صحافة دولية

هكذا يسعى المستوطنون لتطبيق نموذج غزة في الضفة.. "قتل لحل الدولتين"

الاحتلال عاد لمستوطنات جرى تفكيكها عام 2005- الأناضول
نشرت مجلة "إيكونوميست" تقريرا سلط الضوء على جهود المستوطنين الذين يتحركون في الضفة الغربية "لتخريب حل الدولتين".

وتناولت المجلة عودة أطفال للروضة في مستوطنة حوميش التي كانت من ضمن المستوطنات التي فككها أرييل شارون في عام 2005 بعد انسحابه من غزة حيث ويرى المستوطنون إن عودتهم والمدرسة التي بنيت بتمويل حكومي تأكيدا لسطوتهم اليوم على السياسة الإسرائيلية.

وقد تجرأوا وحلفاؤهم بسبب الحرب في غزة وهم يطبقون نفس الأساليب هناك في الضفة الغربية.

وقال وزير مالية الاحتلال بستلئيل سموتريتش في كلمة افتتاح  للروضة في حوميش: الأطفال الذي سيبدأون يومهم بالضحك والغناء هم الإجابة الحقيقية على كل من اعتقد أن المستوطنات سيتم اقتلاعها".

ولم يشر سموتريتش، وهو نفسه مستوطن وأحد أقوى أعضاء حكومة بنيامين نتنياهو، تحديدا إلى المستوطنات التي فككت عام 2005 في غزة ولكن منذ بدء الحرب هناك قبل 23 شهرا ، شارك في مسيرات دعت فيها الجماعات الدينية القومية علنا إلى تهجير 2.1 مليون فلسطيني يعيشون في قطاع غزة، وإلى توطين إسرائيليين جماعيا بدلا منهم وفق المجلة.


وذكرت الصحيفة، أن نتنياهو أكد أن إسرائيل لن تبقى في غزة، لكنه لم يعط أية إشارة عن الانسحاب منها، وقد يؤدي دمار غزة إلى تحقيق الرؤية البعيدة التي دافع عنها سموتريتش وحلفاؤه: سيطرة إسرائيلية دائمة وتشريد الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية.

ووصفت أوريت ستروك، وزيرة المستوطنات وزميلة سموتريتش في الحزب، الوضع العام الماضي بأنه "فترة معجزة".

 وحسب تلك "المعجزة" فقد دمرت نسبة 70 بالمئة من مباني غزة ودفع السكان المحاصرون إلى جيوب تغطي حوالي 25 بالمئة من مساحة القطاع بحسب المجلة.

وستتقلص هذه الجيوب أكثر مع تقدم الجيش الإسرائيلي، الذي بدأ هجومه على مدينة غزة، مرة أخرى. وقد شق الجيش الإسرائيلي طرقا جديدة تقسم الشريط الساحلي الضيق، بزعم أنها لأغراض عسكرية.

وأشارت المجلة، إلى أن المستوطنين يرسمون خرائط للتجمعات السكانية المحتملة التي تتوافق مع هذه المناطق. وتقوم منظمات المستوطنين بالفعل بتجنيد أشخاص للبؤر الاستيطانية المخطط لها.

وأوضحت، أن نفس الخطط ترسم في الضفة الغربية، حيث يعيش نصف مليون مستوطن بين 3.3 مليون فلسطيني، لكن قبضة المستوطنين على الأرض أهم من أعدادهم، وهي تشتد، فقد شق المستوطنون أكثر من 100 كيلومترا من الطرق الجديدة (للإسرائيليين فقط) عبر المناطق الفلسطينية على مدار العامين الماضيين، مما عزز الهيمنة الإسرائيلية.

وفي الوقت نفسه، منحت حكومة نتنياهو تصاريح لمشاريع بناء جديدة. في الشهر الماضي، أعطت الضوء الأخضر لبناء 3,750 منزلا للمستوطنين في الضفة الغربية، معظمها في مشروع E1، المرسوم استراتيجيا لتقسيم الضفة الغربية إلى نصفين ومنع التواصل الجغرافي في أي دولة فلسطينية مستقبلية.

ويعترف مسؤول إسكان إسرائيلي بأنه "لا يوجد طلب كبير الآن على هذه المنازل. لكن هدف المستوطنين هو ترسيخ سيطرتهم في أكبر عدد ممكن من النقاط".

وأردف تقرير المجلة، أنه إلى جانب السياسة الرسمية، يستخدم المستوطنون الترهيب لتوسيع سيطرتهم، فقد أجبروا أفرادا من المجتمعات الريفية الفلسطينية المعزولة على هجر منازلهم ومزارعهم.

وتابع، أن كثيرا ما حدث هذا بدعم ضمني من الجيش الإسرائيلي، الذي حمى المستوطنين في المواجهات مع الفلسطينيين. وينفي كبار الضباط أن تكون هذه سياسة رسمية ويزعمون أنها نتيجة "مبادرات غير مصرح بها" من قادة صغار وجنود أفراد.

ومع ذلك، فإن عمليات إسرائيل في الضفة الغربية تحاكي بشكل متزايد تلك التي تنفذها في غزة. فقد تحولت الهجمات على معاقل المسلحين في جنين وطولكرم، وهما مدينتان خاضعتان اسميا لسيطرة السلطة الفلسطينية، إلى حملات مطولة ألحقت الضرر بأحياء بأكملها وشردت حوالي 40,000 فلسطينيا.

وتعيد الحرب في غزة تشكيل الضفة الغربية، وهي جوهر أي دولة فلسطينية قادمة وإن بطرق أخرى كما ترى المجلة.

وتعتزم فرنسا وبريطانيا وكندا وأستراليا الاعتراف بالدولة الفلسطينية هذا الشهر. وقد تحذو دول غربية أخرى كانت في السابق حليفة قوية لإسرائيل حذوها.


وقد يكون الاعتراف رمزا قويا، لكنه لن يجعل الدولة الفلسطينية حقيقة واقعة، والأسوأ من ذلك، فهو يخاطر بتسريع وتيرة ما يحدث بالفعل على الأرض. وقد حث بعض الوزراء الإسرائيليين نتنياهو على ضم الضفة الغربية رسميا ردا على ذلك.

وكان نتنياهو قد اقترح ذلك سابقا. وعادة ما تأتي مثل هذه الدعوات خلال الحملات الانتخابية لحشد قاعدته القومية. لكنه تراجع تحت ضغط من أمريكا، ونتيجة لاتفاقيات إبراهيم، التي أقامت إسرائيل بموجبها علاقات دبلوماسية مع بعض الدول العربية.

ويقترح عدد من الوزراء الإسرائيليين خيارات متعددة، بدءا من ضم "رمزي" لبعض المستوطنات، وصولا إلى فرض السيادة الإسرائيلية على 82 بالمئة من أراضي الضفة الغربية، مع إبقاء المدن الفلسطينية الرئيسية في جيوب معزولة.

ويقول أحد المسؤولين: "لا يريد نتنياهو إثارة المشاكل، وهو سعيد بأن يظل الضم تهديدا، دون تحديد استراتيجية واضحة. تماما كما فعل بشأن غزة"، حتى لو ترددت إسرائيل في الضم، فإن سماح نتنياهو لشركائه اليمينيين المتطرفين بالتحكم في كل من غزة والضفة الغربية سيؤدي إلى نفس النتيجة الكارثية، للفلسطينيين الآن ولآمالهم في دولة مستقبلية.