صحافة إسرائيلية

قراءة إسرائيلية متشائمة بعد عامين على "الطوفان": دفعنا ثمن الغطرسة والغرو

كاتب إسرائيلي: الغطرسة والعمى السياسي دمّرا الدولة كما دمّرت حرب أكتوبر الأولى - جيتي
في الذكرى السنوية الثانية لهجوم الطوفان، لا زال الإسرائيليون يستحضرون المقارنة التاريخية التي لا تغادرهم بين إخفاقي تشرين الأول/أكتوبر 2023 مع نظيره في 1973، فالمناظر نفسها، والصرخات ذاتها، ويدفعون ذات الثمن للإهمال بحياتهم من قبل الدولة والجيش، ورغم مرور خمسين عاما على الإخفاق الأول، ومرور السنوات، لكن العمى بقي كما هو، والرضا عن النفس حد الغرور، هو الذي دمرهم.

غيئول بانو الكاتب في صحيفة “يديعوت أحرونوت”، أكد أنه "بعد مرور عامين على أحداث السابع من تشرين الأول/أكتوبر٬ سقطت السماء على الإسرائيليين، وغطّت الأرض سحابة سوداء ثقيلة، وبدأ الفشل الذريع يُظهر بوادره، وعمت الفوضى والارتباك أرجاء الدولة، لأن هذه الأحداث نتيجة طبيعية للثقافة السياسية الفاسدة، والغطرسة، والرضا عن النفس، والعمى، حروب الجنرالات، التي أوجدت الفشل الذريع، وإطفاء الأنوار".

وأضاف في مقال ترجمته "عربي21" أن "أحداث تشرين الأول/أكتوبر 2023 أعادت على الاسرائيليين طرح سؤالهم المصيري الذي طرحوه للمرة الأولى في تشرين الأول/أكتوبر 1973: أين كان الجيش القوي حين كانت هناك حاجة إليه، ولماذا دفع الإسرائيليون ثمن الغطرسة التي أحاطت بالدولة، ونشأت بينهم أجواء الشك المروعة بشأن مستقبلها، بسبب انتقالها عقب ذلك الهجوم إلى وضع أسوأ، فيما السياسيون والجنرالات منفصلون عن الواقع، بل إنهم ثملين بنشوة فجورهم في طريقهم إلى الترويض الكامل للمجتمع بعد كل ما حصل".

وأشار أنه "بينما يلعق الإسرائيليون جراحات السابع من  تشرين الأول/أكتوبر٬ يواصل ساستهم وجنرالاتهم تآمرهم وانحرافهم، يمارسون مهنة أصحاب السلطة المستعدين لخوض حرب من نوع مختلف، حرب الانتخابات، التي تقف على الأبواب، وسببت لهم العمى الكامل تحت غطاء من الضباب غطى الدولة بأكملها، لأننا نعيش في دولة مجنونة خالية من القيم".

وأوضح أنه "كما كانت حرب  تشرين الأول/أكتوبر 1973 نتيجة التقييم الفاشل والخاطئ، جاءت حرب  تشرين الأول/أكتوبر 2023 نتيجة وعود فاشلة ومخزية بأننا بتنا نضمن الهدوء مع حماس على حدود قطاع غزة لمدة خمس سنوات على الأقل، نفس الأصوات على أجهزة الراديو، نفس التقارير المقلقة من نقاط المراقبة في غلاف غزة، نفس صرخات الاستغاثة والمساعدة، التي سقطت على آذان القادة الصمّاء، ولم تتم الإجابة عليها".

وأكد أن "التاريخ سيخلّد صرخات المستوطنين والجنود في السابع من  تشرين الأول/أكتوبر 2023، وهذه عينة من محتوياتها: "المسلحون قادمون نحونا، هل فهمتم؟"؛ "هيا يا مدفعية"؛ "انتظرت الطائرات، كم من الوقت تستغرق الطائرة للوصول؟"؛ "إنهم قادمون نحونا، قوة هائلة، بحاجة إلى قوة جوية"؛ "لقد قُتل سائق الدبابة على الفور"؛ "نحن وحدنا تمامًا".

تشير هذه القراءة الاسرائيلية المحبطة أن مرور الذكرى السنوية للطوفان فرصة لمزيد من بث مشاعر اليأس من مستقبل الدولة، في ضوء تصاعد انعدام الثقة بها، لاسيما بسبب طبقة السياسيين فيها، ومن جميع الأطياف، الذين يواصلون تنعّمهم بملذات الحكم رغم حالة التدهور المستمر التي تمر بها الدولة، مما يعني انطفاء حياة باقي الإسرائيليين الذين يحيون هذه الأيام عامين على اندلاع حرب لم تنتهِ بعد.