في
الوقت الذي يزداد فيه تورط
الاحتلال في
غزة بسبب حربه الدموية العبثية، فإن أنظاره
لا تهمل الوضع الذي يوشك أن يشتعل في
الضفة الغربية، في ضوء الأزمة الاقتصادية، وتآكل
السلطة الفلسطينية، واليأس من الأجهزة الأمنية، وكلها عوامل تخلق واقعًا مُتفجرًا،
قد يأتي على هيئة انتفاضة شعبية ثالثة.
وذكر أمير
بار شالوم المراسل العسكري لموقع زمان إسرائيل، أنه "في الأسبوع المُقبل،
ستتلاقى ثلاثة أحداث مُقلقة للغاية من منظور إسرائيلي: جمعية الأمم المتحدة التي
ستُفتتح بإشارة اعتراف واسع بالدولة الفلسطينية، والعملية البرية لاحتلال مدينة
غزة الوشيكة، وأسطول الاحتجاج الجماهيري الذي يشق طريقه بالفعل إلى شواطئ غزة، ولا
يُبشر أيٌّ منها بالخير للأفق السياسي الإسرائيلي".
وأضاف
في
مقال ترجمته "عربي21" أن "المؤسسة
العسكرية تُطلق على الأسطول، الذي يُراقبه الإعلام حاليا، اسم كمين مُتعمد، وهو أكبر أسطول بحري يُرسل إلى غزة على الإطلاق، ويأتي
في وقت سياسي حرج للغاية بالنسبة للاحتلال، صحيح أن قرارا اتُخذ بإيقافه، كما حدث
مع أساطيل سابقة، بعد أن درس الجيش عدة بدائل مصممة لمنع السفن من الوصول، لكن
معظمها رُفض خوفا من التورط في مشاكل دولية، لذلك، من المرجح أن نرى مجددا صورا
للجنود وهم يصعدون على متن سفن مدنية، وأن نسمع عن نشطاء سلام يوجهون رسالة
أخيرة على وسائل التواصل الاجتماعي، قبل أن يختفوا".
وأكد
أنه "رغم ذلك، يُمثل الأسطول مشكلة صغيرة للاحتلال في هذه المرحلة، قياسا
بمشاكل كبيرة قادمة في الطريق، خاصة إن تم ربطها بشكل خطير بين العملية في غزة،
ورد الفعل العنيف ضد الاعتراف بدولة فلسطينية في الأمم المتحدة، وما قد تسفر عنه من
تداعيات فورية على الضفة الغربية، وهي ساحة دُفعت مؤخرا إلى الظل من بين القطاعات
المتحاربة الأخرى".
وأوضح أن "الضفة الغربية تغلي منذ فترة طويلة، ويرجع ذلك أساسا إلى الأزمة
الاقتصادية، فمنذ السابع من أكتوبر 2023، مُنع العمال الفلسطينيون من دخول الأراضي
المحتلة، ونادرًا ما تُحوّل حكومة نتنياهو أموال المقاصة للسلطة الفلسطينية، ويتولى
وزير المالية بتسلئيل سموتريتش دورين مؤثرين من وجهة نظره: فهو وزير المالية الذي
يوقف الأموال، ووزير في وزارة الحرب يُشجع ويُجهز أعمال البناء
الاستيطاني".
وبين الكاتب أنه "في ظل الوضع الراهن، يعيش الشعب الفلسطيني حالة من اليأس، وخاصة الأجهزة الأمنية، التي يتقاضى أفرادها أقل من نصف رواتبهم، ومع ذلك، يستمر تنسيقها
الأمني مع إسرائيل، لكن الجيش أجرى مؤخرا تقييمًا شاملا للوضع في الضفة الغربية، وأوضح
ضرورة تعزيز السلطة، مع أن هذا قرار أمني، وليس سياسيا، فوجود سلطة فاعلة ذات
آليات أمنية فعّالة مصلحة أمنية إسرائيلية، وبرز دليل على ذلك هذا الأسبوع، عندما
أنقذت قوات الأمن الفلسطينية مستوطنًا إسرائيليًا من مخيم الدهيشة للاجئين قرب بيت
لحم".
وأضاف شالوم أنه "لا يسع أي إسرائيلي أن يُخمّن ما كان سيحدث لو انتهى الحادث بعملية
إعدام لهذا المستوطن، وأين كان سيتجه الرد الإسرائيلي، خاصةً في ظل الحكومة
الحالية، مع العلم أنه طالما أشارت المؤسسة العسكرية لسياسة التآكل البطيء للسلطة
الفلسطينية، بهدف إضعافها، ويتماشى هذا مع معارضة وزراء اليمين الشديدة لأي نقاش
حول "اليوم التالي" في غزة، لإغلاق الباب أمام احتمال توليها مسؤولية
جزئية هناك".
وأكد
أنه "في مثل هذا السيناريو من الانهيار التدريجي، يبرز احتمال انقلاب
الأوضاع، وهو سيناريو متطرف ذُكر مؤخرا في تقييمات الوضع، ويؤكد الجيش أنه
لا توجد حاليا أي مؤشرات ميدانية على الأرض، أو في الحوار الجاري مع السلطة، لكن
القلق يكمن في سرعة تصعيده، من احتكاك محلي بين المستوطنين والفلسطينيين إلى تصعيد
يجتاح الضفة بأكملها، وليس صدفة أن يغير الجيش توزيع قواته استعدادا للعملية البرية
في غزة، تاركا قوة كبيرة من لواء المظليين النظامي للتعامل مع الضفة، وسينضم إليه
عدة كتائب احتياطية".
وأشار المراسل العسكري إلى أن "القلق الاسرائيلي يكمن في مزيج
من الاحتجاجات المدنية العفوية والتدهور الأمني، رغم سياسة الحرث المتشددة في الضفة، على عكس سياسة جز العشب التي سادت حتى السابع من
أكتوبر، وشملت إخلاء ثلاثة مخيمات للاجئين: نور شمس، طولكرم، وجنين، حيث تُدرك
المؤسسة العسكرية ازديادا في نطاق هذه العمليات، صحيح أنها هجمات معزولة، أقل
تنظيما، لكنها لا تزال مميتة قاتلة، مثل هجوم مفترق راموت في القدس المحتلة
مؤخرا، وانفجار قنبلة قبل أسبوع في مركبة للجيش قرب طولكرم، أصاب جنديين".
ويمكن
الاستنتاج من هذا التقدير الاسرائيلي أن مشكلة الاحتلال تكمن في غياب المعلومات
الاستخبارية المسبقة، سواء بسبب عفوية المهاجمين الفلسطينيين، أو بسبب محدودية
الدوائر المتورطة في التخطيط للهجمات، مما يُذكر الاحتلال بمدى تفاقم خطورة الوضع القائم
في الضفة الغربية: عسكريا وسياسيا، نتيجة عدم الاستقرار.