ترددت
أصداء قرار مجلس مدينة دبلن لإعادة
تسمية حديقة يتسحاق
هرتسوغ باسم "
فلسطين
الحرة" في أرجاء دولة
الاحتلال، بزعم أن النقد المشروع إليها تحول إلى معاداة
للسامية، وأن المشروع الصهيوني الذي يُهاجم من الخارج، يقابله ضعف من الداخل.
وذكر نير
كيبنيس الكاتب في موقع ويللا أن "اسم "هرتسوغ" يعود إلى شخصين:
والد الرئيس الحالي، بوغي هرتسوغ، الرئيس الأسبق للدولة، وهو من مواليد بلفاست،
ونشأ في دبلن، وكذلك والده، جدّ الرئيس الحالي، الحاخام الأكبر للجالية اليهودية
في أيرلندا، وقد أُطلق الاسم على الحديقة قبل أكثر من 20 عامًا، كجزءٍ من احتفالات
الذكرى السنوية الـ3000 لتأسيس القدس المحتلة، أي أننا أمام لفتةٌ سياسيةٌ من مجلس
مدينة دبلن، تجاه الجالية اليهودية وتجاه إسرائيل على حدٍ سواء".
وأضاف
في
مقال ترجمته "عربي21" أن "رغبة
أيرلندا في التعبير عن تحفظاتها بشأن قرار سياسي من خلال اعتماد قرار سياسي جديد
مشروعة، لكننا أمام سياسة خاطئة وخطيرة، ولعلها جزء من الحراك التقدمي، الذي ينظر
إليه الليبراليون بعيون واسعة، في محاولة لإعادة كتابة التاريخ، وتكييفه مع المعايير
الجديدة للصوابية السياسية، وقد تكون علامة على تآكل أسس المشروع الصهيوني حول
العالم".
وأوضح كيبنيس أن "اعتبار تغيير اسم الحديقة على
أنه جزء من انتقاد إسرائيل، كما هو الأمر بجواز انتقاد أي دولة، نظرة سطحية
للقرار الإيرلندي، لأن الصور القاسية القادمة من غزة دفعت الكثيرين ممن ساندوا الإسرائيليين
إلى نسيان الصور الأكثر قسوةً من هجوم السابع من أكتوبر، ولذلك يجب أن نُقرّ بحقيقة
أنه في نظر الغرب، يُمكن اعتبار الرد الإسرائيلي على الفلسطينيين في غزة عقابًا
جماعيًا لسكان مدنيين أبرياء".
وأشار الكاتب إلى أنه "من السذاجة أن يتوقع ليبرالي إسرائيلي من مواطن غربي، يُشابهه في كل شيء
من الملابس، إلى الذوق الموسيقي، إلى مسلسله التلفزيوني المفضل، أن يفهم حاجته
لحماية حياته في بيئة معادية، وهذا مفهومٌ بشكل خاص عندما يتعلق الأمر بشعوبٍ ترى
في النضال الفلسطيني من أجل الاستقلال خصائصَ مشابهة لتلك التي خاضها آباؤهم
وأمهاتهم، خاصة في إقليم الباسك بإسبانيا وفي أيرلندا".
وأكد كيبنيس أن "النظرة الأوروبية الغربية للمقاومة الفلسطينية لما يعتبرونه
"احتلالًا إسرائيلياً" تُشبه ما عانوه مع آبائهم من احتلالات أجنبية،
وهو أمرٌ مفهوم، ويعتبرونه اضطهادا شائعا، نتيجة ارتباطٍ بين تيارين خطيرين: أولهما
تيارٌ من المهاجرين المسلمين الذي يستولي ببطء على ما كان يُعرف سابقًا بأوروبا، وثانيهما
من استبدلوا معاداة السامية الكلاسيكية بكراهية إسرائيل، التي يسمونها
"الكيان الصهيوني القائم على الاحتلال والاستغلال".
تؤكد
هذه القراءة الإسرائيلية المتشائمة أن قرار إيرلندا بتغيير اسم حديقة هرتسوغ إلى
اسم فلسطين جزء من حالة تنامي كراهية دولة الاخلال المُقنّعة في صورة صراع سياسي
مشروع، وكأننا أمام تهديد خارجي رافق المشروع الصهيوني منذ بدايته، وقد بلغت كراهيته
في العالم ذروتها.