سياسة عربية

ما دلالات إدراج واشنطن 4 فصائل عراقية على لائحة الإرهاب؟

واشنطن تتهم المليشيات الموالية لإيران بشن هجمات على السفارة الأمريكية في بغداد وقواعد تستضيف قوات الولايات المتحدة- الأناضول
ما زال قرار الولايات المتحدة الأمريكية وضع 4 فصائل مسلحة عراقية على قائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية، يثير الجدل في الأوساط السياسية في العراق، وسط تحذيرات من تداعيات التصنيف الحالي كونه يختلف عن التصنيفات التي فرضتها واشنطن في السابق.

وأعلنت وزارة الخارجية الأمريكية خلال بيان نشرته على موقعها الإلكتروني، الثلاثاء، أنها أدرجت "المليشيات الموالية لإيران، وهي حركة النجباء، وكتائب سيد الشهداء، وحركة أنصار الله الأوفياء، وكتائب الإمام علي، على قائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية".

وذكّرت الخارجية، أنها قد صنّفت سابقا هذه الجماعات الأربع جميعها على قائمة الإرهابيين العالميين المصنفين بشكل خاص، مشيرة إلى أن "المليشيات الموالية لإيران قد شنت هجمات على السفارة الأمريكية في بغداد وقواعد تستضيف قوات الولايات المتحدة".

"رفع الغطاء"
تعليقا على هذا التصنيف، قال مخلد حازم الخبير الأمني والعسكري، إن "هناك فصائل كانت مصنفة على لائحة الخزانة الأمريكية، لكن التصنيف الحالي أصبح على لائحة وزارة الخارجية، وهذا يعني أن الأمر تحول إلى ملف سياسي بامتياز".

وأضاف حازم لـ"عربي21" أن "التصنيف الحالي سيجعل من الاستخبارات المركزية الأمريكية تدخل على الخط، وأنه في كثير من الأحيان جرى استهداف قيادات جماعات في المنطقة وليس فقط في العراق، كانوا مدرجين على لائحة الإرهاب لوزارة الخارجية".

وأوضح الخبير أن "التصنيف الجديد يذكر ارتباط هذه الجماعات مع إيران واستهدافهم في وقت من الأوقات المصالح الأمريكية في العراق، الأمر الذي يدخل الجهات المصنفة في مرحلة الخطر، لأنهم أصبحوا ضمن بنك أهداف متوقع استهدافها في أي لحظة، وهذا ما أثار حفيظة الفصائل".

وبيّن حازم أن "التصنيف الجديد رفع الغطاء عن هذه الجماعات، وذلك من خلال ما ورد فيه من أنهم استهدفوا سابقا السفارة والتواجد الأمريكي في العراق، بالتالي أوجدت واشنطن الشرعية للاستهداف، وأن عملية وضعهم على لائحة الإرهاب الدولي سببه ارتباطهم بإيران".

وفيما إذا كان الهدف من التصنيف الحالي، هو تحجم هذه الفصائل سياسيا على اعتبار أن أغلبهم يمتلك تمثيلا في البرلمان والحكومة، رأى حازم أنه "في كثير من الأحيان فصلت هذه الجماعات العمل المسلح عن السياسي، ودخلوا بتسميات حزبية، وأنهم رشحوا للانتخابات ضمن هذه العناوين".

وأشار إلى أن "واشنطن ذهبت باتجاه الضغط السياسي عندما وضعتهم على لائحة وزارة الخارجية، لذلك فإنه من المحتمل أن تواجه هذه الجماعات الحظر في المستقبل على اعتبار أنهم لا يمثلون الواقع السياسي الذي صنعته الولايات المتحدة للعراق بعد عام 2003".

وأكد الخبير: "الجميع يرى أنه ثمة متغير قادم قد يغير المعادلة السياسية في العراق، لكن لا أحد يعرف متى ستنطلق الشرارة، لأنه لا يمكن استمرار العمل في هكذا منظومة سياسية، لذلك قد يكون المتغير قريبا، لأن وجود هذه الجماعات لا ينسجم مع الإرادة الدولية".

وكان القائم بالأعمال الأمريكي في بغداد، جوشوا هاريس قد نقل إلى زعيم "ائتلاف دولة القانون" نوري المالكي، تحذيرا من احتمال تنفيذ "إسرائيل" ضربة عسكرية في العراق تستهدف مكاتب مرتبطة بفصائل مسلحة وحركات إقليمية، حسبما ذكرت صحيفة "العالم الجديد" العراقية.

معايير مختلفة
وفي المقابل، قال المحلل السياسي العراقي، علي البيدر، إن "المعايير الأمريكية تختلف عن الرؤية العراقية في تلك التصنيفات، لذلك فإن ما تراه المؤسسات في العراق عن هذه الجماعات أمر طبيعي، بينما الولايات المتحدة تراها مقلقة بالنسبة لها".

وأضاف البيدر لـ"عربي21" أن "الولايات المتحدة ترى أن سلاح الجماعات المسلحة يشكل خطرا عليها، لأنه قد يصوب على السفارة والمصالح الأمريكية، وأنها ترى أيضا أن هذه الجهات لديها ارتباطات خارجية ومن الممكن أن يشاركوا في أنشطة عسكرية دولية".

وتابع: "وفق ما تراه الولايات المتحدة، فإن هذه الجماعات لن تخرج من هكذا تصنيف ما لم تذهب عنها كل هذه المؤشرات التي شملتها المعايير الخاصة بها. لكن من الصعب حصول ذلك في هذا التوقيت والبيئة الحالية بحسب رؤية هذه الفصائل".

وأردف البيدر، قائلا: "هذه الجماعات ترى أنها تستقوي بسلاحها كونه يمثل مصدر وجود لها، فهي لديها جمهور ثوري وحماسي ودعم إقليمي وعقيدة ومنهج، وكل ذلك يجعلها لا تتخلى عن السلاح مهما حصل".

ولفت إلى أن "أدوات مواجهة ومعالجة خطر هذا السلاح أصبحت تأتي من خارج الحدود، وهذا تراه الجماعات المسلحة دافعا لخلق تعاطف مجتمعي وصناعة رأي عام لصالحها، فضلا عن أنها تنتظر من الدولة أن تقف إلى جانبها وليس مع الجهات التي تستهدفها في حال حصل أي استهداف خارجي".

وبحسب البيدر، فإن "وجود السلاح يتقاطع من المنطق، لأنه إما أن تبني دولة أو تدعم الجماعات المسلحة، لذلك فإنه مع اقتراب موعد الانتخابات وفي ظل التقاطعات الدولية قد تذهب تلك الجماعات ضحية تعزيز وجود في السلطة أو قد يدفعون كبش فداء لأي تسوية إقليمية".

وأكد البيدر أن "هذه الجماعات تدرك أن تلك العقوبات قد تعزز قناعة الجمهور بها، وتمنحها حضورا جديدا في الواقع السياسي يمثل أهمية كبيرة ومؤثرة في المشهد، خصوصا أن كل من طالته العقوبات سواء كيانات شخصيات نجدهم أصبحوا في مستوى سياسي أعلى، ولا نعرف ما السر في ذلك".

وتوقع البيدر أن "إدراج الولايات المتحدة، هذه الجماعات في لائحة الإرهاب قد يعزز من حضور الأخيرة سياسيا واجتماعيا، وربما يطلبون مزيدا من الحماية على أساس أنهم أكثر عرضة للاستهداف".
وخلص إلى أن "الولايات المتحدة يبدو أنها اكتفت بمعاقبة هذه الجماعات ووضعها على لوائح الإرهاب، خصوصا أن هذه الجهات لا تتطلع للحصول على رئاسة الوزراء في الوقت الحالي، لكنها تستفيد من السلطة والنظام السياسي وحالة عدم الاستقرار".

ولم يستبعد البيدر أن "تكون العقوبات مكسبا لهذه المجاميع في ظل المرحلة الحالية، خصوصا إذا لم تذهب واشنطن إلى المواجهة المسلحة واستهداف الأشخاص ومنع سفرهم، واجبار السلطات العراقية على اتخاذ تدابير معينة ضدهم واعتقالهم كما حصل مع بعض الجماعات التي كانت تقاوم الأمريكان في عام 2004 و2005".

وكانت قائمة "المنظمات الإرهابية الأجنبية" الأمريكية، المعروفة اختصارا بـ"FTO"، تضم فصيلين عراقيين، "عصائب أهل الحق"، و"كتائب حزب الله"، ليصبح حاليا العدد 6 فصائل عراقية، في لائحة تضم 60 "منظمة إرهابية"، من بينها أيضا تنظيمي الدولة والقاعدة.