نشرته صحيفة
"
لوفيغارو" الفرنسية تقريرا يناقش فيه مصير بشار
الأسد بعد فراره إلى
موسكو قبل عام، واحتمالات
تسليمه إلى دمشق مثلما تطالب به الحكومة السورية الجديدة.
وقالت الصحيفة في تقريرها
الذي ترجمته "
عربي21"، إن مصير بشار الأسد الذي اختفى عن المشهد العام والتزم
الصمت منذ استقباله في العاصمة الروسية مع أفراد أسرته قبل عام، يشكّل أحد أبرز
رهانات العلاقة الجديدة بين موسكو ودمشق.
وتضيف الصحيفة أن المعلومات
حول وضعه ووضع عائلته في العاصمة الروسية تقتصر على شهادات متفرقة، غير أنّ غيابه
عن الواجهة لا يلغي حضوره السياسي غير المباشر في سياق العلاقات الروسية السورية
التي تتشكل من جديد في ظل النظام الحالي.
منزل ريفي
وحسب الصحيفة، يُعتقد أن
الأسد غادر
سوريا بثروة تقارب 250 مليون دولار، وأنه استثمر منذ سنوات في عقارات
فاخرة بموسكو.
وقد أكّدت صحيفة "دي
تسايت" الألمانية في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، أنه يقيم في ثلاثة شقق، ضمن
نحو عشرين شقة يملكها في مبنى راقٍ في "موسكو سيتي"، الحي المالي
للعاصمة الروسية.
وتشير الصحيفة إلى أن الأسد
يتردد أحيانًا على مركز تجاري في الطابق الأرضي للمبنى، ويقضي ساعات في الألعاب
على الإنترنت.
كما تؤكد تقارير أن تنقّله
محدود، وأنه يزور بانتظام منزلا ريفيا قريبا من موسكو يخضع لحراسة مشددة.
محيط الأسد
وأوردت الصحيفة أن الأسد لم
يصل بمفرده إلى موسكو، فقد رافقته أسرته وبعض المقربين، فيما توجه آخرون إلى لبنان
أو دول الخليج.
وحسب صحيفة "نوفايا
غازيتا أوروبا"، فإن "نحو ألف شخص فرّوا إلى روسيا مع انهيار النظام في
سوريا"، بينهم عسكريون ومسؤولون وعناصر أمن، بعضهم مطلوبون دوليًا.
ومن أبرز مرافقي الأسد في
منفاه، شقيقه الأصغر ماهر (57 عامًا)، أحد أبرز أدوات القمع بعد عام 2011، والمشتبه
بارتكابه جرائم قتل وجرائم ضد الإنسانية، بما في التورط في الهجوم الكيميائي على
الغوطة عام 2013. وقد شوهد ماهر الأسد داخل مقهى فاخر في موسكو في حزيران/ يونيو
الماضي.
كما انتقلت أسماء الأسد
رفقة زوجها بشار إلى موسكو. وكانت زوجة الرئيس المخلوع قد أعلنت في 2019 تعافيها
من سرطان الثدي بعد عام من العلاج، قبل أن يُكشف في أيار/ مايو 2024 عبر بيان رسمي
أنها بسرطان الدم النخاعي الحاد.
وترددت معلومات نقلتها
صحيفة "التايمز" عن رغبتها في السفر إلى لندن حيث تقيم أسرتها، لاستكمال
العلاج، إلا أن جواز سفرها البريطاني انتهت صلاحيته عام 2020.
وحسب صحيفة "أرغومينتي
إي فاكتي" الروسية، قدمت أسماء طلب طلاق أمام محكمة روسية بهدف الانتقال إلى
بريطانيا مدفوعة على الأرجح بالرغبة في الالتفاف على العقوبات المفروضة على
العائلة. غير أنّ المتحدث باسم الكرملين، دميتري بيسكوف، نفى صحة هذه المعلومات.
هل يتم تسليم الأسد؟
تستبعد الصحيفة إمكانية
تسليم الأسد إلى دمشق رغم طرح هذه القضية ضمن محادثات البلدين لإعادة رسم معالم
العلاقة بينهما.
وكان أحمد الشرع قد أعلن
عقب وصوله إلى الحكم أن "سوريا الجديدة ستستخدم كل الوسائل القانونية"
لمحاكمة الأسد. وفي 27 أيلول/ سبتمبر الماضي، أصدر القضاء السوري مذكرة اعتقال
غيابية بحق الرئيس المخلوع في تهم تتعلق بقتل وتعذيب متظاهرين، فيما أصدرت فرنسا
ثلاث مذكرات توقيف أخرى بتهم تشمل جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.
وفي 15 تشرين الأول/
أكتوبر، زار الشرع موسكو للمرة الأولى، وأبلغ نظيره الروسي برغبته في "إعادة
تعريف" العلاقة بين البلدين. وتفيد مصادر سورية بأنه طلب صراحة تسليم الأسد،
لكن الجانب الروسي لم يؤكد وجود مثل هذا الطلب.
وذكرت الصحيفة أن مصير
الأسد طُرح للمرة الأولى في اتصال هاتفي جمع بين بوتين والشرع في شباط/ فبراير
الماضي، حين طلب الرئيس السوري تسليم بشار مقابل بقاء القاعدتين الروسيتين في
طرطوس وحميميم، وهما من أهم ركائز الوجود العسكري الروسي في منطقة المتوسط.
لكن خبراء يؤكدون أن موسكو
لم تنظر بجدية في هذا الطرح، وأن الشرع يعلم جيدًا أن بوتين - الذي اتخذ بنفسه
قرار استقبال الأسد، كما فعل مع الرئيس الأوكراني السابق فيكتور يانوكوفيتش سنة
2014 - لن يسلم حليفًا سابقًا يحمل أسرار التدخل الروسي في سوريا.
محاولة اغتيال
ويعتقد المراقبون -وفقا
للصحيفة- أن الشرع طرح هذه المسألة لأهداف سياسية داخلية، بالنظر إلى المطالب
الشعبية بتسليم الرئيس المخلوع وضرورة محاكمته في سوريا.
وأبلغ الشرع نظيره الروسي
في 15 تشرين الأول/ أكتوبر بأن سوريا ستلتزم بكل الاتفاقات الموقعة سابقًا، وهو ما
يعني ضمنيًا القبول باستمرار القواعد الروسية، ولو بحجم أقل، بينما يُتوقع أن يبقى
الأسد في روسيا، حسب الصحيفة.
وأضافت لوفيغارو أن محاولة
الاغتيال الغامضة التي تعرض لها بشار الأسئلة مؤخرًا تثير المزيد من الأسئلة. فقد
أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان أنه نُقل في 20 أيلول/ سبتمبر الماضي إلى
المستشفى في حالة حرجة إثر محاولة تسميم نفذها ضابط سوري سابق، قبل أن يغادر بعد أيام.
وقد نفت موسكو الحادث ولم
تُكشف تفاصيله، لكن ذلك يؤشر - حسب الصحيفة - إلى أن الأسد قد لا يكون آمنا في
منفاه.