مثلت مظاهرات الساعات الأخيرة للحريديم
اليهود ضد خطوات جيش الاحتلال
الإسرائيلي لتجنيدهم ذروة الأزمة الناشبة بينهم وبين الحكومة، وإمكانية انسحابهم منها بصورة نهائية، حيث شارك قرابة مائتي ألف منهم فيما تعرف بـ"مسيرة المليون"، رفضا لقانون
التجنيد الإلزامي الذي تسعى الحكومة لتمريره، حيث شهدت محطات انتظار الحافلات والقطار فوضى عارمة، واختناقات مرورية.
الجنرال رام عميناخ، الرئيس السابق لقسم الميزانية بوزارة الحرب، أكد أنه "في غضون شهرين سيحدث ما لم يحدث منذ خمسين عاما في دولة إسرائيل٬ ويتمثل بأن يأتي موعد تقديم تقرير عن آلاف الشباب
الحريديم للجيش، وهذه المرة لا يتعلق الأمر فقط بالهامش، بل بأعضاء المعاهد الدينية، الذين تلقوا بالفعل أوامر التجنيد الإجباري، ويبدأ تاريخ تقديم تقاريرهم في كانون الثاني/يناير المقبل، وهذه أعداد غير مسبوقة من اليهود المتطرفين الذين لا يطلب منهم إجراء فحوصات أو استبيانات، بل من أجل أمر حقيقي - أن يأتوا ويرتدوا الزي الرسمي للجيش".
وأضاف في مقال نشرته صحيفة "
يديعوت أحرونوت"، وترجمته "عربي21" أنه "لا يتم التجنيد في الجيش قبل سن 18 عاما، لذا فإن الأوامر التي بدأ إرسالها في صيف 2024 تحمل تاريخ تجنيد يبدأ من 18 كانون الثاني/يناير 2026، وهذا تغيير حقيقي هذه المرة، ليس فقط لمن تركوا الدراسة في المعاهد الدينية، ولكن للجميع، دون فحص أو فرز، ما يعني أنه سيطلب من 1200 شاب حريدي الحضور والتجنيد، وارتداء الزي الرسمي".
وأشار أنه "في تموز/يوليو 2025، تم إرسال أوامر الاستدعاء لـ54 ألفا من الحريديم كبار السن بالفعل، بحيث لا يمكنهم الخدمة كمقاتلين، والجيش لا يحتاج إليهم، لكنهم على العكس من ذلك، قد يصبحون طبقة أخرى من البيروقراطيين التي تضر بمنظومته الداخلية، لكن من بين عشرات الآلاف، هناك أيضا آلاف يبلغون من العمر 18 عاما، وسيحصلون مباشرة بعد تاريخ الإبلاغ عن الأمر الأول، على أمر تجنيد حقيقي، أمر للتجنيد وارتداء الزي الرسمي، وهكذا يفعل الجيش الآن".
وأكد أنه "في الفترة 2026-2027، يتوقع أن يصل 42 ألف شاب أرثوذكسي متشدد تتراوح أعمارهم بين 18 و19 عاما إلى تاريخ التجنيد، وهو شيء لم يحدث منذ خمسين عاما، منذ تمكن الحاخام شيك وريبي ماغور من العمل مع مناحيم بيغن، رئيس الوزراء الراحل، وإيجاد العديد من الحيل للتهرب من قانون التجنيد، لكن ما يقلق القيادة الأرثوذكسية المتطرفة ليس أنه سيكون هناك عشرات آلاف المنشقين، بل على العكس تماما أنهم سيأتون لصفوف الجيش، وسيبدأ الشباب الحريديم في الظهور بين باقي الجنود".
وأوضح أن "انخفاض نسبة مشاركة الحريديم في صفوف الجيش يعود حتى الآن إلى عدة عوامل: أولها أن معظمهم لم يتلقوا أمر التجنيد الذي حان موعد استحقاقه، وثانيها أنه كان هناك تمييز عميق بين الأرثوذكس المتطرفين في المدرسة الدينية، والأرثوذكس المتطرفين، بحيث يعتبر من يرتدون الزي الرسمي من الدرجة الثانية، والآن عندما يتم تطبيق قانون التجنيد على الجميع، فإن هذا التمييز سيتآكل".
تتزامن هذه القراءة الإسرائيلية مع استمرار الأزمة داخل الائتلاف الحكومي ذاته، على خلفية قانون التجنيد الذي كان يعفي الحريديم منذ عقود من الخدمة العسكرية، وتضغط الآن لتمرير مشروع قانون التجنيد الذي يمنح أفرادها إعفاء منها، بزعم أنها تتعارض مع روح التوراة، واعتداء على هوية المجتمع التوراتي، ومساسا بحرية دراسة الدين، وتطلق عليه المعارضة قانون التهرب من الخدمة العسكرية.