توصل علماء فلك إلى خريطة ثلاثية الأبعاد تكشف أسرار
ولادة النجوم القريبة من
الشمس، حيث تم إنشاء أكثر الخرائط ثلاثية الأبعاد تقدما للمنطقة المحيطة بها، على مسافة تصل إلى نحو 4000 سنة ضوئية، ولا تظهر هذه الخريطة النجوم فحسب، بل أيضا السحب الرقيقة من
الغبار النجمي والغاز حيث تتشكل النجوم الجديدة بنشاط.
وقال عالم الفيزياء الفلكية لويس ماك كالوم من الجامعة التقنية في " آخن" الألمانية: "أصبح بإمكاننا الآن رؤية المدى الحقيقي لانتشار الطاقة المنبعثة من النجوم، والمناطق الفضائية التي تنقل هذه الطاقة عبر الغاز، ويشبه الأمر السباحة في بحر هائج من الغاز المضطرب، وفهم موقع الغاز وحركته ودرجة حرارته أمر بالغ الأهمية لدراسة ولادة النجوم ونموها".
وأضاف كالوم: "أن هذا الإشعاع قوي لدرجة أنه يطرد الإلكترونات من الذرات، وعندما تعود الإلكترونات إلى مكانها، ينبعث توهج مميز ساعدت النماذج الحاسوبية في تتبعه وتمثيله على خريطة الهيدروجين"، منوها بأن الخريطة الجديدة تتميز بأنها تجمع بين التفاصيل الدقيقة والحجم الشامل، حيث تظهر الشمس، وأحد الأذرع الحلزونية الخارجية لمجرة درب التبانة، والمركز الذي تحدث فيه " الظواهر النجمية".
وتكمن أهمية هذه الخريطة الحديثة ثلاثية الأبعاد أنها تبين كافة الاتجاهات التي تؤثر فيها حركة الغاز على النجوم فائقة الحرارة، في المقابل، كانت الخرائط القديمة تقدم فكرة تقريبية فقط، أما الآن فيمكن لعلماء الفلك رؤية انتشار الطاقة المنبعثة من النجوم بدقة لم يسبق لها مثيل، وتساعد في فهم توزيع وحركة الغاز بين النجوم في الإجابة عن أسئلة مهمة حول نهاية حياة النجوم، ودورات حياتها، وتشكل السحب الغازية العملاقة، وحتى دراسة التاريخ المبكر لنظامنا الشمسي.
ووفقا لخبراء الفلك قد اعتمد العمل على بيانات القمر الصناعي " غايا "، مع أخذ تأثير 87 نجما ضخما من الفئة O في الاعتبار، فهذه النجوم العملاقة، رغم عمرها القصير، تصدر إشعاعا قويا يضيء السحب الغازية المجاورة ويجعلها تتوهج.
وفي وقت سابق، التقط مرصد هابل الفضائي صورة جديدة للمجرة الحلزونية "مسييه 96″، التي تبعد عنا نحو 35 مليون سنة ضوئية في كوكبة الأسد، وهو ما عد مشهد سماوي مدهش، لكن هذه المجرة لا تبدو كغيرها من المجرات الحلزونية المنتظمة، والتي يمكن أن نراها بوضوح في صور هابل أو حتى تلسكوبات الهواة الصغيرة، بل تحمل علامات تشوّه وعدم تماثل، نتيجة شد وجذب جاذبي من جيرانها الكونيين.
وتكشف الصورة عن حلقات وردية لامعة من الغاز المتوهج، وهي المناطق التي تنبض بالحياة الكونية حيث تتكوّن نجوم جديدة، داخل هذه السحب الكثيفة من الغاز والغبار، ولا تزال ملفوفة ببطانتها الأولى، بحسب بيان صحفي رسمي من المرصد، والضوء فوق البنفسجي، الذي رصده هابل إلى جانب الضوء المرئي، يكشف هذه المناطق بوضوح، مانحا العلماء نافذة مباشرة على أسرار ميلاد النجوم.
الغرابة في مسييه 96 لا تعود فقط إلى شكلها غير المنتظم، بل إلى القوى الخفية التي تعيد تشكيلها، فالمجرات القريبة منها تؤثر بجاذبيتها، فتسحب الغاز وتعيد توزيعه، هذه الديناميكية تجعل المجرة بمثابة مختبر طبيعي لفهم العلاقة بين شكل المجرة ووتيرة ولادة النجوم فيها.