سياسة عربية

"إرهابي فلسطيني" ضمن تدريبات مصرية أمريكية عسكرية يثير جدلا (شاهد)

جاءت التدريبات تزامنا مع القصف الإسرائيلي على قطر - (صفحة القيادة المركزية الأمريكية)
نشرت صفحة "القيادة المركزية الأمريكية" باللغة العربية عبر "فيسبوك"، الثلاثاء الماضي، 4 صور من مناورة "النجم الساطع 25"، التي تُجريها مع الجيش المصري وجيوش 14 دولة أخرى في قاعدة "محمد نجيب" العسكرية شمال غرب مصر، فجرت جدلا وأثارت تكهنات حول ما يجري خلال تلك المناورات والهدف منها.

الصور، كشفت عن تدريبات عسكرية جرت في منطقة "تلة الكيف" في الصحراء الغربية بمحافظة مرسى مطروح قرب الحدود الليبية، يظهر خلالها أحد المتدربين متخفيا في ملابس تناسب الأرض الصحراوية وسط الأشواك الجافة، ويواجه مجموعة من العناصر المعتدية على "التلة" التي فجرت وأحرقت مبانيها.

المشهد الثاني، يبدو فيه مجموعة أفراد مسلحين يرتدون زيا أسودا ويرفعون رايات سوداء فوقها سيفين متقاطعين وجمجمة بشرية، ويرتادون سيارات ماركة تويوتا اليابانية، في إشارة إلى كونهم عناصر "إرهابية".

المشهد الثالث، كان الأكثر جدلا، حيث بدا فيه فرد يقود دراجة، ويرتدي ملابس رياضية، وفوق رأسه كوفية فلسطينية، ويحمل على ظهره سلاحا آليا.

تلك اللقطة أغضبت متابعين، ودفعت مراقبين للتساؤل حول "أسباب تدريب الجيشين الأمريكي والمصري على مواجهة الفلسطينيين أو التعامل معهم كإرهابيين، أو اتهامهم بالقيام بعمليات تفجير وحرق واستهداف لقاعدة عسكرية مصرية".

وفي تعليقها على التدريب، أشارت "القيادة المركزية الأمريكية"، إلى أنهم "عناصر إرهابية"، قائلة: "تتيح هذه المبادرة للجنود أن ينغمسوا في سيناريوهات قتالية واقعية من خلال افتراض أدوار عدائية".

وأضافت: "مثل هذا التدريب لا يعزز قدراتنا الدفاعية فحسب، بل يعزز أيضا التحرك ضد الإرهاب"، مؤكدة أن "هذا التعاون عنصر حاسم لضمان الأمن الإقليمي".



من بين منتقدي تلك الحالة الحقوقي والإعلامي هيثم أبوخليل، الذي وصف "تدريبات الجيش الأمريكي والمصري لحماية الحدود مع غزة واستهداف فريق يرتدي كوفية فلسطينية ومعهم أعلام سوداء والقضاء عليهم"، بأنها "مصيبة"، في "هذا التوقيت المرعب".



ولفت نشطاء إلى واقعة مماثلة للجيش المصري، جرت في تموز/ يوليو 2016، خلال حفل تخرج لطلاب "الكلية الجوية" بحضور رئيس النظام عبد الفتاح السيسي، ووزير الدفاع حينها صدقي صبحي، حين نفذت قوات تابعة للجيش المصري تدريبا على اقتحام "مسجد" على هيئة مجسم وإطلاق الرصاص عليه، واستهدافه وتدميره بالكامل.

استكمال لوحة البازل

وحول دلالات تدريب الجيش المصري والأمريكي على سيناريوهات قتالية ضد أفراد يرتدون الكوفية الفلسطينية، وما إذا كان يشير التدريب المشترك لاحتمال وجود خطط معدة يجري التدريب عليها بمواجهة الفلسطينيين والمقاومة الفلسطينية، تحدث السياسي المصري، رضا فهمي، إلى "عربي21".

رئيس لجنة الأمن القومي بالمجلس الشعب المصري سابقا، أكد أنه "خلال فترة حكم ترامب الأولى (2017-2021)، كان السيسي، أول من تحدث عن صفقة القرن في المنطقة، ما فجر التساؤلات حول ما هية تلك الصفقة وأبعادها وأطرافها وشروطها خاصة وأنه إعلان تزامن مع تفريغ سيناء من أهلها وتهجير القبائل من مدنهم وقراهم والإطاحة بهم خارج حدود رفح والعريش".

وأضاف: "أيضا ظهرت المدينة السكنية التي بنتها حكومة السيسي، بتلك المنطقة بعد تفريغها من السكان، وقيل إنها 750 ألف وحدة ما يعني أنها قادرة على استيعاب كل سكان غزة البالغين نحو 2 مليون نسمة، وذلك فضلا عن إغراق الأنفاق والشريط الحدودي العازل وكلها قرأها الجميع كمقدمات لصفقة القرن".




وتابع: "الآن نرى تصريحات تناقض الواقع الذي رسمه السيسي على الأرض، فيزعم أنه ضد التهجير، بينما هو أول من نصح إسرائيل بتهجير الفلسطينيين إلى صحراء النقب ثم إعادتهم بعض التخلص من حماس".

ومضى يؤكد أن "الأمر برمته مخطط لتصفية القضية الفلسطينية؛ الأمر الذي لن يحدث إلا بتواطؤ عربي خاصة من دول الطوق مصر والأردن، وجاء السيسي ليحقق لهم هذه الرغبة ويقوم بحصار 2 مليون فلسطيني وتجويعهم وتجريدهم من أدنى حقوق الإنسان، ليكون لا بديل لهم غير الهجرة".

وخلص للقول: "عندما تحدث مناورات عسكرية ويكون المستهدف فيها أشخاص يلبسون الكوفية الفلسطينية، فهذا يعني استكمال الجزء المتبقي من الصورة أو لوحة البازل، وهذا يعني تصفية القضية الفلسطينية بامتياز".

النجم الساطع.. ودلالة التوقيت

وانطلقت تلك المناورات بين 28 آب/ أغسطس الماضي، و10 أيلول/ سبتمبر الجاري، بمشاركة 43 دولة؛ منها 29 بصفة مراقب، و14 مشاركة بقوات تصل 7900 مقاتل في تدريب يشمل أنشطة برية، وجوية، وبحرية، لدول: (مصر، أمريكا، السعودية، قطر، العراق، اليمن، الأردن، الهند، بريطانيا، إيطاليا، اليونان، قبرص، جنوب أفريقيا، وقرغيزستان).

وتزامنت "النجم الساطع 25" في يوميها الأخيرين مع الاعتداء الإسرائيلي بـ14 صاروخا على العاصمة القطرية الدوحة 9 أيلول/ سبتمبر الجاري، ما تبعه تصاعد بمخاوف دول إقليم الشرق الأوسط، واضطرار  السعودية، والإمارات، لعقد اتفاقيتي دفاع مشترك منفصلة للأولى مع باكستان، ومع الهند للثانية.

وتكتسب مناورة هذا العام أهمية خاصة كونها تأتي في ظرف إقليمي يتزامن مع استمرار حرب الإبادة الدموية الإسرائيلية على قطاع غزة منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، مدة 713 يوما، ووسط إصرار إسرائيلي أمريكي على تنفيذ خطط تهجير الفلسطينيين إلى دول مجاورة وأخرى بينها مصر والأردن، ما تعلن القاهرة عن رفضه بشكل دائم.

ضمن مشروع عربي أمريكي

وفي تعليقه حول ما قد يكون لمصر من دور وفقا للخطط الأمريكية والإسرائيلية، قال الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني معين نعيم: "يبدو أن مصر ضمن مشروع عربي أمريكي مشترك، تضطلع بدور محوري في تنفيذ خطة تهدف تحويل غزة إلى نموذج مشابه للضفة الغربية، من حيث البنية الأمنية (المقبولة دوليا)، والمتعاونة فعليا مع الاحتلال".

وفي حديثه لـ"عربي21"، أكد أن "هذه الخطة، كما تشير المؤشرات، تستهدف تصفية أي مشروع مقاوم حقيقي، سواء كان شعبيا أو عسكريا، عبر تفكيك البنية الحاكمة للمقاومة في غزة أو إزاحتها عن المشهد تماما، سواء على صعيد الإدارة أو الحكم أو حتى الفعل الميداني المقاوم".

ويعتقد أنه "حال نجحت هذه الأطراف في فرض الاستسلام أو إخراج قوى المقاومة من المشهد، فإن الاحتلال سيسعى -كما جرى مرارا- إلى استغلال الفراغ لفرض شروط أكثر عدوانية، تتجاوز ما قبل الحرب، وتشمل، عدة أمور".

وأشار إلى "فرض مناطق عازلة واسعة النطاق، قد تتحول فعليا إلى مناطق تصنيف C جديدة، تحت سيطرة عسكرية مباشرة، أو تُسلّم تدريجيا للمستوطنين"، بجانب "بدء عملية تقطيع رسمي لقطاع غزة، من خلال هذه المناطق وطرق التفافية، وعزل مناطق عن أخرى بحجج أمنية، لتفكيك وحدة القطاع المكانية والديمغرافية".

ولفت إلى "استخدام هذه (المناطق العازلة) كنقطة انطلاق لاعتداءات عسكرية ممنهجة على المناطق السكانية والزراعية القريبة، تحت ذريعة (التهديدات الأمنية)، مما يفتح الباب أمام تهجير داخلي جديد".

ويرى أن "الهدف النهائي، كما يبدو، هو تفريغ غزة من أي قدرة ذاتية على الرفض أو المقاومة، وتحويلها إلى كيان خاضع، هش، غير قادر على أن يكون نقطة استناد لأي مشروع تحرري فلسطيني".

مصر وخطط ترامب ونتنياهو

وفق ما كتبته "Politico"، فإن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، يخططان لنقل دائم لفلسطينيي غزة إلى مصر والأردن، ما دفع خبراء ومحللون لوصف الخطة بـ"التطهير العرقي"، لشعب فلسطين.

وأفاد تقرير لموقع "The Times of Israel"، العبري بأن المخابرات الإسرائيلية تتبنى مقترحا بنقل سكان غزة إلى سيناء ما يتعارض مع أمن مصر القومي، ويثير غضبا شعبيا لما تمثله القضية الفلسطينية في العقل الجمعي المصري.

وتتحدث مصر الرسمية عن أن تهجير الفلسطينيين "خط أحمر"، معلنة عن خطة إعادة إعمار دون تهجير للسكان، وإقامة "مناطق آمنة" لهم بالقطاع، مع إدارة فلسطينية مؤقتة بدون حماس والسلطة، مع إشراف دولي.

وأدت عمليات القصف الإسرائيلي اليومي على قطاع غزة إلى نزوح  حوالي 400 ألف فلسطيني باتجاه جنوبي القطاع قرب الحدود المصرية، التي تشهد ضفتها الغربية نشر نحو 40 ألف جندي مصري، تحسبا لتهجير إسرائيلي قسري لهم أو هجرة عشوائية منهم هربا من القتل والجوع إلى سيناء.

وأثار رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، لغطا واسعا بتصريح له الثلاثاء الماضي، عن استعدادات بلاده حيال ملف تهجير الفلسطينيين أو دفعهم نحو الحدود المصرية، ما قوبل بمخاوف من وجود ترتيبات تجري في سيناء لاستقبال المهجرين الفلسطينيين بموافقة مصرية، وأن تصريحات مدبولي تمهد الشارع للقبول بالأمر.

مدبولي، قال: "لدينا خطط واضحة للتعامل مع أي تداعيات محتملة للأوضاع بالأراضي الفلسطينية، واستعدادات تشمل أجهزة الدولة والوزارات لمواجهة أي سيناريو"، ملمحا إلى "خطط طوارئ لوزارات الصحة والتموين لضمان توفير الاحتياجات الأساسية للأشقاء الفلسطينيين حال حدوث مستجدات".



وبينما تحدثت تقارير عن قرار مصري بتقليص التنسيق مع إسرائيل عقب الهجوم على قطر، أكدت "هآرتس" العبرية، أن العلاقات (الأمنية-المخابراتية) بين البلدين مستمرة كالمعتاد، فيما نقلت "هيئة البث العبرية" عن مسؤول إسرائيلي، أن التنسيق الأمني مع مصر والأردن والإمارات مستمر بشكل طبيعي.

وتحدثت هيئة البث عن دور مصري حالي داخل قطاع غزة، مشيرة إلى أن "الأسبوع الماضي شهد الانتهاء من بناء مصر لمجمع يضم مئات الخيام في منطقة دير البلح وسط قطاع غزة"، ما يعني وفق البعض ضرورة وجود قوات مصرية مصاحبة لتلك الأعمال.

وفي تموز/ يوليو الماضي، كشف وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي عن ملامح خطة أمنية متكاملة أعدتها القاهرة لما بعد الحرب الإسرائيلية الجارية على قطاع غزة، وإحدى نقاطها تدريب "قوات فلسطينية" من المتوقع أن تتولى مهام حفظ الأمن في القطاع فور انتهاء العمليات العسكرية.