أكدت مصادر أوروبية أن احتمالية تقسيم قطاع غزة بحكم الأمر الواقع بين منطقة تسيطر عليها دولة الاحتلال وأخرى تديرها حركة حماس صارت مرجحة بشكل متزايد، مع تعثر الجهود الرامية إلى دفع خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لإنهاء الحرب إلى ما بعد وقف إطلاق النار.
وذكر ستة مسؤولين أوروبيين مطلعين مباشرة على جهود تنفيذ المرحلة التالية من الخطة أن "الخطة توقفت فعليا، وأن إعادة الإعمار من المرجح الآن أن تقتصر على المنطقة الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية"، وفق وكالة رويترز، وحذر المسؤولون الأوربيون، من أن ذلك قد يؤدي إلى تقسيم يستمر لسنوات.
المرحلة الأولى من الخطة
بموجب المرحلة الأولى من الخطة، التي دخلت حيز التنفيذ في 10 تشرين الأول/أكتوبر 2025، يسيطر جيش الاحتلال الإسرائيلي حاليا على 53 بالمئة من القطاع المطل على البحر المتوسط، بما في ذلك معظم أراضيه الزراعية، إلى جانب رفح في الجنوب وأجزاء من مدينة غزة ومناطق حضرية أخرى، ويعيش جميع سكان القطاع البالغ عددهم نحو مليوني نسمة مكدسين في خيام ووسط أنقاض المدن المحطمة في بقية مناطق القطاع والتي تخضع لسيطرة حماس.
المرحلة التالية
وتتضمن المرحلة التالية من الخطة انسحاب جيش الاحتلال الإسرائيلي بشكل أكبر انطلاقا مما يسمى بالخط الأصفر المتفق عليه في
خطة ترامب، إلى جانب إنشاء سلطة انتقالية لحكم غزة، ونشر قوة أمنية متعددة الجنسيات تهدف إلى تسلم المسؤولية من الجيش الإسرائيلي، وكذلك نزع
سلاح حماس وبدء إعادة الإعمار.
لكن الخطة لا تتضمن أي جداول زمنية أو آليات للتنفيذ، فيما ترفض حماس نزع سلاحها، بينما ترفض دولة الاحتلال أن يكون للسلطة الفلسطينية المدعومة من الغرب أي دور، ولا يزال الغموض يكتنف القوة متعددة الجنسيات، وفق تقرير وكالة رويترز.
وقال وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي في مؤتمر أمني بالمنامة هذا الشهر: "ما زلنا نعمل على صياغة أفكار... الجميع يريد انتهاء هذا الصراع، جميعنا نريد نفس النتيجة. السؤال هو كيف نحقق ذلك؟".
الخط الأصفر
وفي غياب أي جهد كبير من جانب الولايات المتحدة لكسر الجمود، يبدو أن الخط الأصفر سيصبح الحدود الفعلية التي تقسم غزة إلى أجل غير مسمى، وفق ما قاله 18 مصدرا من بينهم ستة مسؤولين أوروبيين ومسؤول أمريكي سابق مطلع على المحادثات.
وصاغت الولايات المتحدة مسودة قرار لمجلس الأمن الدولي يمنح القوة متعددة الجنسيات وهيئة حكم انتقالية ولاية لمدة عامين. لكن 10 دبلوماسيين قالوا إن الحكومات لا تزال مترددة في الالتزام بإرسال قوات، وقالوا إن الدول الأوروبية والعربية على وجه الخصوص من غير المرجح أن تشارك إذا امتدت المسؤوليات إلى ما هو أبعد من حفظ السلام، وإذا كانت تهدف إلى مواجهة مباشرة مع حماس أو غيرها من الفصائل الفلسطينية.
وذكر نائب الرئيس الأمريكي جيه.دي فانس وصهر ترامب جاريد كوشنر الشهر الماضي أن أموال إعادة الإعمار قد تبدأ بالتدفق بسرعة إلى المنطقة التي تسيطر عليها "إسرائيل" حتى من دون الانتقال إلى المرحلة التالية من الخطة، بناء على فكرة إنشاء مناطق نموذجية لبعض سكان غزة للعيش فيها.
بدوره، قال مايكل وحيد حنا، مدير برنامج الولايات المتحدة في مجموعة الأزمات الدولية، إن مثل هذه المقترحات الأمريكية تشير إلى أن واقع القطاع المقسم على الأرض يهدد بأن يصبح "أمرا أطول أمدا بكثير"، وأشار متحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية إلى أنه على الرغم من تحقيق "تقدم هائل" في دفع خطة ترامب إلى الأمام، هناك المزيد من العمل الذي يتعين القيام به، دون الرد على أسئلة حول ما إذا كانت إعادة الإعمار ستقتصر على المنطقة الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية.
نزع سلاح حماس تحت إشراف دولي
قال حازم قاسم، المتحدث باسم حماس في غزة "نحن نقول بشكل واضح أن الحركة لن تكون في مشهد حكم قطاع غزة في اليوم التالي، وهذا تم الاتفاق عليه، ستكون هناك لجنة استناد مجتمعي من مستقلين هي التي تحكم كل أمور القطاع. وبالتالي، نحن نسعى لسحب الذرائع من كل الأطراف لإعاقة الإعمار، كل مناطق قطاع غزة الإعمار بشكل متساوٍ، حماس جاهزة لتسليم الحكم من الآن بحيث تبدأ عملية إعمار لقطاع غزة، وهذا حق لأهل قطاع غزة"، وقال مسؤولان أوروبيان ودبلوماسي غربي إن من بين الأفكار قيد المناقشة ما إذا كان بإمكان حماس نزع السلاح تحت إشراف دولي بدلا من تسليمها إلى إسرائيل أو أي قوة أجنبية أخرى.
"غزة الجديدة"
يشار إلى أن مسؤولين عرب وأميركيين وإسرائيليين أكدوا أن دولاً عربية تعارض اقتراحاً مدعوماً من الولايات المتحدة لإعادة بناء ما يوصف بأنه "غزة الجديدة" في النصف الذي يسيطر عليه الاحتلال الإسرائيلي، فيما تخشى تلك الدول أن يكون مخططاً لتقسيم طويل الأمد للأراضي الفلسطينية، بحسب صحيفة "فاينانشيال تايمز".