ذكرت صحيفة الأخبار
اللبنانية، استناداً إلى وثائق دبلوماسية غربية مصنّفة "سرية" ووقائع اجتماعات واتصالات جرت في آذار/ مارس ونيسان/ أبريل وأيار/ مايو 2025، أن رئيس الجمهورية جوزيف عون ورئيس الحكومة نواف سلام أبديا التزاماً مبكراً بالمضي في مشروع "حصر السلاح بيد الدولة"، رغم إقرار الأطراف الدولية بصعوبة هذا المسار.
وأكدت وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية روز ماري دي كارلو، خلال لقاء عُقد في نيويورك مطلع أيار/ مايو الماضي بحضور دبلوماسيين عرب وأجانب، أن عون وسلام مصرّان على متابعة هذا المسار، مشيرة إلى أن الرئيس عون يقترح صيغاً مثل "الاستراتيجية الدفاعية" التي تتضمن دوراً للمقاومة.
وأضافت دي كارلو، التي التقت مسؤولين أمريكيين وإسرائيليين وعرباً، أن الفرصة الزمنية لتحقيق تقدم في تنفيذ القرار 1559 "محدودة"، مع تسجيل الجيش اللبناني تقدماً جنوب الليطاني، غير أن سيطرة الاحتلال
الإسرائيلي على مواقع في الجنوب وفرضه مناطق عازلة وشنّه هجمات في العمق اللبناني تضعف قدرة الدولة على بسط سيادتها. ودعت العواصم الكبرى إلى "الضغط على إسرائيل للتراجع عن التصعيد".
وبحسب الصحيفة، حضرت اللقاء القائمة بالأعمال الأمريكية في الأمم المتحدة، السفيرة السابقة في بيروت دوروثي شيا، التي شددت على أن "إسرائيل منحت الحكومة اللبنانية فرصة للسيطرة على أراضيها"، مضيفة أن "على لبنان أن يمنع
حزب الله من إعادة بناء نفسه"، مؤكدة أن واشنطن "تمنح الشرعية لكل المخاوف الأمنية الإسرائيلية". وقالت شيا: "لقد آن الأوان لكي تقدم جميع الدول على تصنيف حزب الله منظمة إرهابية".
وفي المقابل، شدد مندوبا روسيا والصين على ضرورة إلزام إسرائيل بالانسحاب ووقف اعتداءاتها، وهو الموقف نفسه الذي تبناه المندوب البريطاني. أما المندوب الفرنسي فأوضح أن "عدم التزام إسرائيل بالانسحاب يعقّد المهمة، ويعزز سردية حزب الله الذي يقدّم نفسه قوة مقاومة وطنية".
وأشارت الأخبار إلى أن ما جرى في جلسة مجلس الوزراء يوم الجمعة 5 أيلول/ سبتمبر لم يكن انعكاساً لقناعة عون أو سلام بنزع السلاح، بل نتاج توازن القوى في لبنان وخشية من انزلاق الوضع إلى مواجهة تهدد النظام برمته، ما دفع جهات خارجية إلى التدخل لتخفيف الضغط على عون وسلام والتوصل إلى "تسوية مؤقتة".
أما في ما يتعلق بالموقف السعودي، فأكدت الصحيفة أن الرياض "شريك كامل" للولايات المتحدة وإسرائيل في برنامج نزع سلاح حزب الله، لافتة إلى أن التغيير الأخير في هوية المسؤول عن الملف اللبناني هدفه اختيار شخصية مقربة من ولي العهد محمد بن سلمان وتحمل عداءً شخصياً للحزب، ولها علاقات وثيقة مع المسؤولين الأمريكيين.
ونقلت الصحيفة عن دبلوماسي عربي أن التواصل قائم بين مسؤولين سعوديين وإسرائيليين عبر أكثر من قناة، وأن تل أبيب تراهن على دور الرياض في تقوية خصوم حزب الله داخلياً. كما خصصت المملكة ميزانية تُصرف وفق برنامج محدد حتى ربيع 2026 لدعم شخصيات سياسية وتحضير الساحة السنية لمواجهة الحزب في الانتخابات المقبلة.
وأشارت الصحيفة إلى أن الرياض، رغم تحفظها على شخصية نواف سلام، تتعامل معه باعتباره "رجل المرحلة"، وأجبرت شخصيات سنية أخرى على الاصطفاف خلفه، معتبرة إياه الممثل السياسي الأوحد للطائفة في الدولة.
وخلصت الأخبار إلى أن
السعودية تتبنى موقفاً "أكثر تهوراً" من الغربيين في ملف السلاح، إذ تحرّض علناً على مواجهة حزب الله في كل المنتديات وحتى في الشارع عند الحاجة، مؤكدة أن "كل من يحاول مواجهة الحزب سيكتشف أنه ليس بالقوة التي يروّج لها، وأن أطرافاً كبرى ستكون إلى جانب خصومه"، في إشارة مباشرة إلى الاحتلال الإسرائيلي.