نشرت صحيفة "فيدوموستي" الروسية
تقريرا سلطت خلاله الضوء عن المفاوضات التي احتضنتها مدريد بين
الولايات المتحدة الأمريكية والصين حول مستقبل تطبيق
التيك توك في إطار سعي الطرفين للتوصل إلى اتفاقية تنظم ملكية المنصة ووصولها إلى الأسواق.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21" إن المفاوضات اعتُبرت ناجحة بعد التوصل إلى اتفاق إطار بشأن مستقبل تطبيق التواصل الاجتماعي الشهير تيك توك.
وتضيف الصحيفة أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أشار في وقت متأخر من ليلة 16 أيلول/ سبتمبر إلى أن الاتفاق لا يزال يحتاج إلى مناقشة المزيد من التفاصيل، والتي من المقرر بحثها خلال المكالمة الهاتفية بينه وبين الرئيس
الصيني شي جينبينغ المقررة في 19 أيلول/ سبتمبر الجاري.
ونقلت الصحيفة عن "نيويورك تايمز" وقناة "سي ان بي سي" أن وزير الخزانة الأمريكي سكوت بيسنت ألمح إلى احتمال أن تكون ملكية تطبيق تيك توك مشتركة بين شركات خاصة أمريكية وصينية.
وأفاد بيسنت بأن جولة جديدة من المفاوضات التجارية بين الولايات المتحدة والصين ستُعقد خلال شهر تقريبًا في مكان آخر، كما شارك في المفاوضات عن الجانب الأمريكي الممثل التجاري جيميسون غرير، فيما مثل الجانب الصيني نائب رئيس مجلس الدولة خه ليفن والممثل التجاري لي تشينغ قانغ.
وذكرت وكالة شينخوا أن نائب رئيس مجلس الدولة الصيني، خه ليفن، دعا خلال المفاوضات الجانب الأمريكي إلى رفع القيود المفروضة على الصين "في أقرب وقت ممكن"، مؤكدا أن هذه الخطوة ضرورية لتهيئة أجواء إيجابية وضمان استقرار العلاقات الاقتصادية بين البلدين.
وفي مؤتمر صحفي لاحق، شدد الممثل التجاري الصيني لي تشينغ قانغ على أن الوفدين الأمريكي والصيني أجريا "حوارًا صريحًا، وعميقًاً وبنّاءً" حول القضايا التجارية والاقتصادية، مشيرًا إلى أن الطرفين توصلا إلى "اتفاقيات أساسية" لمعالجة المشاكل المتعلقة بتطبيق تيك توك عبر التعاون وإزالة الحواجز الاستثمارية وتعزيز التعاون التجاري والاقتصادي.
واستنادا إلى التصريحات النهائية للجانبين، قد تبرم الصفقة المحتملة حول التيك توك مقابل التنازل عن بعض الحواجز الاستثمارية القائمة، دون توضيح ماهيتها بشكل دقيق. وأكد لي مجددا أن الصين "لن تسعى تحت أي ظرف لتحقيق اتفاق على حساب التنازل عن مواقفها المبدئية".
وأفادت السفارة الأمريكية في الصين أن حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة القادمة من الولايات المتحدة إلى الصين بلغ في سنة 2023 نحو 126.9 مليار دولار. وفي المقابل، وصلت الاستثمارات الصينية المباشرة في الاقتصاد الأمريكي إلى 28 مليار دولار، ما يبرز الفجوة الكبيرة في تدفقات الاستثمار بين البلدين ويعكس طبيعة العلاقات الاقتصادية غير المتكافئة إلى حد ما.
وذكرت الصحيفة أنه في ظل الأخبار الواردة من مدريد، أعلنت الإدارة الصينية لتنظيم السوق أن نتائج التدقيق الأولي أظهرت انتهاكات محتملة للقوانين المحلية لمكافحة الاحتكار من قبل الشركة الأمريكية المصنعة لمعالجات الرسوميات إنفيديا. وتبيع الشركة حاليًا في الصين نوعاً واحداً فقط من أشباه الموصلات، في حين تظل مبيعات
التكنولوجيا الأكثر تقدماً محدودة بسبب قيود تصدير أمريكية.
وأطلقت بكين، قبل يوم واحد من بدء المفاوضات في مدريد، تحقيقين إضافيين: الأول يتعلق بالتمييز المحتمل ضد الشركات الصينية نتيجة سياسة الولايات المتحدة في تجارة الرقائق، بما في ذلك قيود التصدير وفحوصات التجارة والثاني يتعلق بشبهات البيع بأسعار منخفضة لبعض الرقائق التناظرية المستخدمة في أجهزة السمع، وأجهزة واي فاي ومستشعرات الحرارة.
ونقلت الصحيفة عن الباحث في الشؤون الأمريكية مكسيم تشيركاشين أن جولة المفاوضات في مدريد قد تكون فرصة للتوصل إلى حلول لتجاوز الحواجز التجارية القائمة بين الولايات المتحدة والصين، موضحًا أن هذه الحواجز تشمل مجموعة واسعة من القضايا، بدءًا من الرسوم القطاعية وصولًا إلى التعريفات على الطرود البريدية.
وأضاف تشيركاشين: "في الواقع، قد تكون النتائج مخيبة للآمال لكلا الطرفين، ما قد يؤدي إلى تمديد فترة الهدنة التجارية أو استدعاء جولة جديدة من المفاوضات".
وأشار تشيركاشين إلى أن الولايات المتحدة تمتلك قليل من أدوات الضغط على الصين التي لا تؤثر سلباً على الاقتصاد الأمريكي، بينما تواجه الصين تحدياً مماثلاً في قدرتها على ممارسة الضغط الاقتصادي دون الإضرار بمصالحها الخاصة.
ونسبت الصحيفة إلى سيرغي تسيبلاكو، الأستاذ في المدرسة الروسية العليا للاقتصاد، أن الولايات المتحدة أبدت اهتمامًا متزايدًا بالاستثمارات الصينية، رغم أنها لا تتعلق بالقطاعات الإستراتيجية.
وأوضح تسيبلاكو أن هذا الاهتمام يتماشى مع خطط ترامب في إطار سياسته لإحياء الصناعة الأمريكية وقطاعات أخرى، حيث قد تسعى واشنطن حاليًا إلى جذب استثمارات صينية في مجالات مثل التقنيات العالية. ومع ذلك، شدد تسيبلاكو على صعوبة التكهن بما تم التوافق عليه تحديداً بين الجانبين، مشيرًا إلى أن المفاوضات تركز حاليًا على اتفاقيات إطار عامة تحتاج إلى موافقة قادة الدول قبل أن تصبح نهائية.
مطلب الديمقراطيين
وأفادت وكالة رويترز بأن الديمقراطيين في اللجنة الخاصة بمجلس النواب الأمريكي المعنية بالمنافسة الإستراتيجية بين الولايات المتحدة والحزب الشيوعي الصيني، أوصوا فريق المفاوضات الأمريكي بقيادة ترامب بمطالبة الجانب الصيني بتقديم ضمانات للحد من فائض الإنتاج، فضلاً عن تنسيق السياسة الجمركية ضد الصين مع حلفاء واشنطن.
ويرى تشيركاشين أن الإدارة الأمريكية الحالية لن تعير اهتمامًا كبيرًا لتوصيات اللجنة الخاصة في مجلس النواب، ما دامت الأغلبية الجمهورية تسيطر على كلا المجلسين في الكونغرس، مؤكدًا أن هذه التوصيات لن تؤثر على سير المفاوضات الأمريكية الصينية.
ويتفق مع هذا الرأي الخبير الاقتصادي إيفغيني خوروشيلوف، مشيرًا إلى أن تحركات الديمقراطيين تهدف أساسًا إلى أهداف داخلية، وتذكّر الجمهور والأطراف السياسية بأولوياتهم فيما يتعلق بالعلاقات التجارية مع الصين.
وأضاف خوروشيلوف أن حل قضية فائض الإنتاج في الصين يتطلب إصلاحات هيكلية، وهو ما دأب كبار المسؤولين في إدارة بايدن على المطالبة به خلال زياراتهم للصين على مدى السنوات الأربع الماضية.
وأشار خوروشيلوف إلى أن إدارة ترامب تعتبر هذا النهج تدخلًا في الشؤون الداخلية للصين، مما يقلل من جدواه، ولذلك تركز المفاوضات التجارية حاليًا على تحديد المبالغ التي يمكن إجبار الصين على دفعها مقابل الوصول إلى السوق الأمريكية، والعائد المالي المحتمل من السماح للولايات المتحدة بالدخول إلى الأسواق الصينية.
وفي ختام التقرير، نقلت الصحيفة عن خوروشيلوف أنه يرى أن الأهداف الرئيسية لإدارة ترامب لم تتغير، حيث تسعى إلى كبح النمو الاقتصادي للصين وتقليص العجز في التجارة الثنائية، من خلال صفقة تجارية تضمن وصولاً أوسع للسلع الأمريكية إلى السوق الصينية، مع الحفاظ على رسوم مرتفعة بما يكفي على الصادرات الصينية إلى الولايات المتحدة.