يسيطر إحباط
غير مسبوق على الساحة السياسية والدبلوماسية الاسرائيلي عقب انتهاء المؤتمر
الفرنسي السعودي باعتراف تسع دول جديدة بالدولة الفلسطينية، وسط فشل في عرض الرواية الإسرائيلية.
إيتمار
آيخنر المراسل السياسي ل
صحيفة يديعوت أحرونوت، ذكر أنه "في ختام المؤتمر
الفرنسي السعودي في الأمم المتحدة، يبدو أن إسرائيل مُنيت بهزيمة نكراء،
فبعد أن اعتُبرت ضحيةً عقب هجوم حماس في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر، تجد
نفسها الآن مُجبرةً على الانخراط في مناطق إشكالية مع 153 دولة تعترف باستقلال
الشعب الفلسطيني، وحقه في دولته، وبالتالي فقد ذهبت العقود التي نجحت فيها في منع
هذا النوع من الاعتراف أدراج الرياح، مع نشوء واقع سياسي جديد".
دولة
الاحتلال في حالة سياسية متدنية
وأضاف
في تقرير مطول ترجمته "
عربي21" أن
"ما شهدته الجمعية العامة للأمم المتحدة من فعاليات وأحداث أثبت أن إسرائيل في حالة سياسية متدنية، فإذا كانت دول عدم الانحياز والدول العربية
اعترفت بدولة فلسطينية في الماضي، فإن دول العالم الحر من الديمقراطيات المستنيرة
والمهمة، أعلنت ذلك الآن: فرنسا، بريطانيا، كندا، أستراليا، إسبانيا، وعدد كبير من
دول الاتحاد الأوروبي، وهي ذات وزن قيمي خاص عالٍ، تُعرف في المصطلحات الدبلوماسية
بـ"الدول ذات العقلية العالية".
وأشار إلى أنه "هذه المرة، لم تكتفِ هذه الدول بالاعتراف بالدولة الفلسطينية، بل هي من
قادت هذه الخطوة في الأمم المتحدة، حتى أن التقديرات الاسرائيلية تشير أن من تبقى
من الديمقراطيات القليلة التي لم تعترف بعد بدولة فلسطينية، بما فيها فنلندا واليابان
وكوريا الجنوبية، ستفعل ذلك عاجلاً أم آجلاً، وفي قائمة إخفاقات السياسة الخارجية
الإسرائيلية، تحتل السعودية، التي كانت حتى وقت قريب أمل دولة الاحتلال وإدارة
ترامب الكبير لإعادة تشكيل الشرق الأوسط، مكانة مرموقة، وتتوحد مع دول الخليج بهدف
إبعاد الاحتلال عن المنطقة".
وأوضح
أن "إسرائيل التي كان يُفترض أن تكون جزءًا من الحل، أصبحت الآن جزءًا
من المشكلة في نظر دول الخليج، لاسيما في ضوء محاولة اغتيال كبار قادة حماس في
العاصمة القطرية، وبالنسبة للسعودية، يُعدّ عقد المؤتمر خطوةً ذكيةً من كلا
الجانبين، فقد تولّت فرنسا زمام المبادرة في هذه القضية في أوروبا، بينما استحوذت
السعودية على زمام المبادرة من الدول العربية المعتدلة، مما يُعزز المكانة الدولية
لهما".
كرة
الثلج بدأت تتدحرج
وأضاف
أنه "بعد موجة الاعتراف بالدولة الفلسطينية، لا يرغب العالم برؤية
"أعمالٍ انتقامية" من إسرائيل ، مثل ضمّ أجزاء من الضفة الغربية، وسيُفسّر
مثل هذا الإجراء في هذا الوقت على أنه تحدٍّ، ومن المُرجّح أن يُسفر ليس فقط عن
موجة إدانات، بل حتى عن خطواتٍ عمليةٍ مثل قطع العلاقات أو اتخاذ قراراتٍ في مجلس
الأمن الدولي، ومن الواضح للجميع أن كرة الثلج التي بدأت تتدحرج في نيويورك ستزداد
قوة".
واستدرك
بالقول إن "إدارة ترامب دعمت إسرائيل حتى الآن، وعارضت عملية الاعتراف،
ومن المرجح ألا يتغير هذا الوضع، لكن في الوقت نفسه، يجدر التأكيد على أنها لا
تستطيع وضع "كل الأوراق" على عاتقه، فقد يتغير دعمه الثابت في لمح البصر
بسبب شخصيته، أو مفاجآته، أو بسبب المصالح الاقتصادية أو غيرها التي يُولي اهتمامًا
أكبر لها، لأنه في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك الولايات المتحدة، وحتى عودة
ترامب للبيت الأبيض، أعرب الكل لسنوات عديدة عن دعمهم القاطع لـ"حل
الدولتين".
تعمّق
عزلة دولة الاحتلال
وأكد
أنه "بعد هجوم حماس، تضاءل الاستعداد الدولي للتعبير عن
دعمه لهذه الرؤية، لكن استمرار حرب الإبادة في غزة أعاد هذه القضية للأجندة
العالمية، صحيح أنه من الناحية العملية، لا يحمل انضمام تسع دول جديدة إلى 144
دولة اعترفت بدولة فلسطينية أي دلالة عملية، لكن انخراط عدة دول غربية قوية، وعلى
رأسها فرنسا وبريطانيا، يُعمّق عزلة إسرائيل في الساحة السياسية الدولية".
وأضاف
أن "التحدي الأكبر الآن أمام إسرائيل يتمثل في إنهاء الحرب في غزة بسرعة،
بدعم أمريكي، مما يُسهّل عليه على الأرجح تخفيف الجوانب العملية لهذه العزلة، التي
قد تشمل تفاقم المقاطعة الاقتصادية، والمظاهرات حول العالم، واضطهاد الإسرائيليين
في الخارج، ومظاهر معاداة السامية تجاه يهود الشتات، والاستبعاد من الفعاليات
الرياضية والثقافية، وغيرها، وسيُكرّس اجتماع ترامب ونتنياهو بعد أيام بشكل كبير
لصياغة سياسة مشتركة بشأن هذه القضية".