نفى مصدر قيادي في
حركة أمل اللبنانية، بشكل قاطع، صحة ما نشرته وسائل
إعلام حول وجود خلافات بين الثنائي الشيعي "
حزب الله" و"حركة أمل"،
مؤكدا أن "مثل هذه الأحاديث لا أساس لها من الصحة، وأن العلاقة بين الطرفين راسخة واستراتيجية، وتقوم على تنسيق
وثيق وتفاهم كامل في مختلف الملفات الوطنية والسياسية".
وكانت وسائل إعلام لبنانية وعربية قد قالت، خلال اليومين الماضيين، إن
الأزمة التي يشهدها لبنان على خلفية "الورقة الأمريكية" التي تدعو لنزع سلاح
حزب الله، أظهرت تباينا واضحا في المواقف بين حزب الله وحركة أمل بشأن طريقة الاعتراض
على القرار الحكومي، وسط تكهنات حول إمكانية اتساع الفجوة بين الطرفين خلال الفترة
المقبلة، وهو الأمر الذي يهدد تماسك التحالف الشيعي، على حد قولهم.
وقال المصدر القيادي في حركة أمل، والذي فضّل عدم الكشف عن هويته، إن "التقارير
التي تزعم وجود خلافات بين حزب الله وحركة أمل ليست جديدة؛ فهي تُنشر بين الحين والآخر،
لكنها تفتقر تماما إلى المصداقية، ولا تعكس حقيقة الشراكة المتجذرة بين الجانبين"،
لافتا إلى أن "أي تباين في بعض التفاصيل لا يمس جوهر هذه الشراكة التي أثبتت صلابتها
في كل المحطات المختلفة".
وشدّد المصدر، في تصريحات خاصة لـ"عربي21"، على أن "أي
محاولات خارجية أو داخلية لضرب وحدة الصف بين حزب الله وحركة أمل محكوم عليها بالفشل
الذريع، لأن العلاقة بين الطرفين بنيت على أسس صلبة وتجربة نضالية مشتركة، أثبتت صمودها
أمام مختلف الضغوط السياسية والأمنية التي شهدها لبنان والمنطقة طوال العقود الماضية".
واعتبر أن "الأولوية في المرحلة الراهنة يجب أن تكون للحفاظ على الاستقرار
الداخلي وتعزيز الوحدة الوطنية، بدل الانجرار خلف شائعات أو مشاريع تهدف إلى تفكيك
المكونات السياسية المتحالفة، لأن لبنان لا يحتمل أي انقسام إضافي في ظل التحديات الاقتصادية
والأمنية والسياسية الراهنة".
تنسيق قوي ومباشر
وأضاف: "علاقة حركة أمل مع حزب الله هي علاقة توأمة بين فصيلين حزبيين
كبيرين يتفقان على جميع الخطوط الاستراتيجية، وقيادتا أمل وحزب الله تتطابق مواقفهما
في المرحلة الراهنة حول مختلف القضايا، وفي مقدمتها الأزمة الحكومية المستجدة في لبنان،
التي تسبّبت فيها ورقة المبعوث الأمريكي توماس بارك".
وأشار إلى أن "القرار المُتخذ من الطرفين جاء نتيجة تنسيق قوي ومباشر
بين القيادتين، وانطلاقا من الثوابت الاستراتيجية التي تضع الحفاظ على السلم الأهلي
وعدم الإضرار به في صدارة الأولويات".
ولفت إلى أن "الحركة والحزب دفعا أثمانا باهظة في سبيل حماية العيش
المشترك بين جميع الأديان والطوائف"، معتبرا أن "الحوار بين جميع الأطراف
هو السبيل الأمثل والوحيد لتجاوز الأزمات المختلفة".
وانتقد المصدر ذاته، الأوساط الحكومية لـ "عدم اعتمادها مبدأ التشاور
في اتخاذ القرارات"، مؤكدا أنه "لو تم اعتماد الحوار منذ البداية، لما وصلت
الأمور إلى هذا المستوى من التعقيد، بل كان يمكن مدّ اليد لجميع الأفرقاء والأشقاء
العرب، والتركيز على معالجة ما دمّره العدوان الإسرائيلي".
حركة أمل لا تشارك في الاحتجاجات
وفي ما يتعلق بعدم مشاركة حركة أمل في الاحتجاجات الحالية التي ينظمها
أنصار حزب الله، شدد المصدر على أن "الحركة، منذ عشرات السنين، لا تدعو إلى مظاهرات
عشوائية، بل تعتمد الفعاليات المنظمة والهادفة، وفي مقدمتها مهرجان الوفاء للإمام موسى
الصدر الذي تنظمه سنويا منذ 47 عاما في 21 آب/ أغسطس من كل عام، ويعد من أكبر التجمعات
السياسية في لبنان".
وذكّر المصدر القيادي، بأنه "قبل جائحة كورونا، نجحت حركة أمل في
حشد أكثر من 750 ألف شخص في مدينة صور، تحت شعارات تدعو إلى الوحدة بين اللبنانيين،
لا تفريقهم".
وأوضح أن "حركة أمل امتنعت عن المشاركة في المظاهرات العشوائية منذ
حادثة شباط/ فبراير الماضي، حين شهدت بعض المناطق اللبنانية مسيرات بالدراجات النارية
رُفعت خلالها أعلام لحركة أمل وحزب الله، ما أدى إلى توترات هددت السلم الأهلي، خاصة
حينما دخلت المسيرات مناطق يتركز فيها مواطنين من أبناء طوائف أخرى"، مضيفا أن
"قرار الحركة منذ ذلك الحين يقضي بمنع أعضائها من الانخراط في أي تحرك إلا عبر
دعوة تنظيمية واضحة من قيادة الحركة نفسها".
وكانت وسائل إعلام قد قالت إن قيادة حركة أمل طلبت من أنصارها الامتناع
عن المشاركة في المسيرات الرافضة لقرار
نزع سلاح حزب الله، وفضّلت التعامل معه عبر
قنوات سياسية ودبلوماسية.
وحول طبيعة التجمعات الشعبية الجارية حاليا والرافضة لقرار نزع سلاح حزب
الله، نوّه المصدر نفسه، إلى أن "حزب الله نفسه لم يمنع هذه التجمعات طالما أنها
بقيت حضارية ولم تسجل أي إشكالات"، معتبرا أنها "تعبير مشروع عن حرية الرأي
بأسلوب حضاري غير تخريبي ولا يمس بالخطوط الحمراء، وفي مقدمتها السلم الأهلي والعيش
المشترك".
لا استقالات من الحكومة
وفي الشأن الحكومي،
أوضح المصدر أن "جميع وزراء الثنائي الشيعي يشاركون حاليا في الجلسة الحكومية
المنعقدة اليوم الأربعاء في السراي الكبير (مقر رئاسة الحكومة اللبنانية)، ولن تكون
هناك أي استقالات من الحكومة حتى اللحظة الراهنة".
أما بخصوص مدى التوافق اللبناني بشأن "الورقة الأمريكية"، فأشار
المصدر إلى أن "النقاشات ما زالت مستمرة في دوائر خاصة، وسط قناعة بضرورة إعادة
النظر في تلك الورقة ضمن الإطار السيادي للحكومة اللبنانية"، مُعتبرا أن القرار
الحكومي الحالي في هذا الملف "غير سليم وغير وطني وغير واقعي، ويستحيل تطبيقه".
وختم المصدر القيادي في حركة أمل بالتأكيد أن "فرص التوافق بين الحكومة
والثنائي الشيعي قائمة دائما، وأن المواقف في لبنان يمكن أن تتبدل بين ليلة وضحاها،
حتى في أشد الأزمات تعقيدا".
وفجّرت خطة الحكومة اللبنانية لتنفيذ "الورقة الأمريكية"، قبل
أيام، عاصفة سياسية فورية، حيث انسحب وزراء "حزب الله" و"حركة أمل"
من جلسة مجلس الوزراء، يوم الخميس الماضي، احتجاجا على طرحها، معتبرين أنها تمس جوهر
التوازن الداخلي.
وكانت الحكومة اللبنانية أعلنت تأييدها للخطوات المقترحة في "الورقة
الأمريكية" التي تشمل حصر السلاح بيد الدولة ونشر الجيش اللبناني جنوب البلاد.
وفي المقابل، رفض "حزب الله" موقف الحكومة، وأصدرت الكتلة البرلمانية
التابعة له بيانا شديد اللهجة، أعربت فيه عن رفضها القاطع لموقف الحكومة، الذي وصفته
بـ"الانقلاب الخطير".
كما اعتبرت "حركة أمل" ، التي يتزعمها
رئيس مجلس النواب نبيه بري، أن الحكومة "استعجلت" فيما يتعلق بقرارها الخاص
بحصر السلاح في يد الدولة، داعية إياها لـ"تصحيح" موقفها.