سياسة دولية

ترامب يعطي "الضوء الأخضر" للتدخل في فنزويلا.. ومادورو يعلن تحشيد الملايين

مجلة فورين بوليسي تقول إن واشنطن قد تلجأ إلى دعم انتفاضة داخلية ضد الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو - جيتي
قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، إنه سمح لوكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية بالعمل داخل فنزويلا للحد من التدفقات غير الشرعية للمهاجرين والمخدرات من الدولة الواقعة في أمريكا الجنوبية، لكنه لم يُصرّح بأن الوكالة ستمتلك سلطة عزل الرئيس نيكولاس مادورو. وتُعدّ هذه التصريحات هي الأكثر شموليةً لترامب بشأن قراره توسيع صلاحيات الـ (CIA) لتشمل عمليات سرية في الداخل بحسب شبكة "سي أن أن ".


وأطلع ترامب قيادة وكالة الاستخبارات  المركزية في الوقت نفسه تقريبًا الذي وقّع فيه توجيهًا سريًا يأمر الجيش بالبدء في ضرب عصابات المخدرات في أمريكا اللاتينية في وقت سابق من هذا الصيف، حيث ربط هذا التفويض بجهوده لمكافحة تهريب المخدرات، وقال للصحفيين في المكتب البيضاوي: "لدينا الكثير من المخدرات القادمة من فنزويلا، والكثير منها يأتي عبر البحر، لذا يُمكنكم رؤية ذلك، لكننا سنوقفها برًا أيضًا".


ودون أن يُصرّح الرئيس الأمريكي بأنّ هدفه هو إزاحة مادورو من السلطة، قال إنّه يشعر بأنّ قادة فنزويلا يشعرون بضغط، وأضاف: "أعتقد أنّ فنزويلا تشعر بضغط كبير ولكن أعتقد أنّ دولًا أخرى كثيرة تشعر به أيضًا، لن نسمح بتدمير هذا بلدنا، لمجرد أنّ الآخرين يريدون إسقاط أسوأ ما لديهم، كما تقولون"، في إشارة إلى مزاعمه بأن الدول أفرغت سجونها ومصحّاتها النفسية لإرسال أشخاص إلى الولايات المتحدة.

وأضاف ترامب: "نحن بالتأكيد نتطلع إلى البر الآن، لأننا نسيطر على البحر بشكل جيد للغاية، لقد مرّ علينا يومان لم نجد فيهما أي قارب، وهذا، أعتبره أمراً جيداً، وليس سيئاً"، وقال إن جهود خفر السواحل على مدى الثلاثين عاماً الماضية لوقف تجار المخدرات "كانت غير فعالة إطلاقاً" و"لم تُفلح أبداً" عندما نُفّذت "بطريقة سليمة سياسياً".

وذكر: "لديهم قوارب أسرع، بعض هذه القوارب، بصراحة، قوارب سريعة من الطراز العالمي، لكنها ليست أسرع من الصواريخ، لكننا نحاول فعل ذلك منذ سنوات، وكثير من المخدرات - 25 بالمئة أو 30 بالمئة منها - كانت تأتي عبر البحار، أما الآن، فأقول إنه لا يوجد لدينا أي منها"، وأضاف أن استهداف الأشخاص في الضربات أنقذ آلاف الأرواح التي كان من الممكن أن تُفقد بسبب الجرعات الزائدة، وقال ترامب: "إذا فقدت ثلاثة أشخاص وأنقذت 25 ألف شخص - هؤلاء هم من يقتلون شعبنا، فإن كل قارب ينقذ 25 ألف حياة، ويمكنك أن ترى ذلك، القوارب تُصاب، وترى الفنتانيل في كل مكان في المحيط".

فنزويلا تحشد قواتهاموقع ميدل إيست آي أشار إلى أن أمريكا الجنوبية لطالما كانت بؤرةً للعمليات السرية الأمريكية والانقلابات والحروب بالوكالة خلال الحرب الباردة، كما تطرق إلى أن الرئيس الفانزويلي نيكولاس مادورو أعلن خلالتصريح له رفضه للحرب في منطقة البحر الكاريبي، أو تغيير النظام بالانقلابات التي تنظمها وكالة المخابرات المركزية الأمريكية.

وأعلن الرئيس الفنزويلي مادورو أن بلاده مستعدة للقتال، قائلا لحشد من أنصاره : "الشعب مستعد للقتال، مستعد للمعركة"، وأضاف: "فنزويلا لن تُهان. فنزويلا لن ترضخ لأحد. ستواصل فنزويلا مسيرتها نحو السلام والوئام والاستقرار".

وحركت فنزويلا الخميس قواتها إلى مواقعها على ساحل البحر الكاريبي، وحشدت وفقا لما أكده مادورو ملايين الجنود، في استعراض للتحدي ضد أكبر حشد عسكري أمريكي في منطقة البحر الكاريبي منذ ثمانينيات القرن الماضي، وفقا لما ذكرته صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية.


وسبق أن اعترف دونالد ترامب في عام 2023 أنه حاول خلال فترة ولايته الأولى كرئيس للولايات المتحدة الإطاحة بحكومة فنزويلا ونهب نفطها، قائلا: "كنا سنسيطر على فنزويلا، كنا سنحصل على كل ذلك النفط. كانت ستكون بجوارنا مباشرة".


" ثلاثة سيناريوهات محتملة"
وفي سياق متصل، كشف تقرير حديث لمجلة "فورين بوليسي" أن الولايات المتحدة تواجه ثلاثة سيناريوهات محتملة في تعاملها مع فنزويلا، في ظل تصاعد التوترات بعد فوز زعيمة المعارضة الفنزويلية ماريا كورينا ماتشادو بجائزة نوبل للسلام، وتصاعد القلق الأمريكي بشأن مستقبل الديمقراطية في البلاد.


وتشير تقديرات إلى أن واشنطن قد تلجأ إما إلى دعم انتفاضة داخلية ضد الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو، أو شنّ ضربات عسكرية مباشرة، أو مواصلة الضغط الدبلوماسي لتحقيق انتقالٍ سلمي، وبينما يبقى كلُّ خيارٍ محفوفًا بالمخاطر والصعوبات، فإن تحرّك واشنطن قد يحدّد مستقبل فنزويلا والسياسات الأمريكية في المنطقة.

ويرى الخبراء أن هناك خيارًا آخر يتمثل في تنفيذ ضرباتٍ مباشرة على مواقع الجيش الفنزويلي أو استهداف القيادة العليا لمادورو، وربما استخدام قواتٍ خاصة لإلقاء القبض عليه، لكن هذا الخيار محفوف بالمخاطر؛ فالفنزويليون يمتلكون شبكة دفاع جوي متطورة، إضافة إلى ميليشيات مسلحة وميليشيات مدنية تتلقى تدريباتٍ مستمرة، ولذلك فإن أي تدخلٍ عسكري أمريكي مباشر قد يجرّ البلاد إلى فوضى مستمرة، على غرار السيناريو الليبي، مع احتمالية امتداد العنف إلى دول الجوار وتأجيج صراعات إضافية.

وبحسب مراقبين، فإن السيناريو الأكثر احتمالًا هو استمرار واشنطن في ممارسة الضغط الدبلوماسي على مادورو عبر التفاوض المباشر وغير المباشر، مع التركيز على مصالح استراتيجية أوسع تشمل الطاقة والأمن والهجرة، إلى جانب الديمقراطية، في هذا السياق، يمكن إعادة تفعيل خطة الانتقال الديمقراطي السابقة، والتي تقترح إصلاحاتٍ تدريجية وتقاسم السلطة بين المعارضة والحكومة مقابل تخفيف العقوبات، مع وضع مراحل محددة وآليات لقياس الالتزام. هذا النهج يحدُّ من المخاطر ويتيح فرصةً لتحقيق نتائج ملموسة دون الانزلاق إلى صراعٍ مسلح قد يدمر الدولة.