرب القارة
ووفق متابعين فإن هذه التطورات تمثل تحديا جديدا للمجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس) التي تغرق بلدانها في دوامة من الأزمات السياسية والأمنية.

ويرى المحلل السياسي المتابع للشأن الأفريقي الولي سيدي هيبة، أن أي توتر بين توغو وبنين ستكون له تداعيات كبيرة على شعبي البلدين، حيث تنشط حركة التجارة وتنقل الأشخاص على حدود البلدين الجارين.

وأضاف في تصريح لـ"عربي21" أن أي توتر دبلوماسي قد يقود إلى إغلاق الحدود أو تشديد الإجراءات الأمنية وهذا ستكون له تداعيات اقتصادية كبيرة على شعبي البلدين.
ولفت إلى أن المراقبين للشأن الأفريقي ينتظرون رد توغو ليتمكنوا من تحديد مسار مستقبل الازمة بين البلدين.

وقال سيدي هيبة في حديثه لـ"عربي21" أن المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا ستبذل كل ما بوسعها لاحتواء الأزمة "باعتبار أي تصعيد بين توغو وبنين يعد تهديدا مباشرا للاستقرار الإقليمي".

وأضاف: "أي توتر حقيقي قد يتطور إلى قطع علاقات البلدين وإغلاق الحدود، وهذا سيشل عمل المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا التي هي سوق مشترك ويتنقل مواطنوها بكل حرية بين جميع الدول الأعضاء دون الحاجة لتأشيرة".

ونبه إلى أن بلدان غرب أفريقيا غارقة في العديد من الأزمات تسببت في انسحاب ثلاث دول من المجموعة هي مالي والنيجر وبوركينافاسو، كما عرفت هذه المنطقة خلال الفترة الأخيرة العديد من الانقلابات كان آخرها الانقلاب الذي عرفته غينيا بيساو.