توقف الإسرائيليون مطولا عند استخدام الرئيس المصري عبد الفتاح
السيسي خلال قمة الدوحة لكلمة "العدو"، لوصف دولة الاحتلال، ورغم أن اختيار الكلمة لا يُعبّر بالضرورة عن تهديد، بل عن قلق، لكن التحذير السائد في "تل أبيب" والقاهرة أن استمرار حرب الإبادة في غزة من شأنه أن يفاقم تدهور العلاقات بينهما.
جاكي خوجي محرر الشئون العربية في الإذاعة الإسرائيلية، ذكر أنه "لأول مرة في خطاباته، وصف السيسي إسرائيل بالعدو، ومع أنه فعل ذلك على هامش خطابه، إلا أنه في الفقرة قبل الأخيرة، وبطريقة عابرة نوعًا ما، كان يعني ما قاله، فلم يكن ذلك اندفاعًا، أو كلمة أُضيفت للخطاب في اللحظة الأخيرة، بل كان مدروسًا بعناية، وكان الهدف منه توجيه رسالة جادة إلى تل أبيب".
اظهار أخبار متعلقة
وأضاف في مقال نشرته
صحيفة معاريف، وترجمته "
عربي21" أن "السيسي طالب الحكومات العربية والإسلامية، التي استمع ممثلوها في القاعة لخطابه بالعشرات، بالاتحاد معًا في تحالف السلام، وبالتالي تُرشد دولة الاحتلال للطريق الصحيح، على حد وصفه، مع أنه من دعاة السلام معها، وأقام في الماضي صداقة وطيدة مع بنيامين نتنياهو، ومعجب بأنور السادات، الذي أبرم الاتفاقية مع مناحيم بيغن، ولو كان الأمر بيده، لما استخدم هذه الكلمة الجسيمة، لكنه رأى أنه من الأفضل التلويح بالبطاقة الصفراء الآن قبل فوات الأوان".
وأشار إلى أن "السيسي أراد أن يُخبر إسرائيل أن الحرب التي تشنها على غزة كانت مشكلةً لهم منذ البداية، وكان بإمكان مصر أن تتسامح معها لو استمرت بضعة أشهر، ولكن ما إن أصبحت واقعًا دائمًا حتى هددت أمنها القومي، والآن، كما يقولون في القاهرة، وصلت كرة الثلج إلى مرحلتها الثالثة، وهي الأكثر خطورة، وهذه المرحلة تعني أن اتفاقية السلام في خطر، وربما لولا هجوم الاحتلال على قطر، لما أُطلقت هذه الكلمات، حيث فعل الهجوم بالدول العربية ما لم تفعله بها سنتان من العدوان على غزة".
وأكد أنه "طالما استمر الاحتلال في قتل الفلسطينيين، فقد عرفت هذه الحكومات كيف تستوعب الواقع، وتساعد الغزيين قدر استطاعتها، لكن بمجرد أن أرسل صواريخ دقيقة إلى الدوحة، فهذه تعني إشارة إسرائيلية أن هذه الدول هي الأخرى في دائرة النار، ومن يعلم فربما حين يكتشف الجيش خلية فلسطينية في إربد بالأردن، سيرسل طائراته للقضاء عليها هناك، وإذا اكتشف خلية في الإسكندرية بمصر، فسيفعل الشيء نفسه".
وأوضح أن "مقربي نتنياهو سيزعمون أن قطر حالة خاصة، فهي دولة معقدة، ولا نية لفعل ما فعله بمصر أو الأردن أو السعودية أو تركيا أو غيرها من الدول، لكن القادة العرب ليسوا متأكدين من هذا إطلاقًا، فهم يتابعوننا منذ فترة طويلة، ويعتقدون أنه رغم أن نتنياهو هو صانع القرار، لكن سياسته الأمنية تتشكل وفقًا لنهج بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير".
وأضاف أن "مصر حددت لنفسها ثلاثة أوضاع خطيرة، وإذا حدث أي منها، فسيُعتبر تجاوزًا للخط الأحمر بالنسبة لها، أولاها توغل قوة من إسرائيل في أراضيها، لأي سبب كان، وثانيها هجرة لاجئي غزة إلى سيناء، وثالثها هجوم إسرائيلي على أراضيها، ويعتقد السيسي وأنصاره أن إسرائيل لا تنوي وقف الحرب، وبالتالي فإن هذه السيناريوهات ليست بلا أساس، ويجري الإعداد لها".
وأشار إلى أن "المرحلة الأولى من هذا الإعداد هي الوقاية، من خلال ما جاء في خطابه في القمة الطارئة بالدوحة، ولكن قبل دقائق من وصف إسرائيل بالعدو، أوقف السيسي سيل خطابه، وسعى للتحذير من خطر يهدد اتفاقية السلام، بدت لهجته ناعمة، لكن رسالته حازمة، وقال إن استمرار
حرب غزة يُضعف السلام، ويهدد أمن جميع شعوب المنطقة، ويُعيق إبرام اتفاقيات سلام جديدة، مُلمّحًا بذلك لتردد الدول العربية الأخرى في تحسين علاقاتها مع إسرائيل".
اظهار أخبار متعلقة
واستدرك بالقول إن "السيسي استهل حديثه بالقول إنه يُخاطب "الشعب الإسرائيلي"، لماذا الشعب، وليس الحكومة؟ لأنهم في أمسّ الحاجة إليه، ولكي لا نُفاجأ إن حدث شيء، فقد اكتفت القاهرة بخطابٍ مدته اثنتي عشرة دقيقة، ولم تُبلغ هذه الرسائل للاحتلال عبر قنواتٍ مباشرة، وافترضت أنه يعرف كيف يُفسّر رسائل رئيسها، وحتى لو أرادوا، فلا أحد سيُبلغ الرسالة بالوسائل التقليدية".
يمكن الخروج باستنتاج مفاده أن خطوط الاتصال بين القاهرة و"تل أبيب" مُتصدّعة منذ زمن، فلم تُعيّن الأولى سفيرًا لها منذ أن غادر آخرهم مكتبه لدى الثانية، كما ترفض قبول سفير "إسرائيل"لديها، فضلا عن انقطاع الاتصال بين مكتبي السيسي ونتنياهو، وفقا لما تتحدث عنه تقارير، لأنه منذ بدء الحرب على غزة في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر، ساد انقطاعٌ مُحبط بينهما.