طب وصحة

من المضادات الحيوية إلى أدوية الملاريا.. كيف يمكن لأدوية "مغيرة" منع عودة السرطان

تستخدم بعض الأدوية المعروفة لمنع عودة السرطان- الأناضول
نشر موقع كونفيرسيشن مقالا للمحاضر أول في بيولوجيا السرطان والكيمياء الحيوية السريرية، جامعة كينغستون، أحمد البدوي والمحاضرة أولى في علم الوراثة والبيولوجيا الجزيئية في جامعة كينغستون، نادين وحيدة تناول جهود العلماء في استخدام أدوية قديمة خصوصاً أدوية الملاريا لمنع عودة السرطان بعد العلاج، مع التركيز على سرطان الثدي كنموذج رئيسي.

وقال كاتبا المقال، إن العديد من الناجين من السرطان يعيشون مع قلق عودة المرض.

ويحدث هذا "الانتكاس" عندما تختبئ الخلايا السرطانية في مكان ما في الجسم - مثل نخاع العظم - وتبدأ في النمو مرة أخرى، أحيانا بعد سنوات، يحاول العلماء فهم كيفية منع هذه الخلايا من إعادة التنشيط والتسبب في انتشار السرطان.

واشارا إلى أن الباحثين الآن، يجدون نتائج واعدة من خلال اختبار أدوية الملاريا القديمة كوسيلة لمنع عودة سرطان الثدي.

ويُسمى هذا النهج "تغيير غرض استخدام الأدوية": أخذ الأدوية الموجودة بالفعل (حتى تلك التي لم تعد متوفرة في السوق) واختبار ما إذا كان بإمكانها علاج أمراض مختلفة.

وأوضحا أن الدراسات الحديثة حددت طريقتين مهمتين يمكن أن تعمل بهما هذه الأدوية لعلاج السرطان.

أولا، تستهدف عملية تسمى الالتهام الذاتي: كيف تقوم الخلايا بتنظيف وإعادة تدوير نفاياتها الخاصة. في الأورام، يمكن أن تساعد عملية إعادة التدوير هذه الخلايا السرطانية على البقاء على قيد الحياة عندما تكون تحت الضغط، مما يعني أنها يمكن أن تعود بعد العلاج.

كما تؤثر الأدوية على الجينات التي تتحكم في نمو الخلايا. يمكن لهذه الجينات، بما في ذلك جين يسمى mTOR، أن تساعد السرطان على التطور من عدد قليل من الخلايا التالفة، بحسب المقال.

وأوضحا أن هذه العمليات مجتمعة تساعد الخلايا السرطانية المختبئة على البقاء حية وتجنب اكتشافها من قبل الجهاز المناعي من خلال التكيف مع بيئة معادية. وجد العلماء أن أدوية الملاريا - الكلوروكين والهيدروكسي كلوروكين - قللت من عدد الخلايا السرطانية المختبئة في كل من أطباق المختبر والبشر.

وأضافا أنه عندما أعطيت الفئران الكلوروكين، كان لديها عدد أقل من هذه الخلايا السرطانية المختبئة وعاشت لفترة أطول من الفئران غير المعالجة. شجعت هذه النتائج الواعدة العلماء على بدء تجارب بشرية صغيرة باستخدام الهيدروكسي كلوروكين، وهو نسخة أكثر أمانا من الكلوروكين.

وأشارا إلى أن النتائج البشرية الأولية تبدو واعدة. ففي تجربة صغيرة على 53 مريضا يعانون من الحد الأدنى من المرض المتبقي بعد العلاج القياسي لسرطان الثدي، ظل 92 بالمئة ممن تناولوا الهيدروكسي كلوروكين وحدهم خاليين من السرطان بعد ثلاث سنوات، مقارنة بـ 93 بالمئة ممن استخدموا العلاج الموجه لسرطان الثدي إيفيروليموس. أظهر مزيج من كلا الدواءين بقاء 100 بالمئة من المرضى خاليين من السرطان بعد ثلاث سنوات، مع حدوث انتكاسين فقط بحلول السنة السابعة.

ولفت إلى أن هناك بعض القيود المهمة على هذه الدراسة. فقد كانت تجربة صغيرة ومبكرة، وشملت فقط المرضى الذين لا يعانون من سرطان نشط. وتحتاج النتائج إلى تأكيد في تجارب سريرية عشوائية أكبر بكثير - وهي المعيار الذهبي لاختبار الأدوية على البشر - قبل اعتبار هذه العلاجات رعاية قياسية. لا تزال هناك تساؤلات حول الجرعات الصحيحة، والآثار الجانبية المحتملة على المدى الطويل، وأي المرضى سيستفيدون أكثر.


أدوية أخرى قيد البحث
كما ذكر المقال ان عدة فئات أخرى من الأدوية أظهرت أيضا نتائج واعدة في أبحاث السرطان، على الرغم من أن معظمها لا يزال في مراحل الاختبار المبكرة.

فقد تم التحقيق في مضادات الالتهابات بناء على نظرية أنها قد تمتلك نشاطا مضادا للسرطان، نظرا لأن الالتهاب سمة مميزة للسرطان. وقد أظهر عقار سيليكوكسيب، وهو مضاد للالتهابات يستخدم لعلاج التهاب المفاصل، بعض النتائج الواعدة في منع بعض الإنزيمات المشاركة في نمو الخلايا السرطانية، على الرغم من أنه لا يزال قيد البحث.

وأشارا إلى أن المضادات الحيوية، بما في ذلك الدوكسيسيكلين - المستخدم عادة لعلاج الالتهاب الرئوي البكتيري والتهابات الجهاز التناسلي - قد تبطئ نمو الخلايا السرطانية كما أظهرت الدراسات المخبرية عن طريق التأثير على كيفية استخدام الخلايا السرطانية للطاقة.

كما أظهرت مضادات الذهان [مهدئات الأعصاب] أيضا تأثيرات مضادة للسرطان في الأبحاث المبكرة، فعند دمج الثيوريدازين مع العلاج الكيميائي في الدراسات المخبرية، يمكنه تدمير الخلايا الجذعية السرطانية - تلك الخلايا التي تشجع على عودة السرطان، بحسب المقال.

وقال الكاتبين إنه وُجد أن أدوية ضغط الدم تجعل الخلايا السرطانية أكثر استجابة للعلاج الكيميائي في بعض الدراسات.

وأضافا أنه يجري أيضا البحث في عقار سيلدينافيل (المعروف باسمه التجاري فياجرا) لتقييم إمكاناته في المساعدة على إبطاء أو منع نمو سرطان المعدة، على الرغم من أن البحث لا يزال في مراحله المبكرة.


وأكدا أن تغيير غرض استخدام الأدوية له مزايا حقيقية. ولأن هذه الأدوية لديها بالفعل سجلات سلامة مثبتة، يمكن استخدامها في العيادات بشكل أسرع وبتكلفة أقل. لكن الرحلة من النتائج المخبرية الواعدة إلى العلاجات الفعلية طويلة وغير مؤكدة.

ولكنهما ذكّرا بأن العديد من الأدوية التي تظهر نتائج مشجعة في الدراسات المخبرية أو الحيوانية في العمل تفشل  عند اختبارها على البشر. حتى عندما تُظهر التجارب البشرية المبكرة نتائج واعدة، قد تكشف الدراسات الأكبر عن قيود أو آثار جانبية غير متوقعة، أو أن الفوائد تنطبق فقط على مجموعات فرعية محددة من المرضى.

وقالا إن البحث يستمر، حيث يختبر العلماء الأدوية التي غُيّر غرض استخدامها في كل مرحلة من مراحل رعاية مرضى السرطان. في حين أن تغيير غرض استخدام الأدوية نهج قيّم يمكن أن يفتح خيارات علاجية جديدة ويوفر طريقة أكثر استدامة لتطوير الأدوية، فمن الأهمية بمكان الحفاظ على توقعات واقعية.

وختما بالقول إنه لا تزال كل فكرة جديدة بحاجة إلى اختبار دقيق، ويجب على المرضى دائما التحدث إلى أطبائهم قبل تجربة أي علاجات غير مثبتة فعاليتها.