سياسة عربية

مصدر لبناني لـ"عربي21": وزراء "حركة أمل" قرّروا المشاركة في الجلسة الحكومية المقبلة

المصدر أكد أن خطة الجيش لن تكون مقرونة بتوقيت للتنفيذ بل تعتمد على تفاهمات داخلية واستجابة جميع الأطراف لها- الأناضول
كشف مصدر في "الثنائي الشيعي" اللبناني ("حزب الله" و"حركة أمل") أن وزراء "حركة أمل" سيشاركون في جلسة مجلس الوزراء المقرر عقدها يوم الجمعة المقبل في القصر الجمهوري، أما وزراء "حزب الله" فلن يشاركوا حتى اللحظة، على أن يحسموا موقفهم النهائي خلال الساعات القليلة المقبلة، مستدركا: "لكن لا يمكن اعتبار ذلك بمثابة خلافات بين الطرفين، بل مجرد توزيع أدوار بينهما".

والوزراء المحسوبين على "حركة أمل" هم: وزيرة البيئة تمارا الزين، ووزير المالية ياسين جابر، في حين أن الوزراء المحسوبين على "حزب الله" هم: وزير الصحة ركان ناصر الدين، ووزير العمل محمد حيدر، بالإضافة إلى أن وزير الدولة لشؤون التنمية الإدارية فادي مكي يُعد الوزير الشيعي الخامس في الحكومة، لكنه مستقل إلى حدّ ما عن "حركة أمل" و"حزب الله".

وأشار المصدر، في تصريحات خاصة لـ"عربي21"، إلى أن "العمل جارٍ سياسيا على تقديم خطة للجيش اللبناني لحصر السلاح بيد الدولة، غير أن هذه الخطة غير مقرونة بتوقيت للتنفيذ، بل تعتمد على تفاهمات داخلية واستجابة جميع الأطراف لها".

وأوضح المصدر القيادي في "الثنائي الشيعي" أن "الجيش سيعرض خطته خلال الجلسة الوزارية المقبلة بشكل مؤكد"، لافتا إلى أن "تلك الخطة تستند إلى نقاط فنية، كما أن قائد الجيش، العماد رودولف هيكل، سيطلب عدم تسريبها إلى وسائل الإعلام انطلاقا من حرصه على الأمن القومي للبلاد".

وحول أبعاد مسألة سحب سلاح المخيمات الفلسطينية في لبنان، قال المصدر: "موضوع نزع سلاح المخيمات مطروح منذ عشرات السنين، غير أن تطبيقه يحتاج إلى حوار مع جميع الفصائل، التي يرفض عدد كبير منها التسليم. أما داخل حركة فتح فهناك رأيان: الأول يؤيد تسليما كاملا للسلاح، والثاني يرفض التخلي عن سلاح الكفاح المسلح، وهو ما يضع الحكومة اللبنانية أمام إحراج كبير داخليا".

واستطرد قائلا: "لكن سلاح المقاومة اللبنانية فموضوعه مختلف تماما؛ إذ إنه سيخضع لخطة حصر السلاح بيد الدولة وفقا لما ورد في البيان الوزاري الذي وافق عليه الثنائي. وهناك فرق كبير بين (نزع السلاح) و(حصر السلاح)، والتفسير بين الكلمتين يُعد موضوعا أساسيا في النقاش داخل الحكومة".

استراتيجية دفاعية جديدة

وعن طبيعة "الاستراتيجية الدفاعية" التي يطالب "الثنائي الشيعي" بإقرارها أولا، أجاب المصدر نفسه: "الاستراتيجية الدفاعية هي الحل الأسلم من أجل حصر السلاح بيد الدولة، وهذا ما نؤكد عليه مرارا وتكرارا".

وأضاف: "البداية تكون بتشكيل لجان فنية من قيادة أركان الجيش وأركان المقاومة للبحث بشكل سري حول القوة الموجودة وكيفية استخدامها لحماية الدولة. ومن خلال هذه اللجنة، التي يجب أن تعقد اجتماعاتها سرا، تُوضع خطة استراتيجية تبدأ بحصر قرار السلم والحرب بيد الدولة، كما يجب أن تحدد إطارا لكيفية الاستفادة من خبرات وقوة المقاومة ومقوماتها وقدراتها من أجل حماية لبنان".

وأشار المصدر إلى أن خيار التحرك الشعبي والنزول إلى الشارع باحتجاجات هادرة لا يزال واردا خلال الأيام المقبلة، خاصة في حال استمرار تأزم الأوضاع، مضيفا: "التعبير الشعبي خيار متاح ودستوري وقانوني في جميع دول العالم، وهو أحد الخيارات التي يمكن استخدامها عند انسداد آفاق الحوار بين الحكومة والثنائي داخل المؤسسات الدستورية".

وتابع: "من واجب الحكومة أن تستمع إلى آراء الوزراء الذين يُمثلون قوة ناخبة تخطت في الانتخابات الماضية عتبة 570 ألف صوت تفضيلي، وحصلت على كتلتين نيابيتين داخل البرلمان من أكبر الكتل، واستطاعت أن تحصر تمثيل مكوّن أساسي ومؤسس من خلال مرشحيها. أما متى سيتم اللجوء إلى التحرك الشعبي، فيمكن القول إنه يبنى على الشيء مقتضاه".

كما شدّد المصدر على أن "الظرف الإقليمي يلعب دورا محوريا في النقاش الداخلي؛ إذ إن أي خطوة مرتبطة بملف السلاح أو الاستراتيجية الدفاعية لا يمكن أن تُعزل عن التطورات الحاصلة في المنطقة، ولا عن طبيعة العلاقة بين لبنان والدول المؤثرة في المشهد السياسي والأمني"، مؤكدا أن "المعادلة التي يعمل عليها الثنائي ترتكز على ضمان الاستقرار الداخلي وعدم الانزلاق إلى مواجهة مفتوحة قد تهدد السلم الأهلي".

ولفت المصدر إلى أن "الحكومة الحالية أمام اختبار جدي وخطير للغاية، فإما أن تُظهر قدرتها على إدارة الملفات السيادية الكبرى بروح التوافق الوطني والمسؤولية، وإما أن تنزلق إلى مزيد من التجاذبات التي قد تشل أو تدمر عمل المؤسسات الدستورية"، مختتما بقوله: "المطلوب اليوم هو مقاربة عقلانية تحمي الدولة وتُعيد الثقة بها، وفي الوقت نفسه تحافظ على عناصر القوة التي يملكها لبنان في مواجهة أي اعتداء خارجي".

هدايا مجانية لإسرائيل

من جهتها، طالبت كتلة "الوفاء للمقاومة"، التي تمثل "حزب الله" في البرلمان، السلطة بمراجعة حساباتها، وأن "تتوقف عن تقديم هدايا مجانية للعدو، وتتراجع عن قرارها غير الميثاقي وغير الوطني في موضوع سلاح المقاومة، وتمتنع عن الخطط المزمع تمريرها بهذا الصدد، وتعود للاحتكام إلى منطق التفاهم والحوار الذي دعا إليه دولة الرئيس نبيه بري في محاولة لإيجاد مخرج للمأزق الذي أوقعت الحكومة نفسها والبلاد فيه نتيجة انصياعها للإملاءات الخارجية".

وأضافت الكتلة، في بيان أصدرته الأربعاء، ووصل "عربي21" نسخة منه، أن "أمام الحكومة سلسلة طويلة من الاستحقاقات الهامة في ظل التحديات الاستراتيجية الراهنة، ويأتي في طليعتها المبادرة إلى ترميم ما صدّعته من وحدة وطنية نتيجة تورطها بالقرار الخطيئة الذي يهدد الاستقرار، وكذلك الشروع في إعادة إعمار وترميم ما هدمته الحرب العدوانية الإسرائيلية الأخيرة، والقيام بواجباتها تجاه المواطنين والمتضررين".

وجاء في البيان أن "المواقف المتتالية لقادة العدو (إسرائيل)، فضلا عن داعميه الأمريكيين وكل الجهات الدولية الضامنة، تثبت بما لا يدع مجالا للشك أنه مصمم على عدم تنفيذ أي التزام من موجبات اتفاقه مع الدولة اللبنانية، الذي أُعلن في 27 تشرين الثاني/ نوفمبر 2024، سواء لجهة وقف الأعمال العدائية والانسحاب من النقاط المحتلة التي ازداد عددها، أو لوقف جرائم الاغتيالات واعتداءات القصف والنسف والتدمير والانتهاكات اليومية للسيادة".

وأردف البيان: "كما أن العدو ملتزم سياسة الابتزاز والسخرية إزاء أي إجراء تتخذه الحكومة اللبنانية، حتى ولو من قبيل موافقتها وتبنيها للورقة الأمريكية لحصر السلاح، المعروفة بورقة توم باراك، الذي بلغ صلفه حدّا يتبجح فيه بسقوط حدود سايكس–بيكو، معطيا الضوء الأخضر لإسرائيل بأنها تستطيع أن تفعل ما تشاء، حيث تشاء ومتى تشاء، دفاعا عن كيانها وأمنها ومصالحها".

وأكمل بيان الكتلة: "يجب على الحكومة أن تغادر مساحة الإرباك والعجز التي تراوح فيها، سواء من ناحية الالتزامات التي تعهدت في بيانها الوزاري بمعالجتها لتخفيف معاناة اللبنانيين المعيشية والاقتصادية، أو من ناحية التزامها تنفيذ اتفاق الطائف بشكل كلي متكامل دون انتقاء أو إساءة تفسير. وإنه لمن المضحك المبكي أن تبدأ انبعاثات روائح الفساد من حكومة تدّعي الإنقاذ والإصلاح، وأن تظهر في حال شلل، إلا حين يتعلّق الأمر بالانصياع للإملاءات الخارجية".

ترقب لبناني واسع

ويشهد لبنان ترقّبا واسعا قبل الجلسة الحكومية المقررة في 5 أيلول/ سبتمبر المقبل لاستكمال مناقشة خطة حصر السلاح بيد الدولة، ومن المقرر أن يعرض الجيش اللبناني خطته لكيفية معالجة أزمة حصرية السلاح خلال تلك الجلسة الحكومية، وسط جدل محتدم بين الأطراف اللبنانية.

ويعكس هذا الترقب القلق الشعبي والسياسي من تأثير أي قرار على الاستقرار الداخلي؛ إذ يعتبر هذا الملف الشائك حساسا يمسّ الأمن الوطني والسيادة اللبنانية، لا سيما في ظل تمسّك كل طرف بوقفه، وفي ظل ضغوط دولية وإقليمية متزايدة على بيروت.

وفي 19 حزيران/ يونيو الماضي، قدّم المبعوث الأمريكي توماس باراك، ورقة مقترحات إلى الحكومة اللبنانية، تضمنت نزع سلاح "حزب الله" وحصره بيد الدولة، مقابل انسحاب إسرائيل من خمس نقاط حدودية تحتلها في الجنوب، إضافة إلى الإفراج عن أموال مخصصة لإعمار المناطق المتضررة من الحرب الأخيرة.

وفي 5 آب/ أغسطس الجاري، أقرّ مجلس الوزراء اللبناني حصر السلاح، بما فيه سلاح "حزب الله"، بيد الدولة، وكلّف الجيش بوضع خطة لهذا الغرض قبل نهاية الشهر الحالي وتنفيذها قبل نهاية 2025.

فيما اتهم الأمين العام لحزب الله، نعيم قاسم، الحكومة اللبنانية بخدمة المشروع الإسرائيلي بمضيها في قرار حصر السلاح، وتوعد بخوض ما وصفها "بمعركة كربلائية" لمواجهة القرار، وقال إنه "لن تكون هناك حياة في لبنان إذا حاولت الحكومة مواجهة الحزب".

والأحد، أعرب رئيس البرلمان اللبناني، وزعيم "حركة أمل"، نبيه بري، عن انفتاحه على مناقشة مصير "سلاح المقاومة تحت سقف الدستور"، مؤكدا أن "العقول الشيطانية أخطر على لبنان من سلاح المقاومة الذي حرر الأرض والإنسان وصان الكرامة والسيادة الوطنية"، دون توضيح ماهية تلك العقول.