في الوقت الذي ألقى فيه رئيس حكومة
الاحتلال بنيامين نتنياهو خطابه من على منصة الأمم المتحدة، أمام قاعة فارغة من قادة العالم وممثلي الدول الذين غادروها فور اعتلائه المنصة، فقد ترددت أصداء هذه العزلة النكراء في دولة الاحتلال، ورأى فيها خصومه ومؤيدوه مناسبة لمهاجمته، واتهامه بالتسبب بهذا المشهد المهين للدولة التي لم تواجه مثل هذه الانتكاسة السياسية والدبلوماسية منذ عقود طويلة.
القناة 12 أجرت استطلاعا بين عدد من محلليها للشئون السياسية والحزبية والدبلوماسية، للخروج بتقييماتهم حول ما حصل من "إهانة" مدوّية ليس لنتنياهو فحسب، بل للدولة برمّتها، فجاءت تعليقاتهم التي ترجمتها "عربي21" على النحو التالي.
مراسل الشئون الحزبية يارون أفراهام، ذكر أن "الصور التي طافت العالم لعدد لا بأس به من ممثلي الدول يغادرون القاعة بأعداد كبيرة بمجرد اعتلاء نتنياهو المنصة تُعطي صورة سيئة لدولة الاحتلال، إنها صورة تُجسّد وضعنا السياسي هذه الأيام، والغريب أن الخطاب لم يذكر مسائل مهمة تتعلق بالحرب في
غزة، أو موجة الاعتراف العالمي بالدولة الفلسطينية، بل وجه رسائل فيه الى سوريا ولبنان، لكن الخطاب احتوى على فجوة كبيرة بين كيفية رؤيته من قبل العالم، وتلقيه من قبل الإسرائيليين أنفسهم".
وأضاف أن "المشكلة الكبرى في الخطاب أنه بينما ننظر إليه، ونحلّله في السياق الإسرائيلي، ينظر العالم إلى قائله، ويراه منفصلًا عن الواقع، لأنهم يرون أنه بعد عامين من هجوم حماس في السابع من أكتوبر، فمال زال نفس الاضطهاد الموجه للفلسطينيين مستمرا، العالم لا يفهم كيف أنه حتى بعد عامين من الحرب، لا يزال الاسرائيليون غير قادرين على إنهاء هذا الوضع، خاصةً مع وجود مقترحات لإنهاء الحرب".
دانا فايس المراسلة السياسية أشات أننا "نعلم أن نتنياهو يجيد التحدث باللغة الإنجليزية، ونعلم أيضًا أن لديه مخزونًا لا ينضب من الحيل، لكن في النهاية، جاء للأمم المتحدة ليحاول شرح سبب الاستمرار في الحرب، بينما حتى أعظم أصدقائنا، مثل جورجيا مالوني في إيطاليا، وقفوا على ذات المنصة في اليوم السابق له، وقالوا "كفى حربًا"، والعالم لا يفهم ما نفعله، وأن استمرار الحرب يضرّنا، لقد فشل نتنياهو في خطابه".
وأضافت أن "قادة العالم في النهاية يريدون أن يفهموا إلى متى ستستمر الحرب، يقول نتنياهو حتى نهزم حماس، لكنه لم يذكر ما يجب أن يحدث، وكيف سيحدث، لم يذكر كيفية إنهاء الحرب، يفترض نفس الأشياء التي قالها العام الماضي، أنه بمجرد هزيمة الحركة، سيكون ممكناً توسيع اتفاقيات التطبيع، رغم أنه على مدار ثلاثة أيام في الأمم المتحدة تحدث جميع قادة العالم عن الدولة الفلسطينية والتطبيع، وقالوا إن الباب مفتوح، بمن فيهم القادة العرب، بشرط واحد فقط ألا تنسوا الفلسطينيين، لذلك، فإنهم هم القصة الكبرى".
ديفنا ليئيل الكاتبة في القناة أوضحت أن "الخطاب من منظور محلي يتوافق مع ناخبي حزب الليكود، ولاقى صدى جيدًا في آذانهم، فنتنياهو يدرك أنه في بداية عام انتخابي، وقد يحدث أسرع من المتوقع، حيث يعود الكنيست من العطلة بعد شهر، لكن مشكلة نتنياهو الرئيسية، رغم كونه خطيبًا فصيحًا، ولغته الإنجليزية ممتازة، هي وجود فجوة كبيرة بين تصريحاته، وما يحدث بالفعل، ومن ذلك مثلا أن إنهاء الحرب وإيجاد حل لمشكلة غزة ليسا مسألة عالمية فحسب، بل هما في المقام الأول مسألة تخص الإسرائيليين، الجنود والرهائن".
ياكي ديان مراسل القناة أكد أن "الخطاب في الجمعية العامة هو دعاية بحتة، وهذا ما فعله نتنياهو، في النهاية، خاطب الجمهور الإسرائيلي، والجمهور الأمريكي، وترامب تحديدًا، كما قدّم إجابة للأوروبيين. لم يشر إلى إنهاء الحرب مقابل إطلاق سراح الرهائن، ولذلك من الضروري التمييز بين خطابه، وما سيحدث في البيت الأبيض في اجتماع نتنياهو مع ترامب، الذي سيتعين عليه من خلال مساعدته في وقف التسونامي السياسي على دولة الاحتلال، قول شيء ما ليُظهر للعالم أن نهاية الحرب تقترب".
باراك رافيد محرر الشئون السياسية أكد أن "أهم ما وجدته في خطاب نتنياهو في الأمم المتحدة هو عدم استعداده للمضي قدمًا في خطة ترامب لإنهاء الحرب، لم نسمع كلمة واحدة عن ذلك، وهذا هو الأهم حقًا تحديدًا ما لم يقله".
عاراد نير مراسل الشئون الدولية أوضح أن "خطاب نتنياهو في الأمم المتحدة كان خطابا حول استمرار الحرب دون أمل، ومع الكثير من الحيل، لن يثير هذا اهتمام أحد، وبالتأكيد ليس الجمهور في أوروبا، كما تضمّن الخطاب رسائل غزيرة لترامب كي يمنحه المزيد من الوقت، ورغم ذلك فيمكن له التحدث للأمم المتحدة بقدر ما يشاء، أو عبر مقاطع فيديو لمساعديه، ولكن بمجرد أن يقول ترامب: كفى للحرب، فسيتعين على نتنياهو التوقف".