رغم الإعلانات الاسرائيلية المتكررة عن اغتيال الناطق العسكري باسم كتائب القسام، أبو عبيدة، لكن القناعة السائدة أن ذلك لن يفيد الاحتلال في ساحة الوعي، والمعركة على الرواية، مما يدل على عدم تعلمه شيئا في حرب الدعاية خلال 700 يوم من الحرب.
معركة الوعي
ليلاخ ساغان محررة الشئون الإعلامية ب
صحيفة معاريف العبرية ، ذكرت أن "هذا هو السبب في أنه لا يزال من المستحيل القول إننا انتصرنا، حتى بعد 700 يومٍ مُرهِقٍ ونجاحاتٍ عسكريةٍ عديدة، بما في ذلك الانتصار على حزب الله وإيران، لكن الوقت حان للاعتراف بأن ضعف التقدم في غزة نابعٌ من كوننا ننتصر عسكريًا، ونُهزم معنويًا".
وأضافت في مقال ترجمته
"عربي21" أنه "خلال الحرب، وُضِعَت أعذارٌ إسرائيلية لا تُحصى، في البداية، حاولوا إخبارنا بأن "الدعاية ليست مهمة"، أو "مهما فعلنا، سيُنظر إلينا كجالوت ضد داود"، أو أن "الجميع معادون للسامية"، وغيرها من الكليشيهات المُناسبةً لأحاديثٍ في الصالونات، لكنها عديمة الفائدة في الحياة الواقعية".
وأشارت إلى أن "معظمنا يدرك أن الدعاية وحرب الأفكار، لا تقل أهمية عن الحرب العسكرية على الأرض، وحتى بعد اغتيال المتحدث باسم حماس، أبو عبيدة، وفي اليوم التالي، فُهمت علاقته بهزيمتنا من حيث الأفكار، من خلال كشف جهاز المخابرات الإسرائيلي أنه كان مسؤولاً عن لواء ضخم لحماس يُعنى فقط بالأفكار، ويضم 1500 عنصرا، مع أنه للمقارنة، يخدم نصف هذا العدد فقط في مكتب المتحدث باسم الجيش، وأقسام التأثير فيه".
وأوضحت أنه "تم تجهيز العاملين في جهاز دعاية حماس بمعدات تصوير ومونتاج، ووُضع محررو فيديو، ومستمعون في كل كتيبة لدراسة الخطاب الإسرائيلي، لا يوجد عمل لحماس لا يتم تنسيقه مع تشكيل الأفكار، وهذا يشمل من ينتجون مقاطع الرهائن، والفرق بين جهازي إعلام حماس و"إسرائيل" أنه خلال 700 يوم من القتال، نجاح الأول لمدة مئة يوم، بينما انهار الثاني، ولم يعد موجودًا، مع أنه كان ينبغي علينا استيعاب هذه الفكرة منذ زمن بعيد".
إعلام حماس
وأضافت أن "مقاتلي حماس وثقوا هجوم الطوفان في السابع من أكتوبر بكاميرات GoPro وبث مباشر على فيسبوك؛ وبـ"صحفيين" رافقوهم، وصوّروا العمليات، وباعوا الصور لوسائل إعلامية رائدة عالميًا، بل وفازوا بجوائز عنها؛ ثم تابعنا بفيديوهات الرهائن التي نُشرت دائمًا في لحظات حرجة من المفاوضات؛ وشهدنا حملات إعلامية عالمية متطورة تزامنت بشكل ملحوظ مع التحركات السياسية الفلسطينية".
وأشارت أن "ما يصفها الفلسطينيون بحملة الإبادة الجماعية تزامنت مع التحركات القانونية في لاهاي؛ وكذلك ظهرت حملة التجويع مع سياسة سموتريتش في وقف المساعدات الإنسانية عن غزة؛ والآن، تتزامن حملة قتل "الصحفيين" في غزة مع اعتراف الأمم المتحدة بدولة فلسطينية، فهل يتذكر أحد حملة التوعية التي أطلقها الاحتلال لدعم تحركاته السياسية أو العسكرية، لا أحد".
وأوضحت أن "وسائل الإعلام تعمل وفق المحفزات، أي ربط المحتوى ذي الصلة بالأحداث الجارية، وكان من الممكن أن تحظى فيديوهات توثيق هجوم الطوفان بتغطية إعلامية أوسع بكثير في الخارج، لو نُشرت كجزء من خطة إعلامية واسعة ومتنوعة، قبل ذكراه السنوية الثانية، حيث تسعى جميع وسائل الإعلام لمحتوى ذي صلة، لكن يبدو أن الاسرائيليين ما زالوا ينجرّون لردود الفعل، بدلًا من أن يكونوا المبادرين، وفي النهاية، تصدّرت هذه الفيديوهات عناوين الصحف الإسرائيلية أكثر بكثير من الخارج، رغم أنها هدفت للدعاية الخارجية".
قتل الصحفيين
وأكدت أن هذا شهد حشد نظمتاه منظمتا "أواز ومراسلون بلا حدود"، من وسائل الإعلام الغربية للضغط على الاحتلال لوقف "قتل الصحفيين في غزة"، ووافقت 150 وسيلة إعلامية على المشاركة في هذه الدعاية، معظمها هامشي، لكن من بينها "إندبندنت" البريطانية، وإذاعة NPR الأمريكية العامة، والجزيرة بالطبع، وهذه الحملة مبادرة إعلامية فلسطينية، وشاركت فيها بالفعل العديد من وسائل الإعلام العالمية الكبرى، إذ نشرت عددًا لا يحصى من التقارير حول "قتل الصحفيين" المتعمد، وهي ببساطة جزء من خطة للاعتراف بدولة فلسطينية في الجمعية العامة للأمم المتحدة، ويصاحبها أساطيل إضافية متجهة لغزة".
وتساءلت "كيف فشل الاسرائيليون لمدة عامين في إيصال رسالة بسيطة للعالم مفادها أنه لا توجد صحافة حرة في غزة، ربما لأنهم لم يحاولون فعل ذلك، بل استجابوا باستمرار لردود فعل على مبادرات أبو عبيدة، بدلاً من إطلاق مبادرة إعلامية جادة خاصة بهم، ليس لأن حكومتهم لا تعرف مفهوم سرد قصة مؤثرة للجمهور، والحفاظ عليها باستمرار لخلق رواية معينة، لكنها تفعل ذلك دائمًا داخليًا، وضد خصومها السياسيين، واعتمدت استراتيجية إعلامية تروي قصة بطولية تستغل النجاحات العسكرية، وتُلقي باللوم في الإخفاقات على كل من "يعرقل" تنفيذ سياساتها".
الوعي الدولي يهزم إسرائيل
يدرك الاسرائيليون أنه حان وقت الاستيقاظ، لأن تجاوز 700 يوم من أطول حرب في تاريخهم، فقد بات من المناسب أن يفهموا أين أخطأوا، وأين تعثروا، لأن السلوك الإعلامي الخاطئ للحكومة يُسهم في الترويج للاعتراف بدولة فلسطينية، التي تؤكد صباح مساء أنها تُناضل ظاهريًا ضد إقامة مثل هذه الدولة، لكنها فقط من خلال تصريحاتها للجمهور الاسرائيلي، بدلا من توجيه هذه الطاقة للخارج، والنتيجة أنها تُهزم في ساحة الوعي الدولية.