تشهد قيمة
الليرة السورية تراجعا مقابل العملات الأجنبية، في الوقت الذي عزت فيه مصادر لـ"عربي21" الانخفاض الملحوظ إلى جملة مسببات، أبرزها توجه الحكومة السورية إلى استبدال العملة الحالية بأخرى جديدة، وحذف صفرين منها.
ففي الأسواق تجاوز حاجز الدولار الأمريكي الواحد 11 ألف ليرة سورية، مرتفعاً بمقدار 200 ليرة، وهو ما أدى إلى ارتفاع في أسعار السلع، فاق نسبة غلاء الدولار، وفق ما رصدت
"عربي21".
عدم يقين بالليرة
ويستعرض الباحث والخبير
الاقتصادي يونس الكريم أكثر من سبب لتراجع قيمة الليرة في الفترة الحالية، مؤكداً لـ
"عربي21" أن إعلان الحكومة السورية عن خطة استبدال العملة الحالية أسهم في زيادة تراجع الليرة، وأوضح، أن إعلان الحكومة عن خطة استبدال العملة، دفع بالتجار والصناعيين إلى الإسراع في التخلص من السيولة النقدية، نتيجة عدم اليقين بمستقبل العملة السورية.
وكان حاكم مصرف
سوريا المركزي، عبدالقادر الحصرية، قد كشف أن تصميم العملة الجديدة دخل مراحله النهائية، وسيتم تنفيذه على أيدي شركات متخصصة باستخدام أحدث التقنيات، وأكد أن خطة الاستبدال تتضمن مراحل واضحة، تبدأ بمرحلة تداول متزامن للعملتين القديمة والجديدة، ثم مرحلة الإحلال التدريجي، وصولًا إلى التبديل الكامل عبر المصرف المركزي خلال خمس سنوات، وفق قانون السلطة النقدية.
بجانب استبدال العملة، أشار الكريم إلى مساهمة حملات التبرع التي تدعمها الحكومة السورية في المحافظات السورية، في زيادة نزيف الليرة، علاوة على حالة الجمود التي تُعاني منها الأسواق السورية في الفترة الحالية.
توقعات بخسائر أكبر لليرة
من جانبه، أكد الخبير الاقتصادي خيرو العبود، في حديث لـ
"عربي21" أن تراجع قيمة الليرة كان أمراً متوقعا، مرجحاً أن تشهد الليرة خسارات كبيرة في القيمة، على المدى القريب، وأوضح أن الليرة السورية استعادت بعض عافيتها في الفترة التي تلت سقوط النظام، لكن التوقعات كانت تصب في أن سعر الليرة سيعاود التراجع، بعد أن انتهت المضاربات التي أوصلت قيمة الليرة إلى ما دون حاجز 10 آلاف ليرة مقابل الدولار الواحد.
وتابع العبود، بأن الليرة السورية تحسنت ظاهرياً في الفترة الماضية، وجاء "استبدال العملة" ليضع الليرة في مأزق جديد، مع توجه غالبية السوريين إلى التخلص من الأموال السورية لديهم، بتحويلها إلى الذهب أو الدولار.
الليرة مُخترقة
وضمن تفسيره لأداء الليرة، أشار الخبير الاقتصادي إلى ما وصفه بـ"اختراق الليرة" من قبل روسيا وإيران، موضحاً أن "روسيا وإيران كانتا تطبعان العملة السورية في زمن النظام البائد، والأخير كان يُغطي العجز المالي بالطباعة أيضاً، ما أدى إلى وجود فائض نقدي سوري، وهذا بدون شك سيؤدي إلى مزيد من الخسائر في قيمة الليرة".
في السياق ذاته، أشار حاكم مصرف سوريا المركزي عبد القادر حصرية إلى معاناة الليرة السورية منذ عقود طويلة نتيجة طباعة نقدية غير مغطاة، ما أدى إلى تدهور قيمتها بشكل حاد، حيث تراجعت من ليرتين و20 قرشا عند بداية إصدارها مقابل الدولار، إلى أكثر من 16 ألف ليرة عند سقوط النظام، واعتبر أن استقرار سعر الصرف يتطلب بيئة اقتصادية وسياسية مريحة، مؤكداً أن دمشق ستشجع الإنتاج والاستثمار، وتوفر مقومات قوية لتحسين سعر الصرف على المدى الطويل.
ومنذ اندلاع الثورة عام 2011، فقدت الليرة أكثر من 90 في المئة من قيمتها أمام الدولار، وبعد سقوط النظام في كانون الأول 2024، تحسن سعر الصرف إلى مستويات تقارب 9 آلاف ليرة سورية للدولار الواحد، لكن عاودت الليرة مسيرة الهبوط ليتجاوز الدولار الأمريكي حاليا حاجز 11 ألف ليرة سورية.